في لحظة غادرة اخترقت شظية رأس الطفلة الفلسطينية مريم إبراهيم، كسرت جمجمتها واستقرت داخل دماغها، لم تقتلها ولكن حولت حياتها لجحيم، وبدلت ملامحها البريئة، بعد أن اضطر الأطباء لإزالة العظمة الأمامية في الجهة اليسرى من رأسها، تناست مريم التي لم تكمل عامها الـ12 ألم الإصابة، لكن من حولها يسخرون من شكلها ويتنمرون عليها.

مريم تبكي بسبب التنمر
ظهرت مريم في فيديو قصير يدمي القلب، نشره الصحفي والمصور الفلسطيني عمرو طبش، عبر صفحته علي فيس بوك، وهي تبكي وتقول “حرموني من طفولتي، كنت جميلة جدًا قبل الإصابة، لكنهم الآن دائمًا يسخرون من شعري ورأسي”.

اليوم مريم لا تقاتل فقط من أجل الحياة، بل من أجل كرامة طفلة تنهشها سخرية الآخرين، تعاني من سوء تغذية، وآلام حادة في الرأس، وتشنجات متواصلة، وارتفاع خطير في درجات الحرارة، ومضاعفات تهدد حياتها في أي لحظة، تحتاج لعمليات جراحية وتجميلية عاجلة، قبل أن يخطف الجوع ونقص العلاج ما تبقى من براءتها.
بصوت يرتجف من الحزن تحكي أم لـ”جسور” عن معاناة طفلتها، تقول: “بعد الغداء تقريبًا الساعة 3 عصرًا، كانت مريم في الحمام تأخذ دوشا، وأنا كنت أغسل الملابس، فجأة سقط صاروخي على منزلنا، ما شفتها بعدها، أنا نفسي أصبت في الحنجرة، الوتر الأيسر أصيب بالشلل، ودخلت العناية المركزة خمسة أيام كنت فيها على أجهزة التنفس الصناعي، فاقدة الوعي، ما كنتش أعرف أي حاجة عن مريم”.

وتستكمل الأم كلماتها الموجعة: “بعد ستة أيام بس عرفت إن مريم أصبت في رأسها، وحدث كسر في الجمجمة وشظية استقرت في الدماغ، كانت على جهاز التنفس الصناعي، ولولا لطف الله ثم تعاون أحد الأطباء الأجانب، لفقدت حياتها. بعد أسبوع فاقت، لكن الجهة اليسرى من رأسها ما فيها عظم، شالوا العظمة بسبب النزيف، وهي لسه موجودة في ثلاجة المستشفى، لحد ما تستقر حالتها عشان يرجعوها بعد 3 أو 6 شهور، مريم تعاني كتير، لسه بتعاني من تشنجات، وسخونة، وأرق، وتعب، وصداع ما بيفارقها.”
وتستطر الأم المكلومة:” بنتي عايشة وجع يفوق أضعاف عمرها، أنا حزينة عليهاجدا، حزينة إنها مش بس بتتألم من الوجع جسدها، لكن كل ما تبص في المراية بتبكي، زعلانة على شكلها، على شعرها، وعلى شكل رأسها اللي اتغيّر، بحس إن صار جوة قلبها في حرب تانية”.

رسالة حب ومساندة
الصحفي والمصور الفلسطيني عمر طبش، قدم رسالة إنسانية تؤكد نبل مهنة الصحافة، عندما أعلن تضامنه مع مريم على طريقته الخاصة، حيث ظهر في فيديو وهو مع مريم في بيتها، وجلس أمامها، وفي يده ماكينة حلاقة وقام بقص شعره تضامنا معها وطمأنة لها، وقال طبش في مطقع الفيدية لمريم: “أنا جاي قدامك اليوم أحلق شعري عشان اثبتلك إن الجمال بالقلب مش بالشعر.”
واختلط أزيز ماكينة الحلاقة بإبتسامة بريئة من مريم، قد تنسيها وجع الإصابة وألم الجوع مؤقتا، حتى تجد مريم من يقدم لها يد العون وتجرى جراحة تجميلية تعيد لها ما نقص من عظام رأسها.