تقرير رسمي يثير الجدل حول وضع ذوي الإعاقة في سوق العمل البريطاني

تقرير رسمي يثير الجدل حول وضع ذوي الإعاقة في سوق العمل البريطاني

المحرر: محمود الغول - لندن
أشخاص من ذوي الإعاقة يحتجون على التخفيضات في مزايا الإعاقة في بريطانيا

على الرغم من أن البيانات الحكومية الرسمية تظهر انخفاضا في نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في سن العمل الذين يصنفون على أنهم «غير نشطين اقتصاديا»، إلا أن المملكة المتحدة لا تزال تواجه تحديا كبيرا يتمثل في وجود حوالي 4.1 مليون شخص من هذه الفئة خارج القوى العاملة.

هذا الرقم المثير للقلق الذي يشكل زيادة قدرها 700 ألف شخص منذ عام 2017، أصبح وقودا لخطاب سياسي وإعلامي يصف الوضع بأنه «أزمة متصاعدة» تهدد الاقتصاد الوطني، إلا أن تحليلا أعمق للبيانات يكشف عن قصة أكثر تعقيدا تتجاوز الأرقام السطحية وتتطلب فهما دقيقا للحواجز الحقيقية التي تواجه هذه الفئة من المجتمع، وفقًا لما ورد في موقع (DNS) المتخصص في شؤون ذوي الإعاقة.

المرض طويل الأمد.. السبب
يعد المرض طويل الأمد السبب الأول للخمول الاقتصادي بين الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث أكد ما يقرب من ثلاثة أخماس غير العاملين أن حالتهم الصحية تمنعهم من الانضمام إلى سوق العمل.
هذا الواقع يتناقض بشدة مع الخطاب الذي يصف هذه الفئة بالاعتماد على الرعاية الاجتماعية، ويكشف عن إخفاقات بنيوية في دعمهم.

يقول نشطاء في مجال حقوق الإعاقة إن الحل ليس في تشديد شروط الحصول على المزايا، بل في توفير بيئة عمل دامجة ومرنة تتناسب مع احتياجاتهم. يشمل ذلك توفير ترتيبات عمل مرنة، وتعديل أماكن العمل لتصبح سهلة الوصول، وضمان حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة التي تمكنهم من إدارة حالتهم الصحية بفعالية.

 16% من البالغين في سن العمل مع مرض أو ضعف أو إعاقة تحدّ من قدراتهم على المدى الطويل
16% من البالغين في سن العمل مع مرض أو ضعف أو إعاقة تحدّ من قدراتهم على المدى الطويل

تناقض بين الإحصاءات والخطاب السياسي
يثير التقرير الصادر عن مكتب تحسين الصحة والتفاوتات (OHID) تساؤلات جدية حول صدق الخطاب السياسي، فبينما يصر بعض السياسيين والإعلاميين على أن أعداد غير العاملين من ذوي الإعاقة تتزايد بشكل خارج عن السيطرة، تظهر الأرقام أن النسبة المئوية لهذه الفئة في انخفاض مستمر منذ عام 2015.على سبيل المثال انخفضت النسبة من 45.9% في عام 2015 إلى 39.9% في العام الماضي (2024).

هذا التناقض يشير إلى أن النقاش يتم توجيهه لأهداف سياسية أكثر من كونه يستند إلى الحقائق. يرى النقاد أن هذا التضليل يخدم أجندة تهدف إلى تبرير سياسات تقشفية وتخفيضات في الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، بدلا من معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة.

وعلى الرغم من انخفاض النسبة المئوية، فإن العدد الإجمالي للأشخاص غير النشطين اقتصاديا من ذوي الإعاقة زاد بشكل ملحوظ. يعود هذا الارتفاع إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم من ذوي الإعاقة في المملكة المتحدة بشكل عام، وهو ما يفسره الوعي المتزايد بالصحة العقلية والظروف الصحية الأخرى التي لم تكن تصنف كإعاقة في الماضي.
هذا التوسع في التعريف يعني أن المزيد من الناس يدخلون ضمن الفئة التي يتم احتسابها في الإحصاءات، مما يؤدي إلى زيادة العدد الإجمالي حتى لو كانت نسبة الخمول في انخفاض.

إخفاقات البرامج الحالية
على الرغم من وجود مبادرات مثل قانون المساواة وبرنامج «Access to Work»، إلا أن فعاليتها لا تزال محدودة، يرى الخبراء أن هذه البرامج لا تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة. بدلا من ذلك، فإنها تضع العبء على الأفراد لإثبات إعاقتهم واستحقاقهم للدعم، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى قرارات قاسية وعمليات تقييم مرهقة نفسيا.

تدعو الدكتورة روزا موريس وهي باحثة في لجنة الضمان الاجتماعي إلى تغيير جذري في النهج الحكومي. تؤكد على أن الحكومات يجب أن تتقبل حقيقة أن هناك أشخاصا لا يستطيعون العمل لأسباب صحية، وأن الحل يكمن في إزالة الحواجز التي تمنع من يستطيعون العمل من الانخراط في سوق العمل. يشمل ذلك التركيز على تحسين إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية والنقل، بالإضافة إلى تشجيع ثقافة العمل الشاملة التي تقدر التنوع.

العدد الإجمالي للأشخاص غير النشطين اقتصاديا من ذوي الإعاقة زاد بشكل ملحوظ
العدد الإجمالي للأشخاص غير النشطين اقتصاديا من ذوي الإعاقة زاد بشكل ملحوظ

تجاهل متعمد للبيانات الرسمية
من اللافت للنظر أن الأرقام الحكومية التي نشرها مكتب تحسين الصحة والتفاوتات (OHID) لم تحظ بأي اهتمام إعلامي يذكر، وهذا التجاهل المتعمد يظهر استعدادا لتجاهل الحقائق التي تتعارض مع الأجندة السياسية، فبينما تعلن وزارة العمل والمعاشات عن خطط لإنفاق 3.8 مليار جنيه إسترليني على دعم التوظيف، فإنها لا تزال ترفض الاعتراف بالانتقادات الموجهة إلى نظامها، وتواصل التركيز على الأرقام الإجمالية التي تخدم خطابها.

ويكمن السبيل الوحيد لمعالجة مشكلة الخمول الاقتصادي بين ذوي الإعاقة في التحول من ثقافة اللوم إلى ثقافة البحث عن الحلول، بدلا من اتهام الأفراد، يجب أن تركز الحكومة على معالجة الحواجز البنيوية التي تمنعهم من العمل، يجب أن يتم إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية ليشمل الدعم اللازم لمن لا يستطيعون العمل، وتوفير الدعم الكافي لمن يمكنهم العمل، مع التركيز على إزالة الحواجز في مكان العمل وتقديم برامج تدريب وتأهيل فعالة.

وتجاهل هذه الحقائق لا يضر بالأشخاص ذوي الإعاقة فحسب، بل يضر أيضا بالاقتصاد ككل، حيث تظل شريحة كبيرة من السكان خارج دائرة الإنتاج والنمو. وبدون فهم شامل لأسباب المشكلة، ستظل الحلول المقترحة قاصرة، وسيبقى هذا التحدي قائما، مما يترك الملايين من الأشخاص ذوي الإعاقة عالقين بين واقعهم والخطاب السياسي الذي لا يعكسه.

المقالة السابقة
«الصحةالعالمية»: 1.3  مليار شخص حول العالم يعيشون مع الإعاقة
المقالة التالية
«ليلتك يا عبيد النهاردة»..  مينا أبو الدهب «عملاق» الأداء في الدراما المصرية

وسوم

أمثال الحويلة (394) إعلان عمان برلين (397) اتفاقية الإعاقة (575) الإعاقة (122) الاستدامة (988) التحالف الدولي للإعاقة (963) التشريعات الوطنية (759) التعاون العربي (429) التعليم (71) التعليم الدامج (61) التمكين الاقتصادي (75) التنمية الاجتماعية (984) التنمية المستدامة. (70) التوظيف (56) التوظيف الدامج (726) الدامج (49) الدمج الاجتماعي (625) الدمج المجتمعي (148) الذكاء الاصطناعي (76) العدالة الاجتماعية (62) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (428) الكويت (74) المجتمع المدني (970) الولايات المتحدة (57) تكافؤ الفرص (965) تمكين (72) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (519) حقوق الإنسان (66) حقوق ذوي الإعاقة (86) دليل الكويت للإعاقة 2025 (370) ذوو الإعاقة (139) ذوو الاحتياجات الخاصة. (935) ذوي الإعاقة (483) ذوي الهمم (49) ريادة الأعمال (386) سياسات الدمج (952) شركاء لتوظيفهم (381) قمة الدوحة 2025 (572) كود البناء (372) لغة الإشارة (57) مؤتمر الأمم المتحدة (336) مجتمع شامل (959) مدرب لغة الإشارة (609) مصر (59) منظمة الصحة العالمية (630)