جسور- فاطمة الزهراء بدوي
في خطوة علمية رائدة تسلط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في دعم الفئات المهمشة داخل المنظومات التعليمية، أصدرت جامعة كامبريدج دراسة جديدة أكدت فيها أن الروبوتات الاجتماعية المدعومة بأنظمة الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم بشكل فعال في تحسين تجربة التعليم العالي للطلاب من ذوي الإعاقة.
الدراسة، التي نُشرت في دورية AI & Education Futures، تناولت بالدراسة النوعية إمكانيات وقدرات الروبوتات الاجتماعية على تقديم الدعم الأكاديمي والعاطفي، وتحسين الشعور بالانتماء لدى الطلاب ذوي الهمم داخل الحرم الجامعي، لا سيما أولئك الذين يواجهون تحديات تتعلق بالتفاعل الاجتماعي، أو العزلة النفسية، أو محدودية الوصول إلى الخدمات.
وقد اعتمد الباحثون على مقابلات معمّقة وتحليل تجارب عشرات من الطلاب، وأعضاء هيئة التدريس، وخبراء في تصميم الأنظمة الذكية، للخروج بنتائج دقيقة بشأن تأثير هذه التكنولوجيا على تحسين جودة الحياة الأكاديمية لذوي الإعاقة.
تقنية واعدة ذات أبعاد إنسانية
تشير الدراسة إلى أن الروبوتات الاجتماعية، والتي تتميز بقدرتها على فهم اللغة الطبيعية، والتفاعل مع المشاعر، والاستجابة الفورية، يمكن أن تكون وسيلة داعمة قوية للطلاب من ذوي الإعاقة الحركية، أو الحسية، أو الإدراكية.
فمن خلال تكنولوجيا الأوامر الصوتية، وأدوات المساعدة التفاعلية، يمكن للروبوتات أن تسهم في تسهيل عملية التنقل داخل الجامعة، شرح المفاهيم الدراسية، دعم مهارات التواصل، وتحفيز الثقة بالنفس، خاصةً لدى الطلاب الذين يعانون من اضطرابات التوحد أو القلق الاجتماعي.
وفي هذا السياق، قال الدكتور جيمس بيلامي، الباحث الرئيس في الدراسة: “الروبوتات الاجتماعية ليست بديلًا عن البشر، لكنها تمثل أداة تكاملية يمكنها أن تسد الفجوات البنيوية داخل بيئات التعليم العالي. هذه التكنولوجيا قد تُحدث فرقًا حقيقيًا حينما توظَّف بطريقة أخلاقية ومراعية للفروق الفردية”.
تحديات جوهرية: الثقة، الخصوصية، والتحيز
رغم ما تحمله التكنولوجيا من وعود، فقد رصدت الدراسة عددًا من التحديات التي لا تزال تعيق الاستخدام العادل للروبوتات الاجتماعية في التعليم الجامعي. وعلى رأسها، انعدام الثقة في قدرة هذه الأنظمة على فهم احتياجات ذوي الإعاقة بشكل دقيق، إلى جانب مخاوف متصاعدة بشأن الخصوصية، خاصةً فيما يتعلق بالبيانات الصوتية والسلوكية التي تُجمع تلقائيًا أثناء التفاعل.
كما أشار العديد من الطلاب المشاركين إلى أن بعض الروبوتات لا تتفاعل بشكل متكافئ مع أصحاب الإعاقات بسبب افتقارها إلى التنوع في البيانات التي تم تدريبها عليها، وهو ما أدى إلى حالات من الإقصاء أو سوء الفهم.
وقالت إحدى الطالبات في شهادتها: “أشعر أحيانًا أن الروبوت لا يستوعب طريقتي في التعبير أو الإشارة، كأنه لم يُصمَّم ليفهمنا نحن”.
توصيات: التصميم المشترك والتدريب الإنساني
أوصت الدراسة بضرورة إشراك الطلاب ذوي الإعاقة في مراحل تطوير واختبار هذه الروبوتات، بما يضمن توافقها مع احتياجاتهم الحقيقية، ويقلل من احتمالات الانحياز التكنولوجي. كما شددت على أهمية تأهيل كوادر التعليم الجامعي لفهم كيفية استخدام هذه الأدوات بطريقة تفاعلية وآمنة، بعيدًا عن الاعتماد المفرط على الحلول الرقمية الجاهزة.
وطالبت الدراسة بوضع أطر قانونية وأخلاقية واضحة لضمان حماية بيانات الطلاب، واحترام خصوصيتهم، وعدم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لأغراض تقييمية أو رقابية دون موافقة صريحة.
نحو تعليم عالٍ أكثر شمولًا
تأتي هذه النتائج في وقت يشهد فيه العالم تسارعًا كبيرًا في دمج الذكاء الاصطناعي داخل أنظمة التعليم، وسط دعوات متزايدة إلى تحويل هذه الطفرة التقنية إلى فرصة لتحقيق العدالة والشمولية.
وتختم الدراسة بتوصية مفصلية جاء فيها: “لكي تُحدث الروبوتات الاجتماعية تحولًا حقيقيًا، لا يكفي أن تكون ذكية أو تفاعلية، بل يجب أن تكون عادلة، شاملة، وواعية بتنوع التجربة الإنسانية”.