أيرلندا – جسور- فاطمة الزهراء بدوي
كشفت دراسة حديثة أطلقتها جامعة ليمريك، بالتعاون مع اللجنة البارالمبية الأيرلندية، عن وجود فجوات كبيرة في فرص الوصول إلى الرياضة، لذوي الإعاقة في أيرلندا، لا سيما للفتيات والأشخاص الذين يكتسبون الإعاقة في مراحل لاحقة من حياتهم.
يحمل التقرير عنوان “البوابات والمسارات: تجارب الرياضيين والمدربين في رياضة ذوي الإعاقة بأيرلندا”، ويُعد أشمل دراسة من نوعها حتى الآن، مستعرضًا التحديات اليومية التي تواجه هذه الفئة، رغم التقدم المُحرز في السنوات الأخيرة.
من أبرز ما توصل إليه البحث وجود فجوة صارخة بين الذكور والإناث. فالفتيات من ذوي الإعاقة يبدأن ممارسة الرياضة في سن متأخرة بعقد كامل مقارنة بالذكور، ما يعكس نقصًا واضحًا في الفرص والدعم خلال الطفولة والمراهقة. الدكتور شون هيلي، أستاذ مشارك في جامعة ليمريك وقائد الفريق البحثي، اعتبر الدراسة بمثابة دعوة للعمل، مؤكدًا أن الحل يبدأ من تحديد مواضع القصور في النظام الحالي.
يواجه الأفراد الذين يكتسبون إعاقتهم لاحقًا تحديات مضاعفة، أبرزها صعوبة التكيف مع الأنظمة الجديدة، والاعتماد الزائد على الآخرين، والتغيرات الجذرية في نمط الحياة، ما يحد من انخراطهم في النشاط الرياضي.
حدد التقرير حواجز هيكلية متكررة تقف عائقًا أمام مشاركة ذوي الإعاقة، منها التكلفة المرتفعة للأنشطة، قلة المعدات المناسبة، محدودية الوصول إلى المنشآت، والاعتماد الكبير على الأسرة لتوفير الدعم والنقل. هذه التحديات، وفقًا لفريق البحث، تعكس نقصًا في البنية التحتية الداعمة للرياضة الشاملة على المستويين المحلي والوطني.
أشار آلان دينين، مساعد باحث ولاعب منتخب أيرلندا للرجبي على الكراسي المتحركة، إلى أن مشاركته في الرياضة غيّرت حياته بشكل إيجابي، لكنه وصف الطريق للوصول إلى هذه المشاركة بالغامض والمرتبط بالحظ، مضيفًا: “لا يجب أن يتوقف الأمر على الحظ”.
أظهرت النتائج أيضًا ضعفًا في استثمار البيئات المؤثرة مثل المدارس، وأجواء الأسرة، ومراكز التأهيل. فرغم ما تملكه هذه المؤسسات من إمكانيات لتكون بوابات مبكرة نحو الرياضة، إلا أنها غالبًا ما تُهمل أو تُدار بأساليب غير مؤهلة لتقديم مسارات فعالة للاندماج الرياضي.
دعا د. هيلي إلى توجيه استثمارات دقيقة نحو برامج مجتمعية وتوسيع البنية التدريبية، مؤكدًا أن تطوير منظومة المدربين وتوفير المعدات الملائمة والدعم المحلي هو الأساس لأي تغيير حقيقي.
رحبت وزيرة الدولة لشؤون الإعاقة، هيلديغارد نوتون، بنتائج البحث، واعتبرته خطوة مهمة ضمن استراتيجية الحكومة الأوسع للدمج، مضيفة أن تقليص الفجوة في المشاركة بين ذوي الإعاقة وغيرهم يمثل أولوية وطنية.
من جانبها، وصفت نيسا راسل، المديرة التنفيذية للجنة البارالمبية الأيرلندية، النتائج بأنها “صادمة ومحفزة في آن، وأن التقرير يعكس ما يشعر به مجتمع ذوي الإعاقة منذ سنوات”. مشددة على أهمية وجود مسار واضح ومُيسر لكل شخص من ذوي الإعاقة، بغض النظر عن العمر أو النوع أو الخلفية، للمشاركة في الرياضة بشكل كامل.
ستبدأ اللجنة البارالمبية وجامعة ليمريك العمل مع الجهات المعنية في مجالات الرياضة والتعليم والصحة والحكومة لتنفيذ التوصيات. تتضمن الخطط تعزيز البرامج التدريبية، واستحداث مبادرات جديدة، والمطالبة باستثمارات داعمة على المستويين المحلي والقومي. وفي ختام إطلاق التقرير، قال الدكتور هيلي: “لدينا الآن الدليل، والسؤال الذي يفرض نفسه هو: ماذا سنفعل به؟”.