تضاعف معدلات الإعاقة الإدراكية بين الشباب الأميركيين خلال عقد واحد

تضاعف معدلات الإعاقة الإدراكية بين الشباب الأميركيين خلال عقد واحد

المحرر: سماح ممدوح حسن-أمريكا

صدرت مؤخرا دراسة لجامعة يوتا الأمريكية تكشف ارتفاعًا مقلقًا في صعوبات التركيز والذاكرة بين من هم دون الأربعين

سجّلت الولايات المتحدة ارتفاعًا حادًا في معدلات الإعاقة الإدراكية خلال السنوات العشر الماضية، وفق دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة يوتا للصحة   University of Utah Healthونُشرت في مجلة Neurology التابعة للأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب.

وأظهرت الدراسة أن البالغين الأميركيين الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا هم الأكثر تأثرًا، حيث قفزت معدلات الإعاقة الإدراكية في هذه الفئة من 5.1% عام 2013 إلى 9.7% عام 2023، أي ما يقرب من شخص واحد من بين كل عشرة.

وقالت صوفيا فريزن، مديرة الاتصالات العلمية بجامعة يوتا للصحة، في تقريرها المنشور على موقع الجامعة عن هذه الدراسة، إن الإعاقة الإدراكية التي تُعرّف بأنها «صعوبة كبيرة في التركيز أو التذكّر أو اتخاذ القرارات نتيجة حالة بدنية أو عقلية أو عاطفية» تُعد أكثر أنواع الإعاقة شيوعًا بين البالغين في الولايات المتحدة.

وأوضح كا-هو وونج، الباحث في قسم علم المناعة العصبية بالجامعة والمؤلف الرئيسي للدراسة:

«صُدمت في البداية، فقد تضاعف عدد شريحة الشباب ممن أبلغوا عن إصابتهم بإعاقة إدراكية.»

وأضاف وونج أن هذه الزيادة المقلقة تكشف تحوّلًا اجتماعيًا وصحيًا يستدعي الدراسة العاجلة لفهم أسبابه وتداعياته.

الأسباب والفئات الأكثر عرضة

وقد حللت الدراسة أكثر من 4.5 ملايين استجابة استبيان بين عامي 2013 و2023، لتكشف أن الأشخاص ذوي الدخل المنخفض هم الأكثر عرضة للإصابة بالإعاقة الإدراكية. إذ ارتفعت النسبة بين من تقل دخولهم الأسرية عن 35 ألف دولار سنويًا من 8.8% إلى 12.6%.

ويرى الباحثون أن العلاقة بين الدخل والإعاقة الإدراكية متبادلة. فالضغط الاقتصادي يصعّب التفكير والتركيز، فيما تجعل الإعاقة الإدراكية من الصعب الحفاظ على وظيفة مستقرة أو ذات دخل جيد.

كما أظهرت النتائج أن وجود أمراض مزمنة، مثل السكتة الدماغية أو ارتفاع ضغط الدم، يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالإعاقة الإدراكية، إذ يمكن أن تؤدي هذه الحالات إلى خلل مباشر في وظائف الدماغ أو ترفع من احتمالية التدهور الإدراكي والخرف.

لماذا تزداد الصعوبات الذهنية؟

يرجّح فريق البحث أن العوامل الاقتصادية والنفسية تلعب دورًا رئيسيًا في تصاعد معدلات الإعاقة الإدراكية.

وقال وونج:

«العوامل الاقتصادية المجهدة، مثل عدم استقرار سوق العمل وتغيّرات بيئات العمل، يمكن أن تكون عاملًا ضخمًا. فهي تولد التوتر والتوتر بدوره قد يسبب الإعاقة الإدراكية»

وأضاف أن انخفاض الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالصحة النفسية ربما جعل الناس أكثر استعدادًا للإبلاغ عن صعوباتهم الذهنية، ما ساهم في ارتفاع الأرقام، لكنه أكد أن هذا العامل وحده لا يفسر الزيادة الكبيرة الملحوظة.

وأشار وونج إلى أن «الفئة العمرية بين 18 و39 عامًا قد باتت تعتبر الحديث عن هذه المشكلات أمرًا طبيعيًا، لكن من غير المرجّح أن يكون ذلك كافيًا لتفسير كل الزيادة، ولهذا نحتاج إلى دراسات إضافية»

كما استبعدت الدراسة تأثير جائحة كوفيد-19 على النتائج. إذ تم استبعاد بيانات عام 2020 من التحليل بسبب الظروف الاستثنائية للجائحة، مع التأكيد على أن الاتجاه التصاعدي للإعاقة الإدراكية بدأ منذ عام 2016 على الأقل.

تداعيات على الصحة العامة

يحذّر الباحثون من أن هذه الزيادة في معدلات الإعاقة الإدراكية تمثل تحديًا متزايدًا للصحة العامة، لأنها تعكس تجارب حقيقية تؤثر على علاقة الأفراد بالنظام الصحي وقدرتهم على العمل أو الدراسة.

ويقترح الفريق تنفيذ برامج توعية مجتمعية تساعد الأفراد على إدارة أمراضهم المزمنة، باعتبار أن تدهور الصحة النفسية والجسدية يغذي أحدهما الآخر. كما توصي الدراسة بتوجيه التدخلات نحو الفئات الأكثر عرضة، خصوصًا ذوي الدخل المحدود والمصابين بالأمراض المزمنة.

وعلى المستوى الفردي، شدّد وونج على ضرورة أن يتعامل الأطباء بجدية مع أي بلاغ من المرضى حول صعوبات في الذاكرة أو التركيز، قائلًا:

«قد تكون هناك طرق للتدخل المبكر، سواء عبر تمارين إدراكية، أو تعديل النظام الغذائي، أو معالجة عوامل الخطر القلبية مثل ارتفاع ضغط الدم. وعلى المرضى ألا يتجاهلوا الأمر، بل يتحدثوا مع أطبائهم ويأخذوه على محمل الجد»

وأكد الباحثون في ختام تقريرهم أن النتائج تستدعي تحركًا وطنيًا عاجلًا لرفع الوعي بالصحة الإدراكية، وتحسين خدمات التشخيص المبكر والعلاج الوقائي.

نُشرت الدراسة في مجلة Neurology بعنوان:

Rising Cognitive Disability as a Public Health Concern Among U.S. Adults: Trends from the Behavioral Risk Factor Surveillance System, 2013–2023.

وشارك في إعدادها باحثون من جامعة ييل (Yale University) ومستشفى ماساتشوستس العام (Mass General Brigham)، بتمويل من مؤسسة سوميـرا (Sumaira Foundation)، ومؤسسة سيغل للأمراض العصبية النادرة (Siegel Rare Neuroimmune Foundation)، وجمعية القلب الأمريكية (American Heart Association)، والمعاهد الوطنية للصحة (NIH)، بما في ذلك المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية.

المقالة السابقة
بودكاست ومنصة للتغيير.. رحلة «أليس وونج» في تمكين ذوي الإعاقة
المقالة التالية
مصر.. مبادرة لاستخراج الوثائق الرسمية مجانًا لذوي الإعاقة البصرية

وسوم

أمثال الحويلة (425) إعلان عمان برلين (501) اتفاقية الإعاقة (645) الإعاقة (148) الاستدامة (1144) التحالف الدولي للإعاقة (1116) التشريعات الوطنية (888) التعاون العربي (558) التعليم (87) التعليم الدامج (66) التمكين الاقتصادي (95) التنمية الاجتماعية (1138) التنمية المستدامة. (94) التوظيف (68) التوظيف الدامج (868) الدامج (60) الدمج الاجتماعي (673) الدمج المجتمعي (169) الذكاء الاصطناعي (90) العدالة الاجتماعية (78) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (549) الكويت (96) المجتمع المدني (1119) الولايات المتحدة (66) تكافؤ الفرص (1110) تمكين (93) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (557) حقوق الإنسان (81) حقوق ذوي الإعاقة (99) دليل الكويت للإعاقة 2025 (401) ذوو الإعاقة (162) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1072) ذوي الإعاقة (553) ذوي الهمم (61) ريادة الأعمال (428) سياسات الدمج (1096) شركاء لتوظيفهم (418) قمة الدوحة 2025 (686) كود البناء (486) لغة الإشارة (75) مؤتمر الأمم المتحدة (375) مجتمع شامل (1106) مدرب لغة الإشارة (675) مصر (104) منظمة الصحة العالمية (699)