الهند – جسور – فاطمة الزهراء بدوي
يكشف تقرير حقوقي جديد عن واقع مؤلم يعيشه الأشخاص ذوي الإعاقة في الهند، داخل واحد من أهم أجهزة الدولة: جهاز الشرطة. فعلى الرغم من مرور تسع سنوات على إصدار قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (RPwD) لعام 2016، الذي ينص على تخصيص 4% من وظائف القطاع الحكومي لهم، لا تزال قوات الشرطة في مختلف الولايات والأقاليم الهندية مستثناة من هذا الالتزام.
التقرير الذي أصدره مركز الأبحاث القانونية والسياسات العامة باكتا Pacta، ومقره مدينة بنغالورو Bengaluru، يحمل عنوان “إتاحة العدالة للأشخاص ذوي الإعاقة في الهند: تقرير قائم على البيانات” يستند إلى تحليل واسع لممارسات الشرطة ويعرض صورة قاتمة عن غياب العدالة، مؤكدًا أن النظام القائم لا يراعي حاجات ذوي الإعاقة في مراحل مختلفة، مثل تقديم البلاغات، التحقيقات، الاعتقال، أو الإدلاء بالشهادات أمام القضاء.
يشير التقرير إلى غياب منهجي لعملية جمع البيانات حول تفاعل الشرطة مع ذوي الإعاقة، مما يجعل من الصعب تقييم مدى احترام حقوقهم أو إجراء أي إصلاحات فعلية، إذ لا توجد سجلات دقيقة أو منشورة توثق هذه التفاعلات، سواء في مرحلة تقديم البلاغ أو أثناء التحقيق أو أثناء المحاكمات، هذا النقص الحاد في الشفافية يعكس إهمالًا مؤسسيًا لا يمكن تجاهله.
ويكشف أيضًا أن غياب الوعي لدى الضباط يشكل حاجزًا إضافيًا أمام تحقيق العدالة، ورغم أن المادة 48 من قانون 2016 تنص على ضرورة تدريب عناصر الشرطة على كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن هذا البند لا يُنفذ فعليًا، معظم الضباط لا يتلقون تدريبًا يؤهلهم لفهم أو احترام احتياجات الأشخاص المختلفين بدنيًا أو ذهنيًا؛ وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعامل غير إنساني أو غير قانوني.
دعا مركز باكتا إلى إصلاح جذري، مطالبًا بإدراج منظمات المجتمع المدني في تصميم وتنفيذ برامج التدريب داخل أقسام الشرطة، مع دمج التوعية بالإعاقة ضمن المناهج الرسمية لتدريب الضباط الجدد، كما أوصى التقرير بتحديد الوظائف المناسبة لكل نوع من الإعاقة والإعلان عنها بوضوح، مع توفير التعديلات اللازمة لتأدية هذه الوظائف.
وفيما يتعلق بالبنية التحتية، سلّط التقرير الضوء على واقع مزرٍ داخل مراكز الشرطة، حيث ما زالت كثير من المراكز غير مجهزة، رغم المبادرات الحكومية مثل حملة “الهند المتاحة” وتوجيهات وزارة الشؤون الداخلية لعام 2021. حتى المراكز الحديثة غالبًا ما تعاني من سلالم غير مجهزة، دورات مياه غير صالحة، أو مداخل لا تراعي احتياجات الكراسي المتحركة.
التقرير هو جزء من دراسة شاملة تناولت أيضًا وضع ذوي الإعاقة في السجون، والمحاكم، ومكاتب المساعدة القانونية. وأوصى التقرير بالالتزام بتجميع البيانات بما يتماشى مع المادة 31 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب نشر نتائج تقييمات البنية التحتية والتعديلات المنطقية علنًا، لضمان الشفافية والمحاسبة.
كما شدّد على ضرورة تطبيق الأحكام القضائية البارزة، مثل حكم المحكمة العليا في قضية رافيندر كومار دهاريوال Ravinder Kumar Dhariwal ضد اتحاد الهند، الذي أكّد أحقية ذوي الإعاقة في التوظيف داخل قوات الشرطة والجهات شبه العسكرية في أدوار مناسبة لقدراتهم.