Skip to content

رحيل جاكي براون.. قاومت الإعاقة لعقود دون اعتذار من حكومة أيرلندا

رحيل جاكي براون.. قاومت الإعاقة لعقود دون اعتذار من حكومة أيرلندا

أيرلندا- جسور- فاطمة الزهراء بدوي 

رغم الألم الذي رافقها منذ الولادة، رحلت جاكي براون، عن عمر يناهز الثالثة والستين، بعدما قضت حياتها في النضال من أجل كرامة ذوي الإعاقة، وحقوق الناجين، من كارثة دواء الثاليدومايد، الذي سبّب لها تشوهات جسدية مزمنة.

وُلدت في كيري عام 1961، كانت واحدة من أكثر الأصوات تأثيرًا في المجتمع المدني الأيرلندي. شيعت جنازتها في كنيسة القديس يوحنا بمدينة ترالي، حيث تجمع المئات في وداع شخصية، وصفتها كلمات الحزن والإعجاب في آنٍ بأنها “امرأة ذات قناعة ورحمة” و”عاملة لا تعرف الكلل من أجل التغيير”.

خلال قداس الجنازة، تحدث الأب تادج فيتزجيرالد، الذي عرفها منذ أكثر من 25 عامًا، مؤكدًا أنها لم تكن تقبل بالصمت في مواجهة الظلم، ولا بالجلوس عندما يتطلب الأمر الوقوف والمواجهة. وأضاف أنها “كانت تُضيء أماكن لا يصلها ضوء، وتُجبر الجميع على الإصغاء إلى أصوات طالما تم تجاهلها”.

اختارت عائلتها وضع رموز من حياة جاكي قرب المذبح: سترة بحرية ترمز لعشقها للمحيط والطبيعة، مطبوعة عن الشبكة الوطنية لمنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة، وصور لكلبها “ساندي” وقطها “لورينزو”. وشارك أعضاء من منظمة “الكلاب المرشدة للمكفوفين” في حرس شرف تكريمي لها، كما تواجد مترجم للغة الإشارة خلال القداس، في احترام لحياتها وقضيتها.

تحدث دونال جاي براون، شقيقها، بتأثر عن اللحظات الأولى بعد ولادتها، قائلًا إنه لم يكن أحد يتوقع أن تدخل “هذه الطفلة الصغيرة في سلة موسى” التاريخ وتُشعل قضايا العدالة في أيرلندا لعقود. وأكد أن الأسرة بأكملها “صُدمت من حجم إرثها الذي ظهر جليًّا في الأيام التي تلت رحيلها”.

جاكي كانت من بين الناجين الأيرلنديين من دواء “ثاليدومايد” الذي أُعطي للنساء الحوامل في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، قبل أن يُكتشف تسببه في تشوهات خلقية خطيرة. ورغم حظره عالميًا عام 1961، استمر بيعه في أيرلندا حتى عام 1964، ما أسفر عن حالات عديدة مشابهة لحالة جاكي، بأطراف ناقصة أو قصيرة، وضعف في السمع والبصر وأضرار في الأعضاء الداخلية.

عانت من العزلة في عمر الخامسة حين تم إرسالها إلى مدرسة داخلية للصُم في دبلن. لكن عزيمتها لم تضعف، بل ازدادت قوة. انخرطت في الرياضة، وشاركت لاحقًا في سباق اليخوت الشهير “Clipper Round the World” عام 2010. كانت إعاقتها دافعًا لتحطيم كل الحواجز المفروضة على من يشبهونها.

في حديث سابق لها مع صحيفة “The Irish Times“، عبرت عن حلمها بأن تسمع اعتذارًا رسميًا من الدولة، اعتذارًا يمنحها بعض السلام، وقالت حينها: “أحتاج فقط أن تُرفع هذه الغيمة السوداء عني”.

في وداعها، جدد شقيقها دعوته للحكومة الأيرلندية بأن تُقدم على “الاعتراف والاعتذار” الرسميين للناجين من مأساة الثاليدومايد، وأن تُخصص حزمة رعاية صحية عاجلة لهم. 

مع نهاية كلمته، اختتم دونال براون بالقول: “الحقيقة لا تموت أبدًا”، فتعالى التصفيق من الحضور، وكأنهم يرددون ما كانت جاكي تؤمن به طيلة حياتها: أن الصوت الصادق سيظل مسموعًا، مهما تأخر الاعتراف به.

المقالة السابقة
رواية “عطر امرأة” الأصلية تكشف وجهًا أعمق للإعاقة والحب والخذلان
المقالة التالية
استمرار فعاليات مهرجان”الأمل” لذوي الإعاقة في وجدة بالمغرب.. صور