«جوسوا أموكوا».. طالب كفيف يحصل على الماجستير في ناميبيا

«جوسوا أموكوا».. طالب كفيف يحصل على الماجستير في ناميبيا

المحرر: ماهر أبو رماد - ناميبيا
جوسوا أموكوا

تخرج الشاب الناميبي الكفيف «جوسوا أموكوا» بدرجة الماجستير في تعليم الكبار من جامعة ناميبيا، بعد مسيرة دراسية حافلة بالتحديات والصبر والإصرار.

وقد سلّط هذا التخرج الضوء على قضايا التعليم الدامج وحقوق ذوي الإعاقة في الوصول إلى فرص تعليمية عادلة ومتكافئة.

ويُعد أموكوا، بحسب تقرير نشرته جامعة ناميبيا عبر منصتها الرسمية «UNAM Forum » في سبتمبر 2025، من النماذج الملهمة التي كسرت الصورة النمطية السائدة حول الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، مؤكدًا أن العزيمة والإرادة والتقنيات المساعدة يمكن أن تمهّد الطريق نحو التميز الأكاديمي والمجتمعي، حتى في ظل محدودية الموارد والدعم المؤسسي.

يروي أموكوا تفاصيل تجربته في حديثه لـ«UNAM Forum»، قائلًا: «كان من الصعب أن أدرس بنفس وتيرة زملائي، فأنا لا أرى الكتب المطبوعة، ولا يمكنني التنقل بسهولة، لكنني وجدت في التكنولوجيا صديق وفي ودائم».

حفل حصول جوسوا أموكوا على درجة الماجستير

وأضاف: «استخدمت برامج قراءة الشاشة، وسجلت المحاضرات صوتيًا، ثم استمعت إليها لاحقًا ودوّنت ملاحظاتي باستخدام لوحة المفاتيح».

ويشير أموكوا إلى أن اعتماده على البرمجيات المساعدة مثل «JAWS» و«NVDA»  ما مكّنه من إعداد البحوث، والمشاركة في النقاشات الصفية، وإنجاز الواجبات بطريقة مستقلة، كما استعان ببعض الزملاء في شرح المفاهيم التي يصعب الوصول إليها إلكترونيًا.

المواصلات العامة وذوو الإعاقة

حمل مشروع تخرّج أموكوا عنوانًا يعكس عمق وعيه المجتمعي، وهو «تطوير إرشادات بشأن إمكانية الوصول والتعليم المتعلق بالسلامة للأشخاص ذوي الإعاقة في وسائل النقل العام بمدينة ويندهوك».

وقد اختار هذا الموضوع انطلاقًا من معاناة شخصية يعيشها يوميًا، حيث يشير إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة في العاصمة الناميبية ويندهوك يواجهون صعوبات كبيرة في التنقل الآمن والمستقل، في ظل غياب لوائح ملائمة أو معلومات متاحة بطريقة تناسب احتياجاتهم البصرية أو السمعية أو الحركية.

وفي تصريح لموقع صحيفة  «The Namibian»، أوضح أموكوا أن هدفه من الدراسة هو تقديم مقترحات عملية لصنّاع القرار، من أجل تطوير دليل متكامل يسهم في تسهيل حركة الأشخاص ذوي الإعاقة في وسائل النقل، ويوفر لهم الشعور بالأمان والكرامة أثناء تنقلهم.

دعم محدود وطموح كبير

ورغم قلة الدعم المادي والبشري الذي حظي به خلال مسيرته، إلا أن أموكوا ظل متمسكًا بحلمه، فقد قال لموقع الجامعة: «أحيانًا، لم أجد كتبًا رقمية تناسب احتياجاتي، واضطررت إلى قضاء أضعاف الوقت في إنجاز ما ينهيه زملائي في ساعات».

وأضاف: «لكنني لم أسمح لتلك العقبات بأن تهزمني، بل كانت دافعًا لي لأثبت أن الكفيف قادر على تحقيق ما يريد».

وقد بدأ أموكوا دراسته للماجستير في عام 2023، بعد حصوله على شهادة البكالوريوس، وتمكّن من إكمال متطلبات البرنامج خلال عامين فقط، رغم التحديات، وتخرج في مراسم رسمية أقيمت بجامعة ناميبيا في ربيع 2025، ضمن دفعة شهدت تخرج طلاب من مختلف التخصصات والولايات.

رسالة أمل وإلهام

وجه أموكوا رسالة مؤثرة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم، قال فيها:

الإعاقة ليست نهاية الطريق، صحيح أن الرحلة مليئة بالتحديات، لكنها أيضًا مليئة بالفرص، إذا تمسكت بأحلامك، واستخدمت الأدوات المتاحة لك، فلا شيء يمكن أن يمنعك من الوصول.

