تعرف على الأسطورة البارالمبية مطاوع أبو الخير، الذي قهر شلل الأطفال وفيروس «سي»، وعاد من الاعتزال ليقود مصر لأول لقب عالمي في الكرة الطائرة جلوس، حاصدا 5 ميداليات بارالمبية في رياضتين مختلفتين.
في مدينة إنديانا بوليس الأمريكية، مساء 18 أكتوبر 2025، كانت الأنظار تتجه نحو ملعب نهائي كأس العالم للكرة الطائرة جلوس، وعلى جانب من الشبكة، وقف منتخب البرازيل، القوة العالمية المعروفة، وعلى الجانب الآخر، وقف منتخب مصر، وفي صفوفه رجل يجسد معنى «الإرادة والتحدي»، مطاوع أبو الخير.
المباراة كانت ملحمة رياضية تحمل فصولا من الثأر والأمل، فقبل عامين خطف المنتخب البرازيلي اللقب من مصر، لكن في هذا النهائي، كتب فصل جديد حيث قدم «فراعنة الطائرة جلوس» أداء تاريخيا، وتفوقوا على منافسهم بثلاثة أشواط مقابل شوط واحد، ليرفعوا كأس العالم للمرة الأولى في تاريخهم.
هذا الفوز كان إعلانا بتربع مصر على عرش اللعبة، حيث اعتلى المنتخب صدارة التصنيف العالمي لأول مرة على الإطلاق، وبالنسبة لمطاوع أبو الخير، الذي عاد من اعتزاله ليشارك في هذا الإنجاز، كان هذا التتويج هو المشهد الأخير والأكثر كمالا في مسيرته الأسطورية.
طالع: أبطال من ذهب.. مصر تعتلي عرش الكرة الطائرة جلوس وتتوج بلقبها العالمي الأول
نشأة بطل وعام الصمت
لكي نفهم معنى هذا الإصرار يجب أن نعود إلى البداية، إلى قرية «مسير» في كفر الشيخ، حيث ولد مطاوع في 20 أكتوبر 1976 أصيب بشلل الأطفال في طفولته، لكنه وجد شغفه في مركز شباب القرية، ورفض الالتحاق بالجامعة بعد الثانوية ليتبع حلمه.
كان هذا أول انتصار له على الظروف والتوقعات ثم انضم لمنتخب ألعاب القوى عام 1999، وفي أول مشاركة بارالمبية له في سيدني 2000، فاز بالميدالية الفضية في رمي القرص.
وتوج «ملك الدائرة» بطلا للعالم في فرنسا عام 2002 وحصد فضية العالم 2006، وبرونزية 2011. لكن في أوج عطائه عام 2008، واجه أقسى تحد في حياته إذ اكتشفت إصابته بفيروس «سي».
تم استبعاده من المنتخب وقضى عاما كاملا في العلاج، بينما أجمع الكثيرون أن مسيرته قد انتهت لكنه عاد مدفوعا بعناده وأمله، ليحقق ما يشبه المعجزة، وفي أولمبياد لندن 2012 فاز بالميدالية البرونزية، في انتصار لم يكن على المنافسين فحسب، بل على المرض واليأس.

إتقان عالم جديد وميراث الميداليات
بعد لندن اتخذ مطاوع قرارا جريئا بالتحول من رياضة رمي القرص الفردية إلى الكرة الطائرة جلوس الجماعية كان عليه أن يتعلم لغة رياضية جديدة تماما، تعتمد على الفريق والتكتيك، ومرة أخرى أثبت أنه بطل استثنائي وقاد المنتخب لبرونزية بارالمبية في ريو 2016، ثم كرر الإنجاز في باريس 2024، في ختام بدا منطقيا لمسيرة حافلة امتدت 27 عاما أعلن بعدها اعتزاله اللعب الدولي، مبررا قراره بالضغط النفسي الهائل ورغبته في قضاء وقت أطول مع أسرته.
لكن ما لم يعرفه أحد هو أن «وقفة المحارب» لم تكن سوى استراحة قصيرة قبل المعركة الأخيرة والأعظم، والتي توجت بالذهب العالمي في أكتوبر 2025.. والفوز بميداليات بارالمبية في رياضتين مختلفتين هو إنجاز نادر يضعه في فئة خاصة من الأساطير، حيث يضم سجله 5 ميداليات بارالمبية.
الروح التي لا تقهر
إرث مطاوع أبو الخير يتجاوز الميداليات إنه رمز للمثابرة، وقد كرمه رئيس الجمهورية بوسام الجمهورية من الدرجة الثانية، ولقبته وسائل الإعلام ب «حدوتة مصرية» فقصته أصبحت حكاية شعبية تروى للأجيال، لتثبت أن الإرادة قادرة على قهر أي مستحيل.
مطاوع أبو الخير هو أكثر من مجرد بطل رياضي؛ لقد أصبح «حدوتة» حقيقية، ستظل مصدر إلهام لا ينضب، ودليلا حيا على أن الروح البشرية، عندما تتمسك بالإرادة والأمل، لا يمكن قهرها، فقد أثبت أن قصته لا تنتهي إلا عندما يقرر هو كتابة السطر الأخير، وقد اختار أن يكون هذا السطر «بطل العالم».