«جيرسي» تُنفق نصف ميزانيتها الحكومية على دعم كبار السن والمرضى والمعاقين

كشف تقرير حديث صادر عن هيئة الإحصاء في جيرسي أن ما يقرب من نصف إجمالي الإنفاق الحكومي للجزيرة في عام 2024 خُصص للرعاية الصحية ودعم فئات كبار السن والمرضى والمعاقين.
وحسب تقرير لموقع «بي بي سي»، بلغ إجمالي الإنفاق العام في جيرسي 1.79 مليار جنيه إسترليني، مسجلاً زيادة بنسبة 5.1% مقارنة بالعام السابق، وهي وتيرة أبطأ من الزيادة المسجلة في عام 2023.

وأوضح التقرير أن 48.3% من إجمالي الميزانية، أي ما يعادل 863.7 مليون جنيه إسترليني، تم توجيهها إلى أقسام «الصحة» و«الشيخوخة» و«المرض والإعاقة» ضمن إدارة الحماية الاجتماعية. وقد حصلت الحماية الاجتماعية على أكبر زيادة إنفاق سنوية بين جميع الإدارات، حيث ارتفع الإنفاق على خدماتها إلى 561.6 مليون جنيه إسترليني، مدفوعاً بشكل رئيسي بارتفاع تكاليف المعاشات التقاعدية و«فوائد الإعاقة».

وأشارت هيئة الإحصاء إلى أن 73% من إجمالي الإنفاق الحكومي في جيرسي يتركز على ثلاثة مجالات رئيسية هي: الحماية الاجتماعية، والصحة، والتعليم، مؤكدة أن هذه التخصيصات «تسلط الضوء على أهمية التغيرات الديموجرافية في تشكيل مستويات الإنفاق الإجمالية».
وجاء الإنفاق على التعليم في المرتبة الثالثة بقيمة 220.9 مليون جنيه إسترليني، بينما احتلت الخدمات العامة المرتبة الرابعة بمبلغ 187.4 مليون جنيه إسترليني. وفي المقابل، كان «النظام العام والسلامة»، الذي يشمل خدمات الشرطة والإطفاء، القطاع الوحيد الذي شهد انخفاضاً طفيفاً في الإنفاق.

تقع جيرسي في القناة الإنجليزية قبالة الساحل الشمالي الغربي لفرنسا، وهي أكبر جزر القنال التابعة للتاج البريطاني، وتتمتع بحكم ذاتي داخلي واسع، حيث لها برلمانها الخاص وقوانينها الخاصة، بينما تدافع الحكومة البريطانية عن شؤونها الخارجية والدفاع. عملتها هي الجنيه الإسترليني لجيرسي، وعاصمتها هي سانت هيلير. يبلغ عدد سكانها حوالي 100 ألف نسمة.

يستند تعامل جيرسي مع قضايا الإعاقة إلى إطار قانوني يرتكز على مفاهيم الحقوق والمساواة، حيث عملت الجزيرة على مواءمة تشريعاتها المحلية مع المعايير الدولية لضمان حماية حقوق ذوي الإعاقة ومنع أي شكل من أشكال التمييز ضدهم.
ويتجلى الالتزام العملي بهذا الإطار من خلال نظام متكامل للدعم المالي المباشر، حيث تخصص الحكومة بدلات ومزايا مالية للأفراد وأسرهم لتغطية التكاليف الإضافية المرتبطة بحالات الإعاقة، وهو ما يفسر الزيادة الكبيرة في ميزانية الحماية الاجتماعية لهذا العام.

إلى جانب الدعم المالي، تقدم جيرسي حزمة متكاملة من الخدمات الصحية والتأهيلية تشمل التشخيص المبكر والعلاج الطبيعي والمهني وتوفير المعدات المساعدة، بهدف تعزيز استقلالية الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم.
كما تبذل جهود حثيثة لتعزيز الدمج المجتمعي من خلال تحسين إمكانية الوصول إلى المرافق العامة ووسائل النقل، وتشجيع فرص التوظيف المتكافئة. وتتعاون الحكومة في هذا المسار مع شبكة من الجمعيات الخيرية المحلية التي تقدم دعماً متخصصاً يكمّل الخدمات الرسمية.
وتمثل هذه الرؤية المتكاملة انعكاساً لنهج إنساني يضع الرفاه الاجتماعي في صلب أولوياته، حيث لا يقتصر الدعم على الجانب المالي بل يمتد ليشمل كافة جوانب الحياة، وهذا ما يجعل من تجربة جيرسي في التعامل مع ملف الإعاقة نموذجاً ملهماً يجسد كيف يمكن للمجتمعات الصغيرة أن تبني أنظمة رعاية اجتماعية متطورة ترتكز على مبادئ الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.