السعودية – جسور
كشفت دراسة بحثية أُجريت في منطقة حائل بالمملكة العربية السعودية، عن معدلات كبيرة للقلق والاكتئاب بين البالغين من ذوي الإعاقة الجسدية، شارك في الدراسة 155 شخصًا، وأُجريت خلال الفترة من يناير حتى مايو 2024، هدفت إلى تقييم مستوى الاضطرابات النفسية والعوامل المؤثرة فيها، بالإضافة إلى مدى رضا المشاركين عن خدمات الرعاية الصحية المقدمة لهم.
أوضحت النتائج أن أكثر من 32% من المشاركين يعانون من مستويات مرتفعة من القلق، فيما يعاني نحو 18% من الاكتئاب، والنسبة الأكبر من المشاركين كانت من الفئة العمرية تحت 25 عامًا، وقرابة النصف من النساء، وأغلبهم يقيمون في مناطق ريفية. كما تبين أن 62.6% من الإعاقات كانت بسيطة، و61.9% منها ناجمة عن أسباب خلقية.
وأفادت الدراسة بأن 61.8% من المشاركين يشعرون بالرضا عن مستوى الرعاية الصحية المقدمة، في حين أظهرت التحليلات الإحصائية ارتباط القلق بشكل واضح بمستوى التعليم، وشدة الإعاقة، ووجود أمراض مزمنة، وتوفّر مواقف السيارات المناسبة، أما الاكتئاب فكان مرتبطًا بدرجة الإعاقة، وسببها، ومدتها، وكذلك قدرة الشخص على الذهاب إلى المستشفى بمفرده، وترتيبه في أولوية الانتظار.
رغم ظهور هذه العوامل في التحليلات الإحصائية الأولية، إلا أن تحليل الانحدار أشار إلى أن شدة الإعاقة وحدها كانت مؤشرًا قويًا للقلق والاكتئاب، دون ارتباط دال بالعوامل الأخرى.
اعتمدت الدراسة على مقياس “القلق والاكتئاب بالمستشفيات” (HADS)، وهو أداة معتمدة دوليًا وتُستخدم لتقييم الاضطرابات النفسية بطريقة مبسطة. وأكد الباحثون موثوقية النسخة العربية من المقياس المُستخدمة في الدراسة، والتي أثبتت دقتها في بيئات مشابهة.
وسلطت النتائج الضوء على أهمية تضمين الجوانب النفسية ضمن برامج الرعاية المقدمة لذوي الإعاقة، خاصةً في المناطق النائية، كما أشارت إلى أهمية العوامل الاجتماعية والبيئية، مثل الدعم الأسري وسهولة الوصول إلى الخدمات، في التأثير على الصحة النفسية للفرد.
وركزت الدراسة على أن المشكلات النفسية بين ذوي الإعاقة في السعودية لا ترتبط فقط بالوضع الصحي، ولكن أيضًا بالعوامل المجتمعية والتعليمية، وهو ما يتفق مع نموذج “البيو-نفسي-اجتماعي” الذي تتبناه منظمة الصحة العالمية لفهم التفاعل بين الإعاقة والصحة النفسية.
في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة في المملكة، اعتبر الباحثون أن هذا النوع من الدراسات ضروري لوضع سياسات شاملة تعزز من جودة الحياة والدمج المجتمعي للفئات المهمشة، خاصةً أن معدلات الإعاقة في السعودية تصل إلى 5.1% من السكان، وفقًا لتعداد 2022.
وأُجريت الدراسة بمشاركة باحثين من جامعات في السعودية واليمن، تحت إشراف كلية التمريض بجامعة حائل، وحصلت على موافقة أخلاقية من مجلس المراجعة المؤسسي، كما يأمل الباحثون أن تسهم نتائجها في تطوير الخدمات النفسية والاجتماعية وتحسين الوصول إلى الرعاية.