ابتكر فريق بحثي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات نظاماً متقدماً يتيح للأشخاص من ذوي الإعاقة وكبار السن التحكم بالروبوتات والأجهزة من خلال التفكير فقط، في خطوة علمية تمهد لمستقبل يندمج فيه الذكاء الاصطناعي مع قدرات الإنسان العصبية ليمنح فئات المجتمع الأكثر احتياجاً استقلالية أكبر وجودة حياة أفضل.
وبحسب موقع «البيان» الإماراتي فإن النظام الجديد يعتمد على تكنولوجيا متطورة تقوم بقراءة إشارات الدماغ وتحليلها، ثم تحويلها إلى أوامر توجه إلى روبوت على شكل كلب ذكي قادر على تنفيذ الأوامر فوراً.
ويستند المشروع إلى بحوث متعمقة في مجال الرؤية الحاسوبية والذكاء العصبي، قادها الدكتور هشام شولاكال، أستاذ مساعد في قسم الرؤية الحاسوبية بالجامعة، بمشاركة الدكتور جان لحود، باحث في القسم نفسه، وكل من المهندس جسيل محمد وطالبي الدكتوراه محمد إرفان ك وسهال شاجي مولابيلي.
وأوضح الدكتور جان لحود أن النظام يعمل عبر سماعة خفيفة الوزن توضع على الرأس وتتصل بحاسوب، حيث ترصد هذه السماعة النشاط الكهربائي في الدماغ باستخدام تقنية التخطيط الكهربائي للدماغ، وهي التقنية ذاتها التي تستخدم في المستشفيات لتحديد مناطق النشاط العصبي. وبمجرد أن يتركز انتباه المستخدم أو يفكر في أمر معين، يقوم النظام بترجمة هذا التركيز إلى إشارة رقمية تُمكّن الروبوت من تنفيذ الفعل المطلوب، سواء كان حركة أو استجابة محددة.
وأشار لحود إلى أن هذا الابتكار لا يقتصر على الجانب الترفيهي، بل يمثل نقلة نوعية في كيفية تفاعل الإنسان مع التقنية، خصوصاً لذوي الإعاقة أو محدودي الحركة أو من فقدوا القدرة على النطق، إذ يتيح لهم التحكم بالأجهزة المنزلية أو الأدوات المساعدة أو حتى الكراسي المتحركة عبر التفكير فقط. ويرى الباحث أن ذلك يمكن أن يغير جذرياً أسلوب حياة ملايين الأشخاص حول العالم، عبر تمكينهم من التواصل مع محيطهم دون الحاجة إلى أي جهد بدني.
وأكد أن التجارب الأولية أثبتت قدرة النظام على فهم الحالات الذهنية للمستخدمين بدقة عالية، وترجمتها إلى أوامر ملموسة في الزمن الحقيقي، ما يعكس التقدم الكبير الذي أحرزه الذكاء الاصطناعي في فهم الدماغ البشري. وأوضح أن المشروع يفتح الباب أمام تطوير واجهات تفاعل ذكية وطبيعية بين الإنسان والآلة، بحيث تصبح الأفكار وسيلة مباشرة للتواصل مع التكنولوجيا، دون الحاجة إلى اللمس أو الصوت أو الكتابة.
وأشار لحود أن ازدياد متوسط الأعمار عالمياً وارتفاع مؤشر جودة الحياة يجعلان الحاجة إلى حلول ذكية للرعاية أكثر إلحاحاً، مبيناً أن الروبوتات المزودة بهذه التقنية يمكن أن تقدم دعماً عملياً لكبار السن وذوي الإعاقة، عبر مساعدتهم في إنجاز مهامهم اليومية والحفاظ على استقلاليتهم وكرامتهم. كما شدد على أن هذا المشروع ليس مجرد تجربة بحثية، بل يمثل رؤية مستقبلية لمرحلة تصبح فيها الأفكار البشرية لغة تفاعل رئيسية مع العالم الرقمي.