.png)
اختار جاسم مبارك قبل ثلاثة عقود مضت أن يكون صوتًا لمن لا يُسمع صوتهم ، وحمل على عاتقه رسالة دمج الصم في البحرين في الملاعب والصالات الرياضية، لإيمانهم بأن وراء اختلافهم قدرات وطاقات تحتاج لإدارة رشيدة.
وعلي مدار هذه السنين تفانى في العطاء والعمل التطوعي لخدمة ذوي الإعاقة، وساهم في تأسيس بنية رياضية متكاملة للصم في مملكة البحرين، وشارك في إحداث نقلة نوعية امتدت من المحلية للتجاوز المحيط الخليجي والعربي.
في هذا الحوار الخاص مع «جسور »، يحكى جاسم حسن إبراهيم مبارك، نائب رئيس الاتحاد البحريني لرياضات الصم، أسرار تجربته الثرية منذ بداياته في عام 1993 وحتى اليوم، والتي توجت بتأسيس أحد أهم الاتحادات المتخصصة في رياضات الصم في المنطقة العربية، ويتحدث عن رؤيته لمستقبل الاتحاد البحريني في السنوات المقبلة.
في البداية، بداية مسيرتك في مجال رياضة الصم؟
بدأت مسيرتي في العمل مع فئة الصم تحديداً منذ عام 1993 وقد تبوأت العديد من المناصب المحلية والدولية، وأهمها الأمين العام للجنة التنظيمية لرياضة ذوي الإعاقة بدول مجلس التعاون لدول الخليج، ورئيس اللجنة الفنية لرياضة ذوي الاعاقة بدول مجلس التعاون لدول الخليج، وأمين عام اللجنة العربية لرياضة الصم، ونائب رئيس الاتحاد البحريني لرياضة المعاقين، ورئيس لجنة الإعاقة السمعية بالإتحاد البحريني لرياضة المعاقين، وأمين السر العام بنادي الصم البحريني الرياضي.
كان الانخراط في هذا المجال شغفاً قادني إلى المساهمة في تأسيس وتطوير البنية التحتية لرياضة الصم في المملكة، إيماناً بقدراتهم الهائلة وحقهم في المنافسة والتميز.
في عام 1993، نظرًا لكوني أحد منتسبي الاتحاد البحريني لرياضة المعاقين، الذي كان يقع على عاتقه خلق وتنظيم كافة الأنشطة الرياضية لذوي الإعاقة، ومن ضمنها الصم، ولعدم وجود كيان رياضي خاص بالصم، فقد تقرر إنشاء لجنة الإعاقة السمعية، والتي من مهامها إدارة وعمل برامج متكاملة للصم، والمشاركة في الأنشطة والبطولات المحلية والخليجية والدولية، وقد أُسندت لي مهمة رئاسة اللجنة.
كيف تروى الدور الذي يؤديه الاتحاد البحريني لرياضات الصم في الوقت الحالي؟
الاتحاد يؤدي دورًا محوريًا في تمكين فئة الصم رياضيًا واجتماعيًا، من خلال توفير بيئة رياضية تناسب احتياجاتهم، وتنظيم بطولات محلية ومشاركات خارجية تُبرز قدراتهم، كما يعمل على تعزيز الدمج الرياضي بين الصم وبقية فئات المجتمع، بالتعاون مع الهيئة العامة للرياضة، واللجنة الأولمبية البحرينية، واللجنة البارالمبية البحرينية، وباقي الاتحادات الرياضية.
متى تأسس الاتحاد البحريني لرياضات الصم، وما هي الظروف التي أدت إلى إنشائه؟
تأسس الاتحاد رسميًا في عام 2019 بقرار صادر من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، بعد جهود طويلة من سعادة الشيخ محمد بن دعيج آل خليفة، والرياضيين الصم، والمهتمين بحقوقهم، بهدف توفير مظلة رسمية تُنظم مشاركاتهم، وتطور مهاراتهم الرياضية، وتمنحهم فرصًا متساوية للمشاركة في البطولات المحلية والدولية مثل بقية الاتحادات الرياضية.
ما الرؤية والرسالة التي انطلق منها الاتحاد عند تأسيسه؟
الرؤية: أن يكون الاتحاد نموذجًا رائدًا في تمكين الرياضيين الصم ودمجهم في المجتمع الرياضي المحلي والدولي.
