في قلب حي الشواطئ بمدينة تورنتو الكندية، حيث الأجواء الهادئة والبيوت التاريخية، يفتح مقهى «جودي بيتش» أبوابه حاملاً رسالة إنسانية فريدة، بأن هذا المكان مشروع يمنح الأمل لأصحاب الإعاقات الذهنية ويحول أحلامهم إلى فرص عمل حقيقية.
القصة بدأت بحلم امرأتين، معلمتين سابقتين في مجال التربية الخاصة، شهدتا معاناة ذوي الإعاقات الذهنية في البحث عن فرص عمل.
«دونا باترسون»، إحدى المؤسستين، تحمل في قلبها ذكرى شقيقتها جودي التي عانت من متلازمة داون وتوفيت العام الماضي. تقول دونا: «جودي علمتني كم كان العمل يعني لها كل شيء، كم منحها شعوراً بالكرامة والإنجاز».
هذا الإحساس هو ما يريد المقهى الجديد منحه لعشرة موظفين من ذوي الإعاقات الذهنية، يعملون هنا بأجر حقيقي وبكرامة كاملة. بالنسبة للكثيرين منهم، هذه أول تجربة عمل حقيقية في حياتهم.
وراء المنضدة يقف «ريان ماثيو سميث» بابتسامة مشرقة.. ريان الذي يعاني من متلازمة داون، لم يحصل على عمل دائم منذ زمن طويل. اليوم، وهو يعد القهوة للزبائن، يقول: «أخيراً أشعر أنني أعمل في مكان يقبلني كما أنا».
والدة ريان إلين سميث، تتحدث عن صعوبة رحلة البحث عن عمل لابنها قائلة «الكثيرون يخافون من توظيف ذوي الإعاقات، لكن هذا المقهى أثبت أنهم قادرون على العمل والإبداع مثل أي شخص آخر».
بينما تؤكد الأرقام الرسمية صعوبة وضع ذوي الإعاقة في سوق العمل، حيث تظهر الإحصاءات أن معدل توظيفهم أقل بكثير من الآخرين، خاصةً لأصحاب الإعاقات الشديدة، فإن إدارة المقهى تتعامل بمرونة مع الموظفين الجدد، حيث تبدأ بتدريبهم على المهام البسيطة أولاً، ثم تطور مهاراتهم تدريجياً.
«كل شخص له قدراته الخاصة وتحدياته» كما توضح ليزلي جرانت، الشريكة الثانية في المشروع، بينما المدهش في القصة أن المجتمع المحلي في حي الشواطئ احتضن الفكرة بحماس كبير، والزبائن يتوافدون ليس فقط لشرب القهوة، بل لدعم الرسالة الإنسانية التي يمثلها المقهى.
على الجدار الداخلي، تعلق صور لفتاة مبتسمة، إنها جودي التي ألهمت هذه الفكرة، ربما لا ترى حلمها يتحقق، لكن عشرات الأسر ستشعر بفرحتها وستحمل ذكراها في قلوبهم إلى الأبد.