دراسة:انتشار مشاكل الجهاز الهضمي بين الأطفال المصابين بالتوحد

كشفت دراسة حديثة أن الأطفال المصابين بالتوحد يعانون من مشكلات مستمرة في الجهاز الهضمي، أكثر بكثير من الأطفال الآخرين.

المفاجئ أن هذه الاضطرابات ليست مجرد مشكلات صحية، بل ترتبط أيضاً بصعوبات أخرى مثل النوم والسلوك، الدراسة تابعت 475 طفلاً، بينهم 322 طفلًا من ذوي التوحد، و153 بدون توحد.

تمت مقابلة عائلات الأطفال في ثلاث مراحل عمرية بين سن الثانية والثانية عشرة، باستخدام استبيان خاص بتاريخ المشكلات الهضمية، ومن أهم النتائج أن نصف الأطفال ذوي التوحد واجهوا أعراضاً هضمية في مرحلة ما من الدراسة، وأن 30% منهم استمرت معهم الأعراض في جميع المراحل.

في المقابل، أكثر من 60% من الأطفال غير المصابين بالتوحد لم يواجهوا أي مشكلات هضمية.

الدكتورة بيبيانا ريستريبو، أخصائية النمو والسلوك في معهد «UC Davis MIND»، علّقت بقولها:
«هذه الدراسة تؤكد ما يلاحظه كثير من الآباء منذ سنوات: مشكلات الجهاز الهضمي شائعة جداً لدى الأطفال المصابين بالتوحد».

وأضافت:«يجب على الأطباء طرح أسئلة عن هذه الأعراض خلال الزيارات الروتينية. فالعلاج الفعال يمكن أن يحسن من شعور الطفل ويساعده على التطور».

التوحد واضطرابات النوم

الأطفال الذين عانوا من مشاكل مستمرة في الجهاز الهضمي، أظهروا أيضاً معدلات أعلى من:

• اضطرابات النوم

• القلق والانفعالات

• صعوبات في التواصل

• حساسية مفرطة من المحفزات

• سلوكيات تكرارية

الدكتورة كريستين نوردال، أستاذة الطب النفسي في نفس المعهد، أوضحت أن:«الجسم والعقل مرتبطان ارتباطاً وثيقاً. ألم المعدة لا يؤثر فقط على الهضم، بل ينعكس أيضاً على النوم والمزاج وتفاعل الطفل مع من حوله».

الباحثون يأملون أن تؤدي نتائج الدراسة إلى تعاون أكبر بين أطباء الأطفال، وأخصائيي الجهاز الهضمي، وخبراء التوحد.
كما شددت نوردال على أن: «دعم صحة الجهاز الهضمي خطوة مهمة نحو تحسين جودة الحياة العامة للأطفال المصابين بالتوحد».

أبعاد صحية أوسع لأطفال التوحد

لا تقتصر التحديات الصحية التي يواجهها الأطفال المصابون بالتوحد على الجهاز الهضمي فقط، بل تمتد لتشمل جوانب طبية وسلوكية ونفسية تتطلب تدخلًا متكاملاً.

الأبحاث الحديثة تشير إلى أن اضطراب طيف التوحد يرتبط بارتفاع معدلات الإصابة بعدة حالات صحية، مثل الصرع، واضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، ومشكلات الجهاز المناعي.

تشير دراسة نُشرت في مجلة Pediatrics إلى أن ما يصل إلى 30% من الأطفال المصابين بالتوحد يعانون من نوبات صرع بدرجات متفاوتة.
هذا المعدل يزيد بأضعاف مقارنة بالأطفال غير المصابين، كما أن الجهاز الحسي لدى الأطفال المصابين بالتوحد غالباً ما يتأثر.
بعضهم يظهر حساسية مفرطة تجاه الأصوات أو الروائح أو اللمس، بينما يعاني آخرون من نقص في الإحساس أو عدم استجابة للمثيرات.

من جانب آخر، تبين أن نسبة كبيرة من الأطفال المصابين بالتوحد يعانون من نقص في بعض الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين “د” والزنك، ما قد يفاقم من مشكلاتهم السلوكية والصحية.

في ضوء هذه المعطيات، تؤكد منظمات صحية مثل “مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” (CDC) على أهمية التقييم الشامل والدوري لأطفال التوحد، يشمل النواحي العصبية والغذائية والسلوكية والنفسية.

توصيات الخبراء

النهج العلاجي يجب أن يكون متعدد التخصصات، المتابعة مع أطباء الأعصاب، وأخصائيي التغذية، والمعالجين السلوكيين، تساهم في تحسين الحالة العامة للطفل، وتقليل حدة الأعراض.

كما أن الدعم النفسي للأسرة لا يقل أهمية، فالتعامل اليومي مع هذه التحديات يفرض ضغطًا مستمرًا على الأهل، يتطلب تفهمًا ورعاية من المحيطين والمؤسسات المعنية.

الدراسة الأخيرة حول مشكلات الجهاز الهضمي لدى الأطفال المصابين بالتوحد تسلط الضوء على جانب مهم غالبًا ما يتم تجاهله.
لكن الأهم هو أن هذه المشكلات ليست منفصلة، بل مترابطة مع جوانب أخرى من الصحة النفسية والجسدية.