الرسالة: تطوير رياضة الصم في مملكة البحرين من خلال التدريب، والتأهيل، وتوفير الفرص للمشاركة، وتعزيز التواصل مع الاتحادات الدولية المتخصصة.
ما أبرز الأهداف التي يسعى الاتحاد إلى تحقيقها لخدمة الرياضيين الصم في البحرين؟
-
اكتشاف وصقل المواهب الرياضية من فئة الصم.
-
تمثيل البحرين في البطولات الإقليمية والدولية.
-
رفع كفاءة الكوادر الفنية والإدارية العاملة في هذا المجال.
-
تعزيز ثقافة الرياضة كوسيلة لدمج الصم في المجتمع.
-
إنشاء مراكز تدريب وبرامج نوعية مستدامة لفئة الصم.
-
منتخب البولينج البحريني للصم
ما هي المهام الأساسية التي يقوم بها الاتحاد؟
ينظم الاتحاد البطولات المحلية لرياضات الصم، ويُشرف على تدريب المنتخبات الوطنية، كما يتولى التنسيق مع اللجنة الأولمبية البحرينية والهيئة العامة للرياضة و اللجنة البارالمبية والاتحاد الدولي لرياضات الصم، بشأن المشاركات الخارجية، إضافةً إلى ذلك، يعمل على إعداد البرامج التدريبية وورش التطوير للمدربين والمترجمين بلغة الإشارة.
ما الفئات التي تستفيد من خدمات الاتحاد وبرامجه؟
الفئة الأساسية هي الرياضيون الصم من الجنسين في مختلف الأعمار، كما يستفيد المدربون والمترجمون والإداريون العاملون مع فئة الصم، إضافة إلى أولياء الأمور عبر البرامج التوعوية المصاحبة.
كيف يتم تنظيم العمل داخل مجلس إدارة الاتحاد؟
يعمل المجلس ضمن هيكل إداري واضح، يرأسه رئيس الاتحاد، وتندرج تحته لجان فنية وتنظيمية وإعلامية ومالية، وتُعقد الاجتماعات الدورية لمتابعة سير العمل واتخاذ القرارات، ويتم توزيع المهام وفق التخصص لضمان الكفاءة والشفافية في الأداء.
ما أبرز الإنجازات التي حققها الاتحاد منذ تأسيسه حتى اليوم؟
-
تحقيق المركز الثاني في بطولة الصداقة الخليجية لكرة قدم الصالات.
-
تحقيق عدة ميداليات في بطولات التايكوندو.
-
تنظيم أول دوري محلي لرياضات الصم في البحرين.
-
تنفيذ برامج صيفية وتوعوية مخصصة للصم.
-
بناء علاقات تعاون مع الاتحادات الخليجية والعربية.
هل يمكن أن تذكر لي قصص نجاح لعدد من الرياضيين الصم الذين تفتخرون بهم؟
من أبرز النماذج الرياضية نجاحًا هي احتراف عدد من لاعبي الاتحاد في دولة الإمارات العربية المتحدة، وحصولهم على لقب الدوري لعدة سنوات، وحصولهم على ألقاب فردية تعكس مدى تميز اللاعب البحريني.
ما أبرز التحديات التي واجهتكم في دعم وتطوير رياضة الصم؟
نحن نؤمن بأن تحقيق أهداف الاتحاد المستقبلية يتطلب استمرار دعم الجهات الرسمية والشركاء في مختلف القطاعات، من خلال تعزيز التعاون في مجالات التنمية الرياضية والاجتماعية لفئة الصم.
ورغم ما تحقق من إنجازات بدعم المؤسسات الحكومية، إلا أن المرحلة المقبلة تستدعي مزيدًا من التكامل في الجهود لتوفير احتياجات لوجستية تسهم في رفع كفاءة البرامج — مثل تطوير مرافق التدريب، وتسهيل خدمات النقل، وتوسيع نطاق التغطية الإعلامية لأنشطة الاتحاد، وزيادة الدعم المالي من أجل تمكينه من تنفيذ أهدافه وتوسيع نشاطه الرياضي بما يستوعب أكبر عدد من أفراد الصم.
