الولايات المتحدة – جسور – فاطمة الزهراء بدوي
استيقظ الكاتب والناشط الأمريكي في مجال الإعاقة روبن ستيمبل ذات صباح، وهو يفكر في حلم غير معتاد لم يره فط في الليلة الفائته، ولكن ظل يطارده طوال الأسبوع.
في هذا الحلم، كان مراقبًا من بعيد، يسترق السمع إلى حوار بين زوجته “ويندي” صديقة غامضة. لم يدر الحلم حول فقدان القدرة على الحركة أو التراجع الجسدي، ولكن عن الحزن الصامت في عيون من يحبونه.، هذه المرة، لم يتساءل عن درجة الألم التي يشعر بها هو؛ بل عن الألم الذي يخفيه الآخرون.
يعاني روبن الذي يحكي تجربته إلى Muscular Dystrophy News Today من الحثل العضلي الوجهي الكتفي العضدي (FSHD)، وهو مرض وراثي يصيب العضلات تدريجيًا، ويؤثر بشكل مباشر على جودة حياة المري، ورغم أنه كتب كثيرًا عن تجربته مع المرض، فإن هذا الحلم أيقظه على بعد جديد: كيف يشعر من حوله؟
في الحلم، تحكي ويندي عن مشاهدتها لروبن، وهو يعاني في محاولته الوقوف أو التحرك، كانت تحاول أن تبقي ملامحها متماسكة، لكنها في السر تذرف الدموع، وتقول إنها أحيانًا تستغل ضعف بصره لتقوم ببعض المهام بدلاً منه، دون أن يشعر، باتت تتألم بصمت، وتحاول التخفيف عن زوجها دون أن تثقل عليه بقلقها.
عند استيقاظه، أدرك روبن أن هذه المشاعر قد لا تكون حقيقية تمامًا، لكنها منطقية بما يكفي لتحفزه على التفكير.. هل توقف يومًا ليسأل ويندي عن مشاعرها؟ هل فكر كيف يشعر أحباؤه وهم يشاهدون صحته تتراجع؟ لقد بدأ يفكر بجدية في أثر مرضه على الدائرة الأوسع من حياته: ابنته، أحفاده، أصدقاؤه، وجيرانه.
بعد أكثر من 45 عامًا من الزواج، يقر روبن بأنه لا يستطيع الجزم دومًا بما يدور في ذهن زوجته. فالصمت لا يعني دائمًا القوة، وربما كانت تخفي ضعفها كي لا تزيد من عبء مرضه عليه. هو لم يعد يعيش رحلته مع FSHD بمفرده، حيث يشاركها مع كل من يحيطون به، عن قصد أو دون قصد.
يفكر الآن في فتح حوارات صريحة مع أسرته، خاصةً زوجته وابنته “جيل” اللتين تلعبان دورًا محوريًا في رعايته اليومية. لا يريد أن يفترض أن كل شيء يسير على ما يرام. يريد أن يفسح لهن المجال للتعبير عن مشاعرهن، وحتى مخاوفهن، لا سيما أن المرض وراثي، وقد يمتد لأجيال قادمة في العائلة.
منذ أن تم تشخيصه بالمرض في عمر 14 عامًا، تعلم الكثير عن التعامل مع الحثل العضلي. لكنه لم يتوقف كثيرًا ليسأل: كيف يتعامل الآخرون؟ الحلم الأخير كان جرس إنذار، وربما فرصة لإعادة بناء الجسور بينه وبين من يحبونه. سواء بالدعم العملي، أو بالكلمات وبالمصارحة، وبأن يعرف الجميع أنهم ليسوا وحدهم في هذه الرحلة الطويلة.
يدرك روبن أن هذه الحوارات لن تكون سهلة، لكنها ضرورية. وربما يكون من خلالها قادرًا على تقديم الأجوبة، الطمأنينة، وحتى الأمل، لمن يعيشون إلى جواره ويتألمون في صمت.