رغم فقدانه البصر بشكل كامل في سن الثلاثين، لم يتوقف المنتج الموسيقي البريطاني الشهير سِر روبن ميلار عن الإبداع وتحقيق النجاحات في عالم الموسيقي، المدهش أن إعاقته جعلته في الصدارة الفنية، واستطاع أن يصنع مسيرة امتدت لعقود، تعاون خلالها مع أسماء بارزة مثل Sade وBoy George، ويمكن اعتباره أحد أهم المنتجين في بريطانيا، والذي استطاع تغيير مسار الموسيقى الغربية.
فقد روبن ميلار بصره تمامًا خلال إنتاجه الألبوم الثاني للمغنية Sade في فرنسا، وكان ذلك نقطة تحوّل قاسية في حياته، يصف ميلار تلك اللحظة قائلا: “شعرت بالانهيار حينها لكنني قررت أنني لن أكون ضحية، القرار لم يكن سهلاً، لكن نتائجه كانت مبهرة، أكثر من 44 أغنية، وصلت إلى المرتبة الأولى، وملايين النسخ المباعة حول العالم”.
ورغم النجاح والتحققوالشهرة في عالم الغناء، لم تتوقف التحديات والمواقف الصعبة في حياة ميلار، ففي إحدى المناسبات طلب منه إثبات إعاقته عند حجزه مكانًا مخصصًا في حفلة، ما كشف له عمق النظرة المجتمعية القاصرة.
علق ميلار الذي أصبح لاحقًا رئيسًا لجمعية Scope المدافعة عن حقوق ذوي الإعاقة، بمقولته الشهيرة: لا نحتاج إلى إجراءات معقولة، نحتاج إلى لغة تمكينية وسياسات تضمن الاحترام.
ومع كل هذا، فإن أكثر ما أوجعه لم يأتِ من الغرباء، بل من أقرب الناس إليه، والدته، التي قالت له في عيد ميلاده الأربعين: “لو كنا نعرف عن ضعف بصرك، لما أنجبناك”.. عبارة قاسية لم تغب عن ذاكرته، وتعكس حجم الصراع النفسي والعوائق التي استطاع الرجل تجاوزها بابتكار ألحان بديعة.
العلاقة بين الإعاقة والموهبة الموسيقية
تشير أبحاث علم الأعصاب إلى أن الأشخاص المكفوفين قد يطورون قدرات سمعية أو لمسية خارقة بفضل اللدونة العصبية (Neuroplasticity) في غياب البصر، يُعاد توظيف القشرة البصرية في الدماغ لمعالجة الأصوات والاهتزازات، ما يمنحهم إحساسًا موسيقيًا عالي الدقة، أحيانًا يتفوق على الأشخاص المبصرين.
مثال على ذلك الموسيقار العربي المصري عمار الشريعي والشيخ إمام عيسى، وهو ما يفسر قدرة ميلار وآخرين على التفوق في مجالات تعتمد على إدراك الصوت والإيقاع.