زياد صانع البهجة.. طفل مصري كفيف تحدى الظلام برقصة خطفت قلوب الملايين

زياد صانع البهجة.. طفل مصري كفيف تحدى الظلام برقصة خطفت قلوب الملايين

المحرر: محمود الغول - مصر
زياد صانع البهجة

تصدرت محافظة أسيوط المشهد الإنساني في مصر خلال الساعات الماضية بفضل طفل استثنائي. في الواقع، لم يكن هذا البطل سوى زياد صانع البهجة، التلميذ الكفيف الذي أثبت أن النور مكانه القلب لا العين.

 حيث تحول مقطع فيديو عفوي له وهو يرقص في فناء مدرسته إلى أيقونة للسعادة.

زياد صانع البهجة

هيا بنا نتعرف على قصة هذا الطفل الذي لم تمنعه إعاقته البصرية من رؤية الحياة بألوان الفرح. لذلك، نغوص في تفاصيل الفيديو الذي هز مشاعر الملايين. زياد صانع البهجة قدم لنا جميعا درسا مجانيا في كيفية قهر الظلام بالابتسامة.

بدأت القصة عندما نشرت إحدى معلمات مدرسة النور للمكفوفين بأسيوط مقطعا قصيرا للحفل المدرسي. يظهر في المقطع الطفل زياد وهو يقف وسط دائرة من زملائه ومعلميه. فجأة، وبمجرد أن صدحت مكبرات الصوت بأغنية الفنان أحمد سعد، تحركت مشاعر الطفل قبل جسده.

علاوة على ذلك، بدأ زياد يتمايل ويرقص بخفة ورشاقة أذهلت الحضور. رغم أنه لا يرى من حوله، إلا أنه كان يشعر بكل ذبذبة فرح في المكان. نتيجة لذلك، تحول فناء المدرسة إلى مسرح كبير لبطولة هذا الطفل الصغير.

إيه اليوم الحلو ده.. اختيار في محله

جاء اختيار أغنية «إيه اليوم الحلو ده» ليكون الخلفية الموسيقية الأمثل لهذه اللوحة الإنسانية. حسب ما ظهر في الفيديو، كان زياد صانع البهجة يتفاعل مع كل كلمة في الأغنية وكأنها تصف حالته النفسية. في الحقيقة، كان لسان حاله يقول إن اليوم حلو بوجود الحب والقبول.

بسبب ذلك، تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع التناغم العجيب بين كلمات الأغنية وحركات زياد. حيث لم يكن يرقص لمجرد الرقص، بل كان يعبر عن طاقة حب مكبوتة. لذلك، استحق لقب زياد صانع البهجة عن جدارة واستحقاق.

يثير فيديو زياد تساؤلات عميقة حول مفهوم الرؤية والبصر. فبينما يمتلك الكثيرون نعمة البصر لكنهم عاجزون عن رؤية الجمال، يمتلك زياد بصيرة نافذة. وفقا لتعليقات الأخصائيين النفسيين على الحدث، فإن فقدان حاسة البصر غالبا ما يعوضه الله بحساسية مفرطة في المشاعر. حسب موقع Smithsonian Magazine. في مقال بعنوان  أدمغة المكفوفين تُعيد برمجة نفسها لتعزيز الحواس الأخرى.

هذا ما يفسر قدرة زياد على التقاط نغمات الفرح وتحويلها إلى حركات جسدية متناسقة. إذ كان يرى الموسيقى بقلبه ويسمع الابتسامات بوجدانه. لذلك، يعد زياد صانع البهجة دليلا حيا على أن الإعاقة لا تطفئ نور الروح.

احتواء المعلمين لزياد صانع البهجة وزملائه

خلف مشهد زياد صانع البهجة، يقف جيش من المعلمين والمشرفين الذين وفروا له الأمان النفسي. حسب ما نشرته صفحات أخبار أسيوط المحلية، ظهر المعلمون وهم يحيطون بزياد ويشجعونه بالتصفيق الحار. هذا الدعم هو الذي منح الطفل الثقة ليتحرك بحرية دون خوف من الاصطدام أو السقوط.

طالع: «فرح ومرح».. الرياضة والترفيه لدعم وتمكين ذوي الإعاقة بمصر

من الواضح أن بيئة المدرسة لم تكن تعليمية فقط، بل كانت حاضنة تربوية وإنسانية من الطراز الأول. حيث لم يتركوه وحيدا في الظلام، بل شاركوه رقصته وفرحته. بناء على ذلك، تحية واجبة لهؤلاء المعلمين الذين صنعوا من زياد نجما.

يأتي هذا الفيديو من قلب الصعيد المصري ليصحح الكثير من المفاهيم المغلوطة. فقد أثبتت مدرسة أسيوط أن الصعيد ليس فقط أرض العادات الصارمة، بل هو منبع للمشاعر الدافئة. زياد صانع البهجة خرج من هذه البيئة ليقول للعالم إننا نحتفل باختلافنا.

علاوة على ذلك، يعكس الفيديو تطورا كبيرا في تعامل المجتمع الصعيدي مع ذوي الإعاقة. إذ لم يعد الطفل الكفيف حبيس المنزل، بل أصبح يشارك في الحفلات والأنشطة العامة. لذا، يعتبر زياد سفيرا للتغيير الاجتماعي الإيجابي في محافظته.

التفاعل الجماهيري مع ترند الدموع والضحكات

اجتاح فيديو زياد صانع البهجة منصات فيسبوك وتيك توك وإكس بسرعة البرق. وفقا لإحصائيات المشاهدة، تجاوز الفيديو ملايين المشاهدات في ساعات قليلة. حيث اختلطت تعليقات المشاهدين بين الدموع تأثرا بحالته، والضحك فرحا ببهجته.

كما كتب الآلاف عبارات الدعاء له ولأسرته ولمعلميه. إحدى التعليقات البارزة قالت: زياد شاف الدنيا أحلى مننا كلنا بقلبه النضيف. هذا التفاعل يؤكد أن الفطرة السليمة للناس تميل دائما لنصرة الضعيف وتشجيعه.

يثبت زياد صانع البهجة أن الدمج المدرسي ليس مجرد قرارات وزارية أو شعارات رنانة. بل هو ممارسة يومية تتطلب قلوبا رحيمة وعقولا واعية. فالدمج الحقيقي هو أن يشعر الطفل الكفيف بأنه جزء لا يتجزأ من نسيج المدرسة.

لذلك، يجب أن تكون الأنشطة الفنية والموسيقية جزءا أساسيا من مناهج مدارس المكفوفين. لأن الموسيقى هي اللغة الوحيدة التي لا تحتاج إلى ترجمة أو عيون لقرائتها. في حالة زياد، كانت الموسيقى هي جسره للتواصل مع العالم الخارجي.

الطفل زياد صانع البهجة
الطفل زياد صانع البهجة

الأسرة المصنع الأول للثقة

لا يمكن أن تخرج هذه الثقة بالنفس من فراغ، بل هي نتاج تربية أسرية داعمة. من المؤكد أن أسرة زياد تعاملت مع إعاقته كمنحة لا محنة. بسبب ذلك، خرج الطفل إلى المجتمع وهو متصالح تماما مع ذاته وظروفه.

زياد صانع البهجة هو رسالة لكل أم وأب لديهم طفل كفيف. مفادها أن طفلكم قادر على صنع المعجزات إذا منحتموه الحب والثقة. لذلك، لا تخبئوا أولادكم، بل دعوهم يواجهون العالم بابتساماتهم.

في ظل ضغوط الحياة الاقتصادية والاجتماعية، جاء زياد ليكون بلسما للجراح. إذ أجمع الكثيرون على أن مشاهدة الفيديو غيرت مزاجهم 180 درجة. بمعنى آخر، مارس زياد دور المعالج النفسي الجماعي للمصريين بعفويته المطلقة.

هذا يؤكد أن السعادة معدية، وأن مصدرها قد يكون أبسط مما نتخيل. زياد صانع البهجة لم يتكلف ولم يمثل، بل كان حقيقيا 100%. لذلك، وصل مباشرة إلى القلوب دون استئذان.

ثقافة استثمار اللحظة

يجب ألا يمر ترند زياد صانع البهجة مرور الكرام وينسى بعد أيام. بل يجب أن تستثمر وزارة التضامن الاجتماعي والتربية والتعليم هذه الحالة. من خلال تسليط الضوء على مدارس النور والأمل واحتياجاتها في الصعيد.

كما يجب تكريم المدرسة والمعلمين ليكونوا قدوة لغيرهم في باقي المحافظات. لأن التشجيع الرسمي يضمن استمرار هذه الروح الإيجابية. في النهاية، زياد هو رمز لقضية أكبر تتعلق بحقوق المكفوفين في الحياة والفرح.

في الختام، شكرا لك يا زياد صانع البهجة لأنك علمتنا كيف نرى الجمال بقلوبنا. لقد كنت أنت المبصر الوحيد ونحن العميان في حضرة فرحتك الصادقة. باختصار، ستظل رقصتك محفورة في ذاكرة الإنسانية كدليل على انتصار الروح على الجسد.

المقالة السابقة
إيمان كريم: الذكاء الاصطناعي يعزز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر
المقالة التالية
مصر تطلق مبادرة «طفلك طفلنا» للكشف المبكر عن الشلل الدماغي

وسوم

الإعاقة (3) الاستدامة (33) التحالف الدولي للإعاقة (34) التربية الخاصة (2) التشريعات الوطنية (33) التعاون العربي (33) التعليم (4) التعليم الدامج (4) التمكين الاقتصادي (3) التنمية الاجتماعية (33) التنمية المستدامة (3) التوظيف الدامج (32) الدمج الاجتماعي (31) الدمج الجامعي (3) العدالة الاجتماعية (3) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (31) الكويت (5) المتحف المصري الكبير (4) المجتمع المدني (31) المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (4) المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة (4) الوقائع الإخباري (2) تكافؤ الفرص (32) تمكين (2) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (31) حقوق الإنسان (3) حقوق ذوي الإعاقة (3) دليل الكويت للإعاقة 2025 (30) ذوو الإعاقة (12) ذوو الاحتياجات الخاصة. (31) ذوي الإعاقة (9) ذوي الهمم (5) ريادة الأعمال (33) سياسات الدمج (33) شركاء لتوظيفهم (34) قمة الدوحة 2025 (35) كود البناء (36) لغة الإشارة (2) مؤتمر الأمم المتحدة (36) مبادرة تمكين (3) مجتمع شامل (36) مدرب لغة الإشارة (37) مصر (12) منظمة الصحة العالمية (37) وزارة الشؤون الاجتماعية (2)