وأشاد بدور بعض الأساتذة والمرشدين الأكاديميين الذين ساندوه خلال رحلته، كما دعا الجامعات والمؤسسات التعليمية إلى الاستثمار في أدوات التعليم الدامج، وتدريب الكوادر على التعامل مع احتياجات الطلاب ذوي الإعاقة.

دعوة لإصلاح السياسات التعليمية

قصة جوسوا أموكوا لا تُلهم فقط، بل تدق ناقوس الخطر حول غياب السياسات الشاملة في أنظمة التعليم والنقل في العديد من البلدان الإفريقية، بما فيها ناميبيا.

وحسب تقرير «The Namibian»، يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة تهميشًا مضاعفًا، في ظل غياب تشريعات ملزمة بتوفير بيئات تعليمية ومجتمعية آمنة ودامجة.

ويدعو أموكوا عبر دراسته إلى اعتماد لغة برايل على لوحات الحافلات، وتخصيص مقاعد مجهّزة، وتدريب سائقي النقل العام على التعامل مع الركّاب من ذوي الإعاقة، فضلًا عن نشر التوعية المجتمعية حول أهمية الشمول واحترام التنوع.

يثبت جوسوا أموكوا أن العجز الحقيقي ليس في الحواس، بل في غياب الإيمان بالقدرة على التغيير، لقد جسّد هذا الشاب الناميبي نموذجًا لإنسان يرى النور بعيني قلبه، ويشق طريقه وسط الظلمة، ويصنع من التحدي حافزًا، لا عائقًا.

ويبقى السؤال: كم من المواهب تُهدر يوميًا بسبب غياب الدعم؟ وكم من «جوسوا» ينتظر من يُزيح عنه العوائق ليُثبت لنا جميعًا أن القدرة لا تعرف حدود الجسد، بل تنبع من إرادة لا تنكسر؟

ذوو الإعاقة في ناميبيا

تواجه تُشكل فئة الأشخاص ذوي الإعاقة في ناميبيا العديد من التحديات، رغم الجهود السياسية والقانونية الرامية لتمكينهم، ووفقًا لمسح التعداد السكاني لعام 2023، يُقدر أن نحو 4.4٪ من السكان، أي حوالي 11 ألف شخص، يعيشون بحالة إعاقة.

من بين التحديات الكبرى التي تواجههم: ضعف الحصول على التعليم المبكر، خصوصًا أن نسبة كبيرة من الأطفال ذوي الإعاقة بين عمر 0‑4 سنوات لم يلتحقوا ببرامج تنمية الطفولة المبكرة.

كما أن نسب حصول ذوي الإعاقة على مؤهلات التعليم العالي في بعض المناطق منخفضة جدًا، ففي مناطق مثل خوموس وكونيني عدد الحاصلين على شهادات جامعية قليل جدًا.

المقالة السابقة
اتفاقية جديدة لتأهيل المكفوفين بالمغرب ودمجهم في سوق العمل
المقالة التالية
اختتام برنامج التدخل المبكر للأطفال المكفوفين وضعاف البصر في الأردن

وسوم

أمثال الحويلة (425) إعلان عمان برلين (501) اتفاقية الإعاقة (645) الإعاقة (148) الاستدامة (1144) التحالف الدولي للإعاقة (1116) التشريعات الوطنية (888) التعاون العربي (558) التعليم (87) التعليم الدامج (66) التمكين الاقتصادي (95) التنمية الاجتماعية (1138) التنمية المستدامة. (94) التوظيف (68) التوظيف الدامج (868) الدامج (60) الدمج الاجتماعي (673) الدمج المجتمعي (169) الذكاء الاصطناعي (90) العدالة الاجتماعية (78) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (549) الكويت (96) المجتمع المدني (1119) الولايات المتحدة (66) تكافؤ الفرص (1110) تمكين (93) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (557) حقوق الإنسان (81) حقوق ذوي الإعاقة (99) دليل الكويت للإعاقة 2025 (401) ذوو الإعاقة (162) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1072) ذوي الإعاقة (553) ذوي الهمم (61) ريادة الأعمال (428) سياسات الدمج (1096) شركاء لتوظيفهم (418) قمة الدوحة 2025 (686) كود البناء (486) لغة الإشارة (75) مؤتمر الأمم المتحدة (375) مجتمع شامل (1106) مدرب لغة الإشارة (675) مصر (104) منظمة الصحة العالمية (699)