يشهد قطاع غزة تفشياً غير مسبوق لمرض الشلل الرخو الحاد (AFP)، حيث تم تشخيص 110 حالات خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط، بعد أن كانت الحالات لا تتجاوز حالة أو اثنتين سنوياً في السنوات السابقة.
أكد د. أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال بمستشفى ناصر في خان يونس، أن تدمير محطات معالجة المياه بشكل منهجي هو السبب الرئيسي وراء هذه الكارثة الصحية، موضحا في تصريحات لصحيفة «الإندبندنت” البريطانية» أن «رؤية 110 حالات أمر لا يُصدق، هذا تفشي حقيقي»، مشيراً إلى أن الوضع يعد من أصعب التحديات الطبية التي شهدتها غزة منذ عام 2023.
وأوضح د. الفرا أن مرض الشلل الرخو الحاد يتطلب «وقتاً طويلاً للتعافي مع علاج صعب»، مشيراً إلى أن «نقص أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي وتحليل السائل النخاعي يجعل التشخيص الدقيق أكثر صعوبة».
ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، فإن 36% من حالات متلازمة جيلان باريه المبلغ عنها كانت لدى أطفال تقل أعمارهم عن 15 عاماً، فيما تؤكد تقارير طبية أن مستشفى ناصر ومستشفى الشفاء، وهما البؤرتان الرئيسيتان لتفشي المرض، سجّلتا وفاة ما لا يقل عن تسعة أشخاص بسبب التهاب الشلل الرخو الحاد حتى الآن.
وفي التقرير الذي نشرته “الإندبندنت” البريطانية، أكد مسؤولون طبيون فلسطينيون إلى جانب منظمة الصحة العالمية، أن العلاجات الحرجة والمنقذة للحياة غير متوفرة في أي مكان في القطاع. وأوضح د. الفرا أن علاج الجلوبولين المناعي الوريدي (IVIG)، الذي يمنع فشل الجهاز التنفسي، غير متاح في غزة، وكذلك الأمر بالنسبة لتبادل البلازما.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود في بيان صدر الخميس الماضي إن إسرائيل «تحرم سكان غزة عمداً من المياه»، مشيرة إلى أن السلطات الإسرائيلية لم توافق إلا على طلب واحد من كل عشرة طلبات استيراد لمواد تحلية المياه منذ يونيو 2024.
وحذر الأطباء من أن الحالات الشديدة قد تستغرق أشهراً للتعافي في المستشفى، لكن الطلب على الأسرّة مرتفع بشكل غير مسبوق، فيما أكد طبيب أسترالي غادر غزة مؤخراً أن جميع أسرّة العناية المركزة الخمسين في مستشفى ناصر ممتلئة يومياً.
وأكدت منظمة الصحة العالمية الحاجة إلى «وصول غير معوق للإمدادات الطبية» إلى غزة و«إعادة تأهيل أنظمة المياه والصرف الصحي والغذاء والصحة». بينما لا يزال السكان العزل، وخاصة ذوو الإعاقات الجديدة، يواجهون مستقبلاً غامضاً في ظل بنية تحتية مدمرة ونظام صحي منهك.