بعد رفض توظيفها.. مقابلة عمل تُغيِّر حياة فتاة إنجليزية ضعيفة البصر

بعد رفض توظيفها.. مقابلة عمل تُغيِّر حياة فتاة إنجليزية ضعيفة البصر

المحرر: سماح ممدوح حسن - بريطانيا

أوليولوا أدييولا، شابة بريطانية ولدت بضعف جزئي في البصر، كانت تعتقد أنها تستطيع مواجهة الحياة بمفردها، دون مساعدة من أحد، في الحقيقة كانت تخجل من طلب المساعدة.

لكن كل شيء تغيّر بعد أول مقابلة عمل لها، حين كانت في السادسة عشرة من عمرها، والتي دفعتها للاعتراف بإعاقتها والبدء في طلب الدعم عند الحاجة.

نشرت صحيفة The Guardian قصة أدييولا، ووصفت كيف غيّرت هذه التجربة حياتها وعززت من قدرتها على التعامل مع تحديات الإعاقة والانفتاح على المجتمع.

في صيف 2019، قررت أدييولا البحث عن أول وظيفة لها لتتمكن من حضور المهرجانات والحفلات الموسيقية مع أصدقائها، ومع عدم وجود خبرة سابقة، أرسلت سيرتها الذاتية إلى كل المحلات والمقاهي في قريتها الصغيرة بتشيلمسفورد، إسيكس، وبالفعل حصلت على مقابلة عمل في مطعم محلي للوجبات السريعة .

تقول أدييولا أنها كانت متوترة للغاية وهى في طريقها إلى المقابلة، لكنها لم تتوقع ما سيحدث حين طلب منها مدير التوظيف تجربة خدمة أحد الزبائن عبر شاشة العرض.

ولدهشتها، لم تتمكن من قراءة أي كلمة على الشاشة، وتجمّدت أمام الزبونة وطفلتها الصغيرة، بعد دقائق محرجة أنهى المدير المقابلة، وتلقت رسالة رفض في اليوم التالي.

كانت هذه اللحظة صادمة، لكنها فتحت أمامها إدراكًا مهمًا لأول مرة: أنها معاقة بالفعل؛ رغم أنها ولدت ضعيفة البصر جزئيًا، كانت تحاول إخفاء ذلك طوال حياتها منذ الطفولة، حيث كانت تجد صعوبة في رؤية السبورة ونقل الملاحظات من أصدقائها، وكانت تعتمد على طرق غير مباشرة لتعلم الرياضيات.

تروي أدييولا أن الكبار في حياتها، سواء في المنزل أو المدرسة أو المستشفى، كانوا يتحدثون عن بصرها بصوت منخفض، ولم تدرك أن معظم الأطفال لا يزورون طبيب العيون بشكل متكرر.

وفي طفولتها، اعتبرت إقامتها في المستشفى لمدة أسبوعين كإجازة، حيث كونت صداقات مع الأطفال الآخرين، وقرأت كتب مكتبة المستشفى، وكانت أقل وعيًا بكيفية قرب وجهها من الصفحة لرؤية النص بوضوح.

مع تقدمها في السن، حاولت أدييولا إخفاء ضعف بصرها بشكل أكبر، خصوصًا بعد انتقالها إلى المدرسة الثانوية في إسيكس، لكنها بعد مقابلة العمل، بدأت قبول واقع إعاقتها خطوة بخطوة.

في موعد طبيب العيون التالي، طرحت المزيد من الأسئلة، وعلمت أن النظارات لن تحسن بصرها وأنها لن تستطيع قيادة السيارة أبدًا، وعندما نظرت إلى تشخيصها الرسمي: اعتلال الشبكية، شعرت بالارتياح لأنها أصبحت حقيقة ملموسة.

الخطوة التالية كانت تخليها عن الاستقلالية المفرطة،  فقد كانت ترفض طلب المساعدة لدرجة أنها كانت تفضل ركوب الباص الخاطئ على سؤال أحد الغرباء عن الطريق، أو تتظاهر بعدم الجوع في المطاعم لتجنب قراءة القوائم، ومع مرور الوقت، وبفضل حب ودعم أصدقائها، اكتسبت الثقة في طلب المساعدة، ووجدت أن الناس لطفاء ومتعاونون سواء أصدقاء أو غرباء.

اليوم، تقول أدييولا إنها بعيدة تمامًا عن الفتاة البالغة 16 عامًا المليئة بالقلق، وتتعامل مع كل عقبة جديدة كتحدٍ، وتوضح أن التحدث وطلب التعديلات اللازمة في الأماكن العامة أتاح لها تجربة أكثر استقلالية وسهولة.

وتختم أدييولا كلامها قائلة: «أذكر دائمًا أن هناك أكثر من مليوني شخص يعانون من ضعف البصر في المملكة المتحدة؛ أنا لا أتحدث فقط لنفسي، بل من أجل الملايين أمثالي، واليوم، أتأكد دائمًا أنني لا أجوع في المطاعم».

يُقدّر عدد الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في المملكة المتحدة بحوالي 300,000 شخص من البالغين في سن العمل، إلا أن فرصهم في الحصول على وظائف مدفوعة الأجر محدودة للغاية‘ إذ تشير الإحصاءات إلى أن 1 من كل 4 أشخاص فقط من ذوي الإعاقة البصرية يعملون بأجر، وهي نسبة ثابتة تقريبًا منذ أكثر من 30 عامًا .

أسباب كثيرة تحول دون توظيف أصحاب الغعاقات البصرية، أبرزها المواقف السلبية لأصحاب العمل، وصعوبة الوصول إلى عمليات التوظيف، ونقص الدعم المناسب في بيئة العمل،

وفي تقرير “Employment facts and stats 2020” الصادر عن الجمعية الوطنية للمكفوفين في المملكة المتحدة (RNIB) أشارت البيانات الواردة في التقرير حسب إحدى الدراسات إلى أن 27% فقط من الأشخاص المكفوفين أو ضعاف البصر في سن العمل في المملكة المتحدة يعملون بأجر، وهي نسبة ثابتة منذ عام 1991.

وقال 36% من المشاركين في الدراسة إلى أن عمليات التوظيف غير متاحة، بينما عبّر 35% عن تجاربهم مع مواقف سلبية من أرباب العمل، و32% شعروا بنقص الدعم في مكان العمل .

علاوة على ذلك، يُعتبر الوصول إلى وسائل النقل العامة أحد التحديات الكبرى، حيث أظهرت دراسة أن 50% من المهنيين ذوي الإعاقة قد رفضوا عروض عمل بسبب صعوبة التنقل .

منظمات مثل RNIB وPocklington تسعى إلى تحسين هذه الظروف من خلال برامج تدريبية ودعوية، بالإضافة إلى دعم السياسات الحكومية التي تعزز من فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة كبيرة في التوظيف تتطلب جهودًا مستمرة لتوفير بيئة عمل أكثر شمولًا ودعمًا.

المقالة السابقة
رحلة بلا أمل.. حكاية مصري يحمل نجله المصاب بالشلل في المترو
المقالة التالية
جولة في عربة قطار فارغة لتشجيع المكفوفين على السفر في بريطانيا 

وسوم

أمثال الحويلة (397) إعلان عمان برلين (460) اتفاقية الإعاقة (608) الإعاقة (142) الاستدامة (1099) التحالف الدولي للإعاقة (1072) التشريعات الوطنية (844) التعاون العربي (514) التعليم (83) التعليم الدامج (65) التمكين الاقتصادي (89) التنمية الاجتماعية (1094) التنمية المستدامة. (84) التوظيف (64) التوظيف الدامج (827) الدامج (56) الدمج الاجتماعي (637) الدمج المجتمعي (163) الذكاء الاصطناعي (86) العدالة الاجتماعية (72) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (508) الكويت (86) المجتمع المدني (1076) الولايات المتحدة (63) تكافؤ الفرص (1069) تمكين (87) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (527) حقوق الإنسان (76) حقوق ذوي الإعاقة (95) دليل الكويت للإعاقة 2025 (373) ذوو الإعاقة (156) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1037) ذوي الإعاقة (527) ذوي الهمم (58) ريادة الأعمال (395) سياسات الدمج (1057) شركاء لتوظيفهم (386) قمة الدوحة 2025 (649) كود البناء (449) لغة الإشارة (72) مؤتمر الأمم المتحدة (342) مجتمع شامل (1064) مدرب لغة الإشارة (640) مصر (84) منظمة الصحة العالمية (663)