أثار قرار السلطات الأسترالية بحظر وسائل التواصل الاجتماعي، لمن هم دون السادسة عشرة من العمر، مخاوف واسعة في أوساط المراهقين من ذوي الإعاقة، الذين يعتبرون المنصات الرقمية وسيلتهم الأساسية للتفاعل الاجتماعي وتكوين الصداقات.
ويخشى هؤلاء أن يؤدي القرار إلى عزلهم عن مجتمعاتهم الافتراضية التي تمثل بالنسبة إليهم متنفسًا إنسانيًا ونفسيًا لا يمكن الاستغناء عنه.
وفي تقرير نشرته شبكة ABC News Breakfast الأسترالية، تسلط القناة الضوء على شهادات لمراهقين من ذوي الإعاقة ومدافعين عن حقوقهم، يحذرون من أن الحظر الجديد قد يفاقم من مشكلاتهم اليومية، ويزيد من شعورهم بالوحدة والانفصال عن الآخرين.
شريان حياة للمراهقين ذوي الإعاقة
بالنسبة إلى رين ألفارو، وهي مراهقة تبلغ من العمر 15 عامًا وتعاني صعوبة في المشي وإرهاقًا مزمنًا واضطراب فرط الحركة والتوحد، كانت وسائل التواصل الاجتماعي شريان حياة حقيقيًا.
تقول رين إنها وجدت عبر إنستجرام مجتمعًا من الأصدقاء الذين يشاركونها اهتماماتها ويفهمون ما تمر به كمراهقة تعيش مع إعاقة جسدية، مشيرة إلى أن بعض الأيام لا تستطيع فيها الذهاب إلى المدرسة، وتصبح وسائل التواصل وسيلتها الوحيدة للبقاء على اتصال مع الآخرين.
تضيف رين:«بما أنني أعاني من إعاقة جسدية، فإن الخروج من المنزل أمر صعب. تساعدني وسائل التواصل على التواصل مع مجتمعي دون أن أضطر إلى مواجهة الأيام المرهقة والمؤلمة».
وتشعر رين بالقلق من أن الحظر المنتظر تطبيقه في 10 ديسمبر المقبل سيؤدي إلى فقدانها التواصل مع أصدقائها ومتابعيها، خاصة وأن القرار يشمل منصات مثل فيسبوك، إنستجرام، سناب شات، تيك توك، تويتر/إكس ويوتيوب.
دعوات لاستثناء المراهقين ذوي الإعاقة الجسدية
تشارك رين مخاوفها سكاي كاكوشكي-مور، الرئيسة التنفيذية لمنظمة الأطفال والشباب ذوي الإعاقة في أستراليا، التي أكدت أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل بيئة آمنة وسهلة للمراهقين من ذوي الإعاقة، إذ تساعدهم على بناء صداقات وممارسة التواصل الاجتماعي دون مواجهة العقبات التي تفرضها البيئة المادية غير المهيأة.
وقالت كاكوشكي-مور:«الكثير من الأماكن العامة لا تزال غير مهيأة لتلبية احتياجات ذوي الإعاقات الجسدية. من الضروري دراسة إمكانية استثناء المراهقين ذوي الإعاقة من الحظر المفروض على وسائل التواصل، باعتبارها وسيلة من وسائل الدمج الاجتماعي»
قرار يجرّد المراهقين من القوة
من جانبها، ترى إميلي يونيتي، الناشطة في مجالي الإعاقة والصحة النفسية، أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل منصة للتعبير عن الذات وتمكين المراهقين من مشاركة تجاربهم وسماع أصواتهم، وهو ما لا توفره دائمًا الحياة الواقعية.
وتقول يونيتي:«إذا سُلبت منهم هذه الوسائل، فلن يتمكنوا من طلب المساعدة بالطريقة التي يفضلونها أو التي تكون أكثر سهولة بالنسبة لهم. هذا القانون يجرّدهم من القوة، ويُشعرهم بأن الحكومة لا تهتم بما يفكرون فيه»
الحظر لا يشمل الإنترنت بالكامل
وكانت الحكومة الأسترالية قد مررت تعديل قانون الأمان الإلكتروني Online Safety Amendment فى نوفمبر الماضي بدعم من الحزبين الرئيسيين.
وأوضحت جولي إنمان جرانت مفوضة الأمان الإلكتروني، أن القرار لا يعني حظر الإنترنت بشكل كامل، مشيرة إلى أن الحظر لا يشمل منصات الألعاب الإلكترونية أو تطبيقات المراسلة.
وقالت جرانت:«ما نفعله ليس حظرًا شاملاً، بل تأجيل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للفئة العمرية بين 13 و17 عامًا، لحمايتهم من الأضرار المحتملة».
بين الحماية والعزلة
ورغم أن الحكومة تبرر القرار بأنه يهدف إلى حماية المراهقين من مخاطر الإنترنت والتنمر الإلكتروني، إلا أن كثيرين يرون أن تطبيقه بشكل شامل دون استثناءات مدروسة قد يؤدي إلى عزل فئة من الشباب الذين يعتمدون على الإنترنت كوسيلة أساسية للتواصل والتعلم والاندماج.
وتؤكد منظمات المجتمع المدني أن المطلوب ليس المنع، بل تطوير سياسات أمان تراعي التنوع والاحتياجات الخاصة، حتى لا يتحول الحظر إلى حاجز جديد في وجه الفئات الأكثر هشاشة.


.png)


















