كيف تعاملتم مع تلك التحديات، وما أهم الدروس المستفادة منها؟
تم تجاوز كثير من التحديات عبر الشراكات مع الجهات الرسمية والشركات والمؤسسات الأهلية والاعتماد على المتطوعين من خريجي التربية الرياضية، إضافة إلى التركيز على التنظيم الجيد للفعاليات بتكلفة منخفضة، الدرس الأهم هو أن الاستدامة لا تعتمد فقط على الموارد، بل على الإصرار والإبداع في إيجاد الحلول وخلق أنشطة نوعية ومميزة في أصعب الظروف .
ما أبرز الخطط والمشروعات المستقبلية التي يعمل عليها الاتحاد حاليًا؟
يعمل الاتحاد حاليًا على تطوير عدد من البرامج، أبرزها:
– إعداد استراتيجية شاملة لتطوير رياضات الصم في البحرين.
– إطلاق بطولات منتظمة في مختلف الألعاب الرياضية.
– تنفيذ برامج تدريبية وتأهيلية للمدربين والمترجمين.
– تعزيز المشاركاتد الدولية للمنتخبات البحرينية.
– إقامة ملتقيات رياضية وتوعوية لرفع الوعي المجتمعي بدور الصم في الرياضة.
هل هناك نية لإنشاء مراكز تدريب أو أكاديميات متخصصة لتأهيل الرياضيين الصم؟
نعم، هذا أحد الأهداف الاستراتيجية للاتحاد، نعمل على وضع الأسس لتأسيس مركز وطني لتدريب وتأهيل الرياضيين الصم، يضم مرافق مجهزة ومدربين مؤهلين بلغة الإشارة، بالتعاون مع الجهات ذات الاختصاص، ولكن الموضوع يحتاج الى وقت ودراسة كافية من أجل البدء.
ما نوع الدعم الذي يحتاجه الاتحاد لتحقيق أهدافه المستقبلية؟
لتحقيق أهداف الاتحاد المستقبلية، من المهم توفير دعم مستدام يعزز من قدرته على تطوير برامجه ومبادراته المختلفة، ويتضمن ذلك تعزيز الجوانب المالية واللوجستية بما يساهم في تحسين بيئة التدريب والتنقل والإعلام، كما يسعى الاتحاد إلى توسيع دائرة التعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص لبناء شراكات استراتيجية تسهم في تمكين الرياضيين من فئة الصم ودعم مشاركتهم الفاعلة في مختلف المحافل الرياضية.
ما شكل علاقتكم بالجهات الرسمية مثل وزارة شؤون الشباب والرياضة أو اللجنة البارالمبية البحرينية؟
علاقتنا قوية ومتميزة مع اللجنة الأولمبية البحرينية والهيئة العامة للرياضة ووزارة الشباب والرياضة واللجنة البارالمبية البحرينية، نحن نعمل ضمن منظومة متكاملة هدفها خدمة شباب البحرين، ونعتبر أنفسنا شريكاً أساسياً في تحقيق الاستراتيجية الوطنية للرياضة
هل هناك تعاون بينكم وبين اتحادات أو منظمات عربية ودولية لرياضة الصم؟
نعم، الاتحاد عضو في الاتحاد الدولي لرياضات الصم بآسيا والمحيط الهادئ، والاتحاد الدولي لكرة القدم للصم، كما أنه يسعى للانضمام لعضوية كافة اللجنة الدولية للصم مثل البولينج والشطرنج وغرب آسيا وغيرها، كما توجد علاقات تعاون مع الاتحادات الخليجية والعربية، من خلال المشاركات المشتركة واللقاءات الدورية التي تُسهم في تبادل الخبرات.
ما أبرز المشاركات أو البطولات الخارجية التي شارك فيها لاعبو البحرين الصم؟
شارك اللاعبين في عدة فعاليات عربية وآسيوية وعالمية قبل إنشاء الاتحاد، كما أنهم حققوا المراكز الأولى واعتلوا المنصات الخليجية والعربية والدولية، من أبرزها بطولات كرة القدم والبولينج وألعاب القوى، إضافة إلى دورات الألعاب الآسيوية والعربية لرياضات الصم، كما يستعد حاليًا للمشاركة في دورة الألعاب الدولية لرياضات الصم طوكيو اليابان في نوفمبر القادم.
كيف يمكن تعزيز العلاقات الرياضية بين الاتحاد البحريني واتحادات الصم في دول الخليج؟
من خلال تنظيم بطولات خليجية دورية، وتبادل المعسكرات التدريبية، وإقامة ورش تطوير مشتركة للمدربين والمترجمين، إلى جانب إطلاق ملتقيات خليجية تُعنى برياضة الصم وتُسهم في توحيد الجهود على مستوى المنطقة.
ما دور الإعلام في دعم رياضة الصم من وجهة نظرك؟
الإعلام شريك أساسي في إيصال رسالة الاتحاد وتسليط الضوء على إنجازات الرياضيين الصم، كما أن الإعلام هو منبر صوت الاتحاد لايصال وعرض قضاياه أمام صناعي القرار والجمهور، لذا نأمل أن يكون هناك اهتمام أكبر من القنوات والصحف والمنصات الرقمية وجميع وسائل التواصل المجتمعي، لإبراز قصص النجاح، فالإعلام هو الجسر الذي يربط المجتمع برياضة الصم.
كما نأمل في إضافة أشخاص من فئة الصم للإعلام من أجل استخدام لغة الإشارة والتشجيع على استخدامها وتعريفها للجميع.
ماذا تتمنى من المجتمع البحريني تجاه الرياضيين الصم؟
نتمنى من المجتمع أن ينظر إلى الرياضيين الصم باعتبارهم نماذج للإصرار والقدرة، وأن يساندهم من خلال الحضور، التشجيع، والتطوع في فعالياتهم، فكل دعم مجتمعي، مهما كان بسيطًا، يُحدث أثرًا كبيرًا في تحفيزهم على الاستمرار.
كيف تسهم الرياضة في دمج الأشخاص الصم داخل المجتمع وتعزيز ثقتهم بأنفسهم؟
الرياضة تمنح الصم مساحة للتعبير عن قدراتهم، وتكسر الحواجز الاجتماعية، وتُسهم في تعزيز التواصل مع الآخرين، كما تساعدهم على بناء الثقة بالنفس والانتماء للمجتمع، وهو ما يجعل الرياضة وسيلة فعالة للدمج الإيجابي.
ما الرسالة التي توجهونها إلى الشباب الصم الذين يرغبون في ممارسة الرياضة؟
نقول لهم: أنتم قادرون على التميز مثل أي رياضي آخر، فقط استمروا في التدريب ولا تيأسوا من العقبات، الاتحاد مفتوح أمامكم، وسيوفر لكم الدعم اللازم لتطوير مهاراتكم والوصول إلى مستويات منافسة محليًا ودوليًا.
وما نصيحتك لأولياء الأمور لتشجيع أبنائهم الصم على ممارسة الأنشطة الرياضية؟
نشجع أولياء الأمور على أن يكونوا أول الداعمين لأبنائهم، لأن الدعم الأسري هو الأساس، الرياضة ليست مجرد هواية، بل هي طريق لبناء الشخصية، وتعزيز الثقة، وتطوير القدرات الاجتماعية والبدنية لأبنائهم
ما هى طموحاتك الشخصية وأحلامك للاتحاد البحريني خلال السنوات المقبلة؟
نطمح أن يكون الاتحاد البحريني نموذجًا خليجيًا رائدًا في مجال تمكين فئة الصم رياضيًا وثقافيًا واجتماعيًا، من خلال بناء منظومة عمل متكاملة تُعنى بتطوير الكفاءات الوطنية من الرياضيين والإداريين والمدربين من فئة الصم، وتوفير البيئة الداعمة لهم للإبداع والتميّز في مختلف المحافل.
كما نهدف إلى تعزيز الشراكات المحلية والدولية بما يسهم في رفع مستوى المنافسة والاحتراف، إلى جانب توسيع قاعدة المشاركين في الأنشطة الرياضية داخل المملكة، وإبراز القدرات الحقيقية لأبنائنا من الصم في ساحات التحدي والإنجاز.
أما على المستوى الشخصي، فطموحي أن أواصل العمل بروح الفريق الواحد مع زملائي في مجلس الإدارة، لتحقيق نقلة نوعية في مسيرة الاتحاد، ووضع أسس مستدامة تضمن استمرارية النجاح للأجيال القادمة، لتكون مملكة البحرين في مقدمة الدول الداعمة لرياضة الصم، وتمكينهم في مختلف المجالات، وأن يتحقق حلم كافة أبناء مجلس التعاون الصم، بأن يكون لديهم اتحاد خليجي لرياضة الصم تحت إشراف الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي أأسوة بالآخرين
