رواد حقوق ذوي الإعاقة.. شخصيات تاريخية حطمت جدران العزلة وصنعت العدالة

رواد حقوق ذوي الإعاقة ليسوا مجرد أسماء عابرة في كتب التاريخ. بل هم الأبطال الحقيقيون الذين حولوا الإعاقة من مأساة فردية إلى قضية حقوق مدنية. لذلك، يحتفل العالم في 3 ديسمبر بإنجازاتهم الخالدة.

واليوم العالمي لذوي الإعاقة هو مناسبة دولية تحتفل بها الأمم المتحدة سنويا. بهدف تعزيز حقوق ورفاهية الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع المجالات. كما يسعى إلى زيادة الوعي بوضعهم في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

رواد حقوق ذوي الإعاقة

يستعرض هذا التقرير قصص شخصيات رفضت الاستسلام للواقع المؤلم. حيث ناضلوا لتغيير القوانين والمفاهيم المجتمعية الجامدة. في الواقع، فإن العالم اليوم يدين لهم بكل قانون يحمي الكرامة.

إد روبرتس الأب الروحي للاستقلالية

يعتبر إد روبرتس بمثابة الأب الروحي لحركة العيش المستقل عالميا. فقد أصيب بشلل الأطفال في سن مبكرة، مما أجبره على استخدام جهاز التنفس الحديدي. مع ذلك، رفضت جامعة كاليفورنيا قبوله في البداية بحجة عدم ملاءمة السكن.

لكنه أصر على حقه، ونجح في دخول الجامعة وتغيير سياساتها. وفقا لما ذكره موقع «History.com»، أسس روبرتس برنامج «الطلبة المعاقين بدنيا». نتيجة لذلك، تحول الحرم الجامعي إلى مهد لحركة حقوقية ثورية.

علاوة على ذلك، أسس مركز العيش المستقل الأول من نوعه. حيث كان يهدف إلى تمكين ذوي الإعاقة من العيش في منازلهم وليس في مؤسسات. لذا، يعد روبرتس من أهم رواد حقوق ذوي الإعاقة.

جودي هيومان قائدة الاعتصام التاريخي

جودي هيومان هي القوة الدافعة وراء التشريعات الحديثة للحماية. فقد منعتها السلطات من التدريس لأنها تستخدم كرسيا متحركا، بحجة أنها تشكل خطرا في الحرائق. بدلا من الاستسلام، رفعت دعوى قضائية وفازت بها لتصبح أول معلمة على كرسي متحرك.

الأهم من ذلك، قادت هيومان أطول اعتصام في مبنى فيدرالي في تاريخ أمريكا عام 1977. حسب مقال في صحيفة «نيويورك تايمز»، استمر الاعتصام 28 يوما للمطالبة بتفعيل المادة 504. هذه المادة كانت أول تشريع فيدرالي يحظر التمييز ضد ذوي الإعاقة.

بسبب هذا النضال، اضطرت الحكومة إلى الرضوخ وتوقيع اللوائح التنفيذية. لذلك، تعتبر هيومان أما روحية للحركة الحقوقية. رواد حقوق ذوي الإعاقة مثل هيومان علموا العالم معنى الصمود السلمي.

طه حسين عميد الأدب وقاهر الظلام

يبرز طه حسين كأيقونة خالدة في تاريخنا العربي الحديث. فقد تحدى فقدان البصر منذ طفولته ليصبح وزيرا للمعارف في مصر. حيث أطلق شعاره الخالد «التعليم كالماء والهواء» ليكون حقا متاحا للجميع.

بسبب ذلك، يعد حسين المؤسس الفعلي لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية. كما أنه أثبت أن الإعاقة البصرية لا تحول دون الوصول إلى القمة. لذلك، يتصدر طه حسين قائمة رواد حقوق ذوي الإعاقة الملهمين.

منيرة بن هندي رائدة التمكين السياسي

في السياق الخليجي، تعتبر منيرة بن هندي رمزا للنضال الحقوقي والسياسي. إذ كانت أول امرأة من ذوي الإعاقة تدخل مجلس الشورى في مملكة البحرين. بناء على ذلك، ساهمت بقوة في صياغة تشريعات تضمن حقوق هذه الفئة.

رواد حقوق ذوي الإعاقة مثل بن هندي أثبتوا أن الكرسي المتحرك لا يمنع القيادة. حيث حولت تجربتها الشخصية إلى عمل مؤسسي يخدم المجتمع بأسره. لذا، تظل تجربتها نموذجا يحتذى به في الإرادة والقيادة النسائية.

فرانكلين روزفلت القوة من الكرسي المتحرك

فرانكلين روزفلت، الرئيس الأمريكي الأسبق، يمثل حالة فريدة من القيادة. على الرغم من أنه أخفى إعاقته عن العامة لأسباب سياسية، إلا أن تجربته شكلت سياساته. حيث أصيب بشلل الأطفال في سن التاسعة والثلاثين وفقد القدرة على المشي.

مع ذلك، قاد الولايات المتحدة خلال أصعب فتراتها، الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية. وفقا لموقع «مكتبة روزفلت الرئاسية»، أسس روزفلت مؤسسة لعلاج شلل الأطفال تعرف اليوم ب «March of Dimes». إن إصراره على القيادة رغم الألم ألهم جيلا كاملا من المصابين.

من هنا، يمكن اعتباره واحدا من رواد حقوق ذوي الإعاقة في السلطة. إذ أثبت أن القدرة الجسدية ليست شرطا للقيادة والكريزما. لذلك، يظل تمثاله في واشنطن على كرسيه المتحرك رمزا للتحدي.

طالع: لندن تحتفي بالتجارب الملهمة في اليوم العالمي لذوي الإعاقة

طالع: اليوم العالمي لذوي الإعاقة.. أمريكية تروي تجربتها مع فرط الحركة وصعوبة التعلم

هيلين كيلر  من رواد حقوق ذوي الإعاقة

تتجاوز هيلين كيلر صورتها النمطية كـ «معجزة» تعلمت الكلام. في الواقع، كانت مدافعة شرسة عن الحقوق المدنية. إضافة إلى ذلك، ساهمت في تأسيس الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU).

حسب ما ورد في مجلة «Time»، ربطت كيلر بين الفقر والإعاقة بشكل مبكر جدا. حيث جادلت بأن ظروف العمل السيئة هي سبب رئيسي للعمى والإصابات. لذلك، لم تكتف بالعمل الخيري، بل طالبت بتغيير النظام الاجتماعي والاقتصادي.

بناء على ذلك، تظل كيلر أيقونة فكرية بين رواد حقوق ذوي الإعاقة. إذ علمتنا أن النضال من أجل المعاقين هو نضال من أجل العدالة الاجتماعية. إن إرثها لا يزال حيا في كل حركة تطالب بالمساواة.

جاستن دارت جونيور عراب قانون ADA

يعرف جاستن دارت جونيور بلقب «عراب قانون ذوي الإعاقة». حيث جاب البلاد بكرسيه المتحرك وقبعته المميزة لجمع الشهادات حول التمييز. كان هدفه توحيد أصوات المعاقين في وثيقة واحدة لا يمكن تجاهلها.

بالتالي، كان دوره حاسما في تمرير قانون «ADA» التاريخي عام 1990. وفقا لأرشيف «البيت الأبيض»، كان دارت يجلس بجوار الرئيس بوش الأب لحظة توقيع القانون. هذا القانون يعتبر النموذج الذي احتذت به معظم دول العالم لاحقا.

لذلك، لا يمكن الحديث عن رواد حقوق ذوي الإعاقة دون ذكر اسمه. إذ حول المعاناة الفردية إلى قوة سياسية منظمة. جاستن دارت أثبت أن الحقوق تنتزع ولا تمنح.

هبة هجرس مهندسة التشريعات الحديثة

في مصر، تعتبر الدكتورة هبة هجرس مهندسة التشريعات الحديثة لذوي الإعاقة. إذ لعبت دورا محوريا في صياغة وإقرار القانون رقم 10 لسنة 2018. بناء على ذلك، نقلت الملف من خانة الرعاية الخيرية إلى الحقوق القانونية الملزمة.

علاوة على ذلك، مثلت المرأة ذات الإعاقة في البرلمان والمحافل الدولية. حيث عملت كخبير دولي ساهم في صياغة اتفاقية الأمم المتحدة. لذا، هي نموذج حي ل رواد حقوق ذوي الإعاقة المؤثرين في السياسات.

لويس بريل ورواد حقوق ذوي الإعاقة

لويس بريل هو المحرر الحقيقي لعقول المكفوفين حول العالم. فقد ابتكر نظاما للكتابة والقراءة منحهم استقلالية معرفية تامة. بدلا من الاعتماد على الآخرين، أصبح الكفيف قادرا على القراءة والكتابة بنفسه.

بناء على ذلك، تحولت طريقته إلى معيار عالمي للتعليم والتوظيف. حسب تقرير ل «اليونسكو»، فإن طريقة بريل هي البوابة الرئيسية للدمج الاجتماعي والاقتصادي. بهذا الابتكار، حجز بريل مكانه في صدارة رواد حقوق ذوي الإعاقة.

لم يكن بريل ناشطا سياسيا، لكن اختراعه كان ثورة حقوقية بامتياز. حيث مكن الملايين من الوصول إلى المعرفة والعلم. لذلك، يعد تأثيره ممتدا وعابرا للقرون والقارات.

غانم المفتاح سفير الإرادة العالمية

أما في العصر الحديث، يمثل الشاب القطري غانم المفتاح صوتا عالميا مؤثرا. حيث وقف أمام العالم في افتتاح كأس العالم 2022 ليرسل رسالة سلام. علاوة على ذلك، يسعى المفتاح إلى تغيير النظرة النمطية العالمية تجاه قدرات ذوي الهمم.

لذلك، هو يكمل مسيرة رواد حقوق ذوي الإعاقة باستخدام القوة الناعمة. إذ يثبت يوميا أن الإعاقة الجسدية يمكن أن تكون دافعا للتميز لا العجز. في الواقع، غانم هو صوت الجيل الجديد الطامح لعالم بلا حواجز.

في الختام، فإن إرث هؤلاء العمالقة هو ما نعيشه اليوم من قوانين. حيث حولوا الألم الشخصي إلى نضال عام من أجل العدالة والمساواة. لذلك، يجب علينا في اليوم العالمي لذوي الإعاقة أن نحمل الشعلة.

باختصار، إن تاريخ رواد حقوق ذوي الإعاقة هو تاريخ للإنسانية جمعاء. علينا أن نتذكر دائما أن الحقوق التي نتمتع بها اليوم دفع ثمنها آخرون. أخيرا، الطريق لا يزال طويلا نحو عالم شامل بالكامل.