Skip to content

بيل ويذرز.. “المتلعثم” الذي أصبحت أغانيه نشيدا للصداقة والمساندة

بيل ويذرز.. “المتلعثم” الذي أصبحت أغانيه نشيدا للصداقة والمساندة

الولايات المتحدة- جسور- فاطمة الزهراء بدوي

في مثل هذا اليوم، 4 يوليو عام 1938، وُلد ويليام هاريسون ويذرز جونيور William Harrison Withers Jr في بلدة “سْلاب فورك” الصغيرة بولاية وست فرجينيا، لم يتخيل أحد أن هذا الطفل، الذي نشأ وسط مناجم الفحم، وواجه تلعثمًا في النطق منذ سنواته الأولى، سيصبح لاحقًا أحد أكثر الأصوات صدقًا وإنسانية في تاريخ الموسيقى الأمريكية.

لم يتلقَ تعليمًا موسيقيًا أكاديميًا، ولم يكن نجمه لامعًا مثل بعض أقرانه، لكنه امتلك شيئًا نادرًا: صوتًا يُشبه نصيحة من جدتك، وكلمات تشبه رسائل من صديق تعرفه منذ الطفولة. بات قادرًا على أن يغني عن الوحدة والخذلان والكرامة والدفء الإنساني، دون أن يرفع صوته أو يستعرض عضلاته الفنية. كل شيء في موسيقاه ظل بسيطًا، لكن خلف هذه البساطة كان يوجد عمق لا يُقاس.

قضى تسع سنوات في البحرية الأمريكية، يعمل ميكانيكيًا على متن الطائرات، ثم انتقل إلى لوس أنجلوس، يعمل في مصنع ويكتب الأغاني في وقت فراغه. اشترى جيتارًا مستعملًا، وسجل ألبومه الأول Just As I Am عام 1971، بإنتاج الموسيقي الأسطوري بوكر تي، ومن هناك بدأت قصة صعوده.

كان أول نجاح مدوٍّ له هو “Ain’t No Sunshine”، تلك الأغنية التي تتكرر فيها عبارة “I know” ٢٦ مرة ، لكنها لا تُمِل أبدًا؛ لأنها تعكس حالة شعورية متكررة في واقع الكثيرين: الحزن الذي لا يحتاج تفسيرًا. ثم جاءت
“Lean On Me”، التي أصبحت نشيدًا عالميًا للصداقة والمساندة، وغُنّيت في جنازات وأعراس، في ساحات الاحتجاج وفي غرف المستشفيات، من أمريكا إلى جنوب أفريقيا.
سر تميزه لم يكن في عدد الجوائز أو المرات التي تصدرت فيها أغانيه القوائم.. بل كونه فنانًا خالدًا هو قدرته على الإمساك بتفاصيل الحياة الصغيرة وتحويلها إلى أغاني عظيمة. مثل “Grandma’s Hands”، التي يحكي فيها عن جدته، وعن حكمة النساء المسنات، عن الحنان غير المشروط، وعن الأمان الضائع.
في “Use Me”، يعكس هشاشة العلاقات وازدواجية الشعور بالحب والاستغلال. وفي
‏ “Who Is He (And What Is He to You)”، يقدم واحدة من أكثر الأغاني توترًا ودهاءً عن الشك والغيرة.

على الرغم من نجاحه الساحق، اختار الانسحاب من الساحة الفنية في منتصف الثمانينيات. لم يسعَ وراء الشهرة، ولم يُصدر ألبومات جديدة رغم طلب الجمهور والنقاد. كانت لديه قناعة بأن ما قدمه يكفي، وأن الصمت أحيانًا أصدق من أي أغنية جديدة.

بعيدًا عن الأضواء، عاش حياة هادئة مع زوجته مارشيا وأطفالهما. حافظت زوجته على حقوقه الفنية، مما ضمن له حياة مستقرة دون الحاجة إلى التنازل عن نزاهته الفنية. ظل حاضرًا من خلال أعماله، التي استمر الفنانون في إعادة تقديمها، من غريس جونز إلى ميك جاغر، ومن كورين بيلي راي إلى مايكل كيوانيوكا.

حتى بعد وفاته في 30 مارس 2020، بقيت موسيقاه ملاذًا، خاصةً في زمن الأزمات. أثناء جائحة كورونا، انتشرت مقاطع لأطباء وممرضين وناس عاديين يغنون “Lean On Me” في لحظات العزل، وكأن ويذرز نفسه يمد يده عبر الزمن ليواسيهم.. غنّى لنا عن الحياة كما هي، عن الخوف والونس، عن اليد التي تربت على كتفك وتقول: “أنا دائماً هنا”.

المقالة السابقة
بريطانية على كرسي متحرك تبحر بمفردها في رحلة تستغرق 4 أسابع
المقالة التالية
طلاب مصريون يبتكرون تطبيق”تاتا” للكشف المبكر عن الإعاقة الحركية