Skip to content

بطلة من مصر..رحاب رضوان تتحدى الإعاقة وتصنع المجد

بطلة من مصر..رحاب رضوان تتحدى الإعاقة وتصنع المجد

المحرر: سماح ممدوح حسن - مصر

من قرية بسيطة في محافظة الشرقية بدلتا مصر، خرجت فتاة اختارت أن ترفع الأثقال وترفع معها سقف الأحلام، لم تكن رحلتها سهلة لكن إرادتها كانت أثقل من أن تهزها لحظات الضعف أو نظرات الشفقة أو التنمر، استطاعت أن تتغلب على كل العقبات، هى المصرية رحاب رضوان البطلة البارالمبية.

أُصيبت رحاب بشلل الأطفال في عمر عام ونصف، لتبدأ رحلة تحدٍ طويلة.،تقول إن عائلتها لم تعاملها يومًا بشكل مختلف عن إخوتها بل دعموها طبيًا وتعليميًا حتى تخرجت فى كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الزقازيق، أما بداية علاقتها بالرياضة فجاءت بعد التخرج حين التقت المدرب”عبد الحكيم فارس” الذي لاحظ شغفها برياضة رفع الأثقال لكنها لم تكن تعرف نقطة الإنطلاق ففتح لها باب الانضمام إلى نادي الشرقية.

رحاب رمضان تعطى التحية للجمهور في إحدى المباريات

في أول اختبار لها بالنادي رفعت 50 كيلوجرامًا. ليبشرها المدرب بأنها ستكون بطلة ذات يوم وهو ما تحقق بالفعل، رحلة صعبة ولكن مشرفة تُوجت خلالها بـثلاث ميداليات بارالمبية: برونزية في ريو 2016، فضية في طوكيو 2020، وذهبية في باريس 2024. واليوم، تسعى بكل قوة للتأهل إلى أولمبياد لوس أنجلوس 2028، وتحقيق إنجاز رابع غير مسبوق.

تؤمن رحاب أن الإعاقة لم تكن يومًا عائقًا. بل دافعًا لقوة داخلية حثتها على النجاح. تقول “طالما شعرت أن الإعاقة سلاح وليست عبئًا. ما دمت أملك الإرادة والعزيمة فأنا قوية بما يكفي لأحقق ما أريد”.
ومن اللحظات التي لا تنساها رحاب، تتذكر بفخر تتويجها في باريس وتمنت لو أن مدربها الراحل عبد الحكيم فارس كان حيًا ليشهد هذا الإنجاز. فقد كان أول من رأى فيها بطلة. وتقول أنه كان حاضرًا بروحه في لحظة رفعها العلم المصري على منصة التتويج.

النجاح لم يكن وليد الصدفة. تؤكد رحاب أن ما وصلت إليه هو ثمرة دعمٍ متكامل من أسرتها والدولة ممثلة فى رئيس الجمهورية ووزارة الشباب والرياضة وأيضا الرعاة وعلى رأسهم البنك الأهلي المصري، الذي دعمها منذ عام 2019. وتحكي رحاب بأن الرعاة لم يكونوا فى السابق يهتمون بالألعاب الفردية وربما كان التركيز بشكل خاص على كرة القدم والالعاب الجماعية. لكن الوضع تغير حاليا وبدأ الاهتمام بالألعاب الفردية التى يراها الرعاة بشكل مختلف عما مضى. وفى رياضة كرفع الأثقال تتطلب ممارستها تكاليف مالية باهظة في التغذية والتدريب والمعدات لن يستطيع اللاعب تحملها بمفرده لذا من الضروري وجود راعي لاستمرار النجاح وتحقيق بطولات.

وعن نظرة المجتمع، تقول إن الأمور تغيرت كثيرًا في السنوات الأخيرة خاصة بعد إعلان عام 2018 عامًا لذوي الإعاقة في مصر واطلاق مبادرة”قادرون باختلاف”. أصبح هناك مساواة ملحوظة بين الأبطال الأولمبيين والبارالمبيين وهو ما تعيشه اليوم بفخر. وتشير إلى أن “الخارج” كان سبّاقًا في احترام الأبطال ذوي الإعاقة لكن مصر الآن تخطو خطوات واسعة في هذا الاتجاه.

الرئيس السيسي يكرم رحاب رمضان

البطولة بالنسبة لرحاب ليست ميدالية فحسب بل شعور داخلي يولد من العزيمة. تصفها بأنها “حالة داخلية نابعة من الإحساس الحقيقي بالإنجاز والعمل والصبر والمثابرة”.

في الجانب الإنساني تتمنى رحاب لو أتيح لها تمثيل ذوي الإعاقة سياسيًا، لتتبنى سياسات تُحقق ما كانت تتمناه كرياضية. وأهم بند تضعه هو توفير الدعم الكامل لتطوير المواهب خاصة في الألعاب الفردية وتغيير النظرة النمطية التي كثيرًا ما تُحبط ذوي الإعاقة.
وتنتقد النظرة السائدة التي تُظهر ذوي الإعاقة ك”ضحايا” أو تفيض بالشفقة وتراها ضارة حتى إن كانت بنية طيبة. تقول “ما نحتاجه ليس العطف، بل الدعم والمساواة وإتاحة الفرص الحقيقية”.

وترى أن الإعلام العربي والمصري تحسن كثيرًا في تغطيته لقضايا ذوي الإعاقة لا سيما بعد مبادرة “قادرون باختلاف” لكنها تطالب بالمزيد من التوازن، وإبراز جميع النماذج وليس فقط أصحاب الميداليات لأن هناك من ينتظرون الدعم ليخرجوا طاقتهم المخفية.

وعن رؤيتها لبرنامج إعلامي يخص البارالمبيين لو اتيحت لها فرصة تقديم واحداً تؤكد أنها ستقدمه بلا أي فروق عن البرامج الرياضية الأخرى. تقول بثقة “ذوي الإعاقة يمكنهم فعل كل شيء وتحقيق الأحلام والمنافسة بندّية ونحن لسنا أقل من أحد”.

رحاب رمضان في صالة التدريب

وعن التغير في شخصيتها بين بداية مشوارها واليوم، تقول إنها كانت تشعر بنظرة شفقة من البعض. لكن ما يؤلمها أكثر هو الكثير من العائلات ممن يخفون أبناءهم من ذوي الإعاقة وهو ما يضر أكثر بهؤلاء الأبناء. لكنها فخورة بأسرتها التي دعمتها وعلّمتها لتصبح قدوة في المجتمع وصاحبة بطولات رفعت علم بلادها عاليا وصنعت لنفسها اسم يُكتب في التاريخ.

وعن مستقبلها، تخطط رحاب لتحقيق ذهبية رابعة في بطولة لوس أنجلوس، وتتطلع إلى بطولة العالم القادمة في أكتوبر التي تمثل محطة حاسمة في التأهل. أما عن ما بعد الاعتزال فهي لم تقرر بعد، لكنها تفكر جديًا في أن تنقل خبرتها إلى الجيل الجديد سواء من خلال التدريب أو العمل المجتمعي.
وتختم حديثها: “لا يوجد مستحيل وهو المبدأ الذى يجب أن يعتنقه ذوي الإعاقة. فقد كنت أحلم برفع 130 كيلو ورفعت 135. بالإرادة والعمل يمكن لأي شخص أن يغيّر مصيره. وانتظروني في الذهبية الرابعة”.

المقالة السابقة
“ذوي الإعاقة” بالكويت يشاركون في مبادرة العاصمة لتعزيز الصحة العامة
المقالة التالية
الحويلة تهنئ النادي الكويتي لذوي الإعاقة بتتويجه بطلاً لغرب آسيا