زيادة الضرائب والرسوم الجمركية يثير غضب ذوي الإعاقة في أمريكا

تسببت السياسات الجمركية الأخيرة لإدارة ترامب في الولايات المتحدة في موجة من الارتفاعات الكبيرة في أسعار السلع الاستهلاكية من أجهزة اللاب توب ومنصات الألعاب إلى السيارات والمنتجات الترفيهية، لكن التأثير الأخطر ظهر في قطاع غير متوقع وهو التكنولوجيا المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تحوّلت الرسوم الجمركية إلى عائق إضافي أمام واحدة من أكثر الفئات حاجة لهذه المنتجات.

“المستهلكون الأميركيون والعائلات والعمال سيشعرون بآلام حقيقية” هكذا علّق جاري شابيرو الرئيس التنفيذي لجمعية تكنولوجيا المستهلك، وقد ركّزت الجمعية على الأثر السلبي للرسوم على الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المساعدة، التي تقدم منتجات أساسية مثل أجهزة القراءة بطريقة برايل والأدوات المساندة للحركة وتقنيات السمع والبصر.

منتجات ضرورية بأسعار مستحيلة

رغم أن الكراسي المتحركة المتطورة وأجهزة السمع والأدوات البصرية الذكية ليست رفاهية، إلا أنها تُعامل كسوق هامشي. أسعار هذه المنتجات تتراوح بين آلاف وعشرات آلاف الدولارات، وغالبًا ما تظل لسنوات في متاهة تنظيمية قبل أن تصل إلى المستشفيات ثم المستهلكين. التعويضات التأمينية غير مضمونة، ما يضطر كثيرًا من الأسر للاقتراض أو اللجوء إلى التمويل الجماعي عبر الإنترنت لتأمين أبسط الأدوات.

ابتكارات مهددة بالانهيار

• شركة Kalogon التي أسسها مهندس سابق في “سبيس إكس” وتطوّر مقاعد ذكية تعمل بالذكاء الاصطناعي لتخفيف إصابات الضغط لمستخدمي الكراسي المتحركة.
• شركة Soliddd التي يقودها نيل وينستوك، وابتكرت نظارات ذكية مدعومة بتقنيات الواقعين المعزز والافتراضي لدعم المصابين بفقدان البصر.

لكن هذه الشركات رغم إنجازاتها العلمية، تصطدم بواقع اقتصادي قاسٍ. إحدى الشركات الناشئة في مجال منتجات دعم مرضى الخرف دفعت 30 ألف دولار رسومًا جمركية فقط لاستيراد مخزون جديد، بينما تواجه شركات أخرى فواتير بملايين الدولارات مع احتجاز منتجاتها في الموانئ.

القدرة على الدفع = القدرة على الوصول

توضح سارة توماس مؤسسة شركة استشاراتDelight x Design : أن الأدوات المساعدة ليست ترفًا بل ضرورة، ومع ذلك فهي بعيدة المنال بسبب ارتفاع أسعارها. القدرة على تحمل تكلفتها هي شكل من أشكال إمكانية الوصول.

كشفت دراسة للمعهد الوطني للإعاقة 2020 أن الأشخاص ذوي الإعاقة يحتاجون إلى دخل أعلى بنسبة 28% من غيرهم للحفاظ على مستوى معيشي مماثل، أي ما يعادل نحو 17,690 دولارًا إضافيًا سنويًا، كما أن تكاليفهم المباشرة تزيد بأكثر من ضعف ما يتحمله الأفراد الأصحاء.

يقول وينستوك: رغم المعوقات، يرى روّاد القطاع أن الاستثمار في التكنولوجيا المساعدة ليس مجرد عبء اقتصادي بل ضرورة إنسانية وفرصة تجارية أيضًا. “السكان يتقدمون في العمر وعدد مستخدمي التكنولوجيا المساعدة يتزايد باستمرار وهذا سوق واعد لا يُقدَّر حقه من المستثمرين” .

ويرى تيم بالس أن الابتكار في هذا المجال يتطلب “تعاطفًا” بالدرجة الأولى، وهو ما تفتقده الشركات العملاقة، فكثير من التقنيات التي بدأت كمبادرات لخدمة ذوي الإعاقة مثل المصاعد وأرصفة المشاة المنحدرة وحتى النظارات الطبية، أصبحت اليوم مفيدة للجميع.

فى النهاية الرسوم الجمركية قد لا تُثقل فقط فاتورة المستهلك العادي بل تهدد مستقبل قطاع حيوي يعتمد عليه ملايين الأشخاص حول العالم. ومع كل تأخير في معالجة هذه التحديات، يدفع ذوي الإعاقة الثمن مرتين، مرة بارتفاع التكاليف ومرة بحرمانهم من أدوات أساسية تضمن لهم حياة كريمة.