Skip to content

“جسور” تحاور د. إيمان كريم.. تمكين ذوي الإعاقة هو رسالة مصر إلى العالم

“جسور” تحاور د. إيمان كريم.. تمكين ذوي الإعاقة هو رسالة مصر إلى العالم

لا توجد تعليقات

القاهرة – جسور – حوار: سماح ممدوح حسن

وسط زخم المؤتمرات الدولية، يظل حضور مصر في محافل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة علامة فارقة، لا بوصفه تمثيلًا دبلوماسيًا فحسب، بل كرسالة واضحة بأن الدمج المجتمعي لم يعد رفاهية، بل ضرورة تنموية واستثمار في المستقبل.

في الدورة الثامنة عشرة لاجتماع الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لم يحمل الوفد المصري معه إنجازات على الأرض فحسب، بل رؤية متكاملة تتقاطع فيها التكنولوجيا، وريادة الأعمال، والتعليم، مع التمكين الثقافي والمجتمعي.

في هذا الحوار الحصري لـ”جسور”، تضعنا الدكتورة إيمان كريم،المشرف العام للمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، أمام تفاصيل دقيقة لما حمله الوفد المصري إلى نيويورك هذا العام:، من استراتيجيات الذكاء الاصطناعي الشامل، إلى مشروعات التمويل الاجتماعي، ومبادرة “أحسن صاحب” لتغيير الثقافة المجتمعية، إلى دعوات تأسيس صناديق استثمار إقليمية تُعنى بريادة ذوي الإعاقة.

_ما أهمية مشاركة مصر في هذا المؤتمر الدولي من وجهة نظر المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة؟

تعد مشاركة مصر في هذه الدورة  فرصة استراتيجية لتعزيز الحضور المصري على الساحة الدولية في ملف حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ولتبادل الخبرات مع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية حول أفضل الممارسات في التمكين الشامل، ومن وجهة نظر المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، فإن هذه المشاركة تأتي في إطار حرص الدولة المصرية على عدة أمور، على رأسها الآتي

  • عرض النموذج المصري المبتكر في التحول من الحماية الاجتماعية إلى التمكين الاقتصادي الحقيقي، القائم على الريادة والتمويل المبتكر.
  • تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في قضايا الإعاقة، بما يساهم في نقل الخبرات وتكوين شراكات تدعم خطط الدولة في الدمج المجتمعي والاقتصادي.
  • إيصال صوت الأشخاص ذوي الإعاقة المصريين إلى المنصات الدولية، وإبراز جهود الدولة المصرية في تعزيز حقوقهم وضمان مشاركتهم الكاملة في الحياة العامة.
  • التأكيد على التزام مصر بتطبيق بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وحرصها على دمجهم في الاستراتيجيات الوطنية والخطط التنموية.

كما أن المشاركة في جلسات متخصصة، مثل جلسة جامعة الدول العربية،  تعزز الدور القيادي والإقليمي لمصر في هذا الملف، وتفتح آفاقًا للتنسيق بين الدول العربية لوضع سياسات شاملة وعادلة تضمن المساواة وتكافؤ الفرص.

_هل هناك موضوعات أو ملفات محددة ركز عليها الوفد المصري هذا العام خلال جلسات المؤتمر؟

تركّزت مشاركة مصر على أربعة محاور متكاملة: الحماية الاجتماعية، التكنولوجيا الذكية، التمكين الاقتصادي، والتعاون الإقليمي/الدولي، لعرض نموذج مصر كمسار شامل يربط بين التشريع، والخدمة، والتعليم، والابتكار، نحو مجتمع أكثر عدالة وشمولًا. وكان أهم ما تم عرضه هو :

  • التمويل المبكر والتنمية الاجتماعية.

تم عرض تجربة مصر في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة عبر حزمة من الأدوات، بدءًا من الدعم النقدي”برنامج تكافل وكرامة”، وصولًا إلى توفير قروض عقارية ميسّرة وفرص الإسكان، وذلك بهدف بناء حماية اجتماعية متكاملة وانتقال تدريجي نحو التمكين الاقتصادي.

  • استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الداعمة.

طرح تطبيقات عملية مثل: “قارئ الشاشة” للصم، وتطبيق “فلوسي” للمكفوفين، إلى جانب طباعة المحررات بلغة برايل، وتكنولوجيا تعليمية في المدارس والجامعات، ومبادرات ثقافية مثل استخدام القلم الناطق في المتاحف. ومن خلال هذه المحور، سعينا إلى توضيح دور التكنولوجيا لضمان وصول حقيقي للخدمات والمعلومات.

  • التمكين الاقتصادي وريادة الأعمال.

تقديم نموذج متكامل يبدأ ببنية مؤسسية قوية (کبطاقة الخدمات المتكاملة وشبكة “تأهيل”)، يمرّ عبر دعم التعليم والتشغيل (20 ألف طالب جامعي، و15 ألف وظيفة حقيقية)، ويصل إلى تمويل المشاريع الصغيرة عبر برنامج “فرصة” وصندوق “عطاء”.

عرض نتيجة ملموسة تمثلت في أكثر من 2.1 مليون مستفيد، من خلال ما يزيد عن 2000 مشروع وتنفيذ أكثر من 548 هيئة تأهيلية.

  • الشراكات والاستراتيجيات الإقليمية.

التأكيد على أهمية بناء جسور تعاون عربي ودولي حول الذكاء الاصطناعي الشامل وتمويل الأشخاص ذوي الإعاقة.

الدعوة إلى إنشاء منصات إقليمية لتبادل الخبرات، وصناديق استثمار متخصصة، لضمان “عدم ترك أحد خلف الركب” وسرعة نشر التجربة المصرية عبر المنظومة العربية.

_ما أبرز الإنجازات التي عرضتها مصر في المؤتمر فيما يخص تمكين ودمج ذوي الإعاقة؟

أولاً: التمكين الاقتصادي والتحول من الحماية إلى الإنتاج

برنامج “فرصة“: تنفيذ أكثر من 2000 مشروع متناهي الصغر بقيمة تفوق 40 مليون جنيه، وتركّزت كثير من هذه المشروعات في الأنشطة الصديقة للبيئة.

توفير فرص العمل: تم توفير أكثر من 37,500 فرصة عمل، بالإضافة إلى تدريب وتوظيف 2,500 شخص ضمن مبادرة “مصر بكم أجمل”.

صندوق “عطاء” للاستثمار الخيري: كآلية تمويل مبتكرة لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة اقتصاديًا واجتماعيًا.

ثانيًا: الدمج التعليمي والتكنولوجي

تطوير المدارس والجامعات: دعم 186,000 طالب مدمج، و49,200 طالب في مدارس التربية الخاصة عبر وسائل تعليم مساعدة، وطابعات برايل، وقواميس إلكترونية.

إنشاء 27 مركزًا جامعيًا لدعم الطلاب ذوي الإعاقة بالتكنولوجيا المساعدة ووجود 636 مترجم لغة إشارة في الجامعات المصرية.

التحول الرقمي: إطلاق شبكة “تأهيل” الرقمية وبطاقة الخدمات المتكاملة التي استفاد منها أكثر من مليون شخص.

ثالثًا: التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لخدمة الدمج.

تطبيقات ذكية داعمة: مثل تطبيق “فلوسي” للمكفوفين وتطبيقات للترجمة بلغة الإشارة، مشروع DAISY: لتحويل الكتب إلى نسخ صوتية تخدم المكفوفين، وإتاحة المعلومات والخدمات: من خلال إتاحة المواقع الإلكترونية الرسمية وتهيئتها لتكون صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة.

رابعًا: التمكين الثقافي والمجتمعي

دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الثقافة: من خلال تجربة “القلم الناطق” في المتاحف، ليتمكن فاقدو البصر من التفاعل مع المعروضات.

مبادرة “أحسن صاحب”: التي وصلت إلى أكثر من 10 مليون مواطن لتغيير النظرة المجتمعية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، كما أن الرسالة التي حملتها مصر للمجتمع الدولي: أن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة ليس فقط واجبًا حقوقيًا، بل استثمار ذكي في التنمية، وأن الشمول يتحقق بتكامل التشريع مع الحلول الذكية والمجتمعية.

_هل هناك التزامات أو تعهدات جديدة قطعتها مصر على نفسها خلال المؤتمر؟

نعم، خلال مشاركتنا في فعاليات الدورة الثامنة عشر للدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، جدّدت مصر التزامها الكامل بمواصلة العمل على تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال مجموعة من التوجهات والالتزامات الجديدة التي تم الإعلان عنها، وأبرزها:

أولًا: وضع استراتيجية وطنية متكاملة للإعاقة.

أعلن المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة أنه بصدد إعداد استراتيجية وطنية شاملة تضمن دمج حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع السياسات والخطط التنموية، مع الأخذ في الاعتبار مستجدات العصر وتطور أدوات التمكين.

ثانيًا: تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي الشامل.

اقتراح إطلاق منصة إقليمية للذكاء الاصطناعي الداعم للشمول، تهدف إلى تبادل التجارب الناجحة وتطوير حلول تقنية تلائم احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة.

تعهد بتوسيع دور الأشخاص ذوي الإعاقة في تصميم وتقييم أدوات الذكاء الاصطناعي لضمان توافقها مع احتياجاتهم الحقيقية.

ثالثًا: بناء شراكات إقليمية ودولية.

دعت مصر إلى تأسيس صناديق استثمار إقليمية متخصصة في دعم ريادة الأعمال للأشخاص ذوي الإعاقة.

كما دعت إلى توسيع التعاون الدولي في نقل التكنولوجيا وبناء القدرات، خصوصًا في مجالات التعليم والعمل والابتكار.

رابعًا: تعهد بالاستمرار في مسار “التحول من الحماية إلى التمكين”

أكدت مصر على التزامها باستمرار تنفيذ برامج التمكين الاقتصادي مثل “فرصة” و”عطاء”، وتوسيع نطاقها الجغرافي والقطاعي. التوسع في المبادرات المعنية بريادة الأعمال والمشروعات الصديقة للبيئة للأشخاص ذوي الإعاقة.

وكانت رسالة مصر: “نحن لا نقدم فقط نماذج ناجحة، بل نفتح أبواب شراكة وتكامل من أجل مستقبل شامل، حيث لا يُترك أحد خلف الركب”، وهي إشارة مباشرة إلى أهداف التنمية المستدامة 2030.

_ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الشراكات الدولية في تطوير واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر؟

الشراكات الدولية يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تطوير واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر، وذلك من خلال عدة محاور أساسية، منها:

  1. نقل الخبرات والمعايير الدولية

الاستفادة من النماذج الناجحة عالميًا في مجال الدمج الشامل، والتعليم الدامج، والعمل اللائق.

مواءمة السياسات المحلية مع الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

  1. الدعم الفني والتقني.

توفير أدوات تكنولوجية مساعدة وتدريب الكوادر المصرية على استخدامها.

دعم تطوير البنية التحتية الرقمية والمكانية المراعية للإعاقة.

  1. التمويل والمشروعات المشتركة

تمويل مشروعات تنموية تستهدف تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة اقتصاديًا واجتماعيًا.

دعم مبادرات المجتمع المدني المحلي، وخاصة في المناطق النائية.

  1. تعزيز بناء القدرات

تنفيذ برامج تدريبية متخصصة للكوادر العاملة في مجالات التعليم، الصحة، الإعلام، والتوظيف، لتصبح أكثر حساسية واحترافية في التعامل مع قضايا الإعاقة.

دعم برامج بناء قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم في مجالات القيادة والمناصرة الذاتية.

  1. رفع الوعي العالمي والمحلي

تسليط الضوء على التحديات والفرص المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة في مصر من خلال المنصات الدولية.

تحفيز الإعلام المحلي على تناول قضايا الإعاقة بصورة عادلة وشاملة.

  1. المناصرة والتأثير في السياسات

دعم جهود المجتمع المدني والمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة في التأثير على التشريعات والسياسات العامة.

توفير مساحات تشاركية دولية لممثلي مصر لمناقشة التجارب والتحديات بشكل دوري.

باختصار، الشراكات الدولية تمثل فرصة استراتيجية لتسريع وتيرة التغيير وتحقيق التنمية المستدامة التي لا تُقصي أحدًا، خاصة في ملف مهم وحيوي كحقوق وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.

_هل هناك نية لتحديث وتعديل التشريعات المتعلقة بذوي الإعاقة بعد المؤتمر أو استجابة لتوصياته؟

نعم، هناك نية جادة لتحديث التشريعات المصرية المتعلقة بذوي الإعاقة استجابة لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بضرورة إجراء حوار مجتمعي حقيقي حول التعديلات المقترحة على القانون رقم 10 لسنة 2018 قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن هذا المنطلق أطلق المجلس حوار مجتمعي حول هذا الشأن، وايضا الحوار المجتمعي حول إعداد استراتيجية وطنية شاملة تضمن دمج حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع السياسات والخطط التنموية.

المقالة السابقة
مصر تدعو لإطلاق شبكة عربية لتبادل الخبرات وصناديق استثمار لتمكين ذوي الإعاقة
المقالة التالية
ننشر حصاد مشاركة الكويت بمؤتمر الأمم المتحدة لحقوق ذوي الإعاقة 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed