سعيد بوعشرين.. قصة فلاح مغربي تتحول إلى درس في الصبر ورفض الشفقة

سعيد بوعشرين.. قصة فلاح مغربي تتحول إلى درس في الصبر ورفض الشفقة

المحرر: سماح ممدوح حسن- المغرب

في إحدى القرى المغربية، يقف سعيد بوعشرين، فلاح خمسيني من ذوي الإعاقة، شاهدًا على قوة الإرادة الإنسانية حين تتحدى قسوة الحياة. على الرغم من إعاقته وصعوبة ظروفه المعيشية لم يستسلم سعيد لليأس، بل تمسّك بالأرض التي أحبها منذ طفولته، وجعل منها وسيلته للعيش والكرامة.

نعيش في ظروف قاسية ونحتاج إلى دعم بسيط

يقول سعيد في حديثه لموقع «العمق المغربي»، الذي نشر تقريرًا مصورًا عن قصته، إن رسالته بسيطة: «أتمنى أن تصل كلمتي إلى من يملكون القدرة على المساعدة، إلى المسؤولين والمحسنين، فحالي وحال الكثيرين صعب للغاية، نعيش في ظل ظروف قاسية ونحتاج إلى دعم بسيط يعيننا على الاستمرار»

يروي سعيد أنه عمل في الزراعة منذ عام 1974، وهي المهنة التي ورثها عن والده، لكنها لم تكن سهلة قط. فالإعاقة الحركية التي يعانيها جعلت العمل في الحقول مرهقًا، لكنه لم يعرف طريقًا آخر. يقول: «الزراعة كانت حياتي، تعبت كثيرًا، لكني لم أتركها. كنت أعمل بما تيسر لي بأبسط الأدوات، دون مساعدة أو دعم.»

سعيد اثناء العمل

في صوته مزيج من التعب والرضا، حين يتحدث عن المهنة التي أصبحت جزءًا من كيانه:