وُلد بضعفٍ في الجانب الأيمن من جسده، لكن روحه امتلأت بقوة عانقت المستحيل، وإرادة ملأت القلب، جعلته يركض حيث يظن الآخرون أنه سيتعثر.
وقف بطل مصر لألعاب القوي مصطفي فتح الله الشهير ب بولت، شامخًا، وهو يثبت للعالم أن الإعاقة قد تسكن الجسد، لكنها لا تجرؤ أن تمس الروح.
وسط أسرة تؤمن تحبه وتؤمن بقدراته، وأبٍ يشجعه على التحدى، تحولت رحلة الطفل المختلف بمرور السنوات إلى ملحمة، بطولات وميداليات ولحظات فرح فوق منصات التتويج.

مصطفي فتح الله لاعب منتخب مصر البارلمبي لألعاب القوي يحكي ل “جسور ” عن أهم محطات رحلته مع الإعاقة والرياضة، يقول:” منذ طفولتي أعاني من إعاقة في الجانب الأيمن من جسدي، لكنني لم أشعر يومًا بأي مشكلة، فقد غمرتني أسرتي بالحب واحتواني أبي بدعمه الدائم، وكنت أجد نفسي في الرياضة منذ سن صغيرة، مارست السباحة والكونغ فو، وكنت متفوقًا بين أقراني.
وفي عام 2004، حين دخلت مرحلة المراهقة، بدأ والدي يوجهني نحو أندية ذوي الإعاقة، وهناك أدركت لأول مرة أنني واحد من هذه الفئة، كانت البداية في نادي اللبان بالإسكندرية، وهناك حصلت على الميدالية الفضية في سباق 100 متر، والبرونزية في سباق 200 متر.
في عام 2007 جاء ترشيحي للمشاركة في الدورات العربية، لكنني لم أستطع بسبب دراستي. وبعد تخرجي عام 2008 في كلية التربية قسم لغة عربية، تفرغت تمامًا للتدريب، وبفضل الله ثم دعم والدي ووالدتي نفسيًا وماديًا، انضممت للمنتخب الوطني.
يقولت بولت المصري، لن أنسى دعم والدي المستمر رغم ضعف إمكانيات أندية ذوي الإعاقة، ولم تتوقف والدتي عن مساندتي يومًا.
ويكمل حديثه :” عام 2009 كان نقطة تحول حين انتقلت من نادي اللبان إلى نادي الإنتاج الحربي، وهناك بدأت أتقاضى أجرًا، ورغم بساطته إلا أنه منحني إحساسًا عميقًا أنني بدأت طريق العمل والاحتراف. ومن هنا انطلقت رحلتي نحو البطولات الكبرى.

وفي عام 2011 شاركت في دورة الألعاب الأفريقية في موزمبيق وحصدت الميدالية الفضية في سباق 100 متر والبرونزية في سباق 200 متر، ثم حققت الميدالية الذهبية في بطولة العالم في نفس العام.
وفي عام 2012 أحرزت ذهبية بطولة تونس الدولية، وكان ذلك من أجمل إنجازاتي.
واستطرد لاعب منتخب مصر البارلمبي لألعاب القوي :”وجاء عام 2016 ليكتب لحظة فارقة في حياتي، حيث تأهلت إلى نهائي سباق 400 متر في دورة الألعاب البارالمبية بمدينة ريو دي جانيرو بزمن 54.27 ثانية، ونجحت في حصد الميدالية الفضية في سباق 100 متر عدو، وكانت من أهم الميداليات التي أهديتها لمصر.

وفي عام 2017 نافست في بطولة العالم لألعاب القوى للمعاقين في لندن وحققت المركز الرابع في سباق 100 متر، ثم واصلت مشواري عام 2021 حيث أحرزت الميدالية البرونزية في سباق 400 متر خلال بطولة فزاع الدولية بدبي.
مكملا حديثه :” اليوم أفتخر بأنني جمعت خلال مسيرتي اكثر من ثماني ميداليات متنوعة بين الذهب والفضة والبرونز، وشاركت في أربع بطولات عالمية ودورتين بارالمبياد وحققت أرقامًا قياسية مرتين. لكن قبل كل ذلك، أفتخر أنني لم أتوقف أمام إعاقتي يومًا، وأن والدي ووالدتي كانا دائمًا سر قوتي في رحلة صعبة لكنها صنعتني كما أنا الآن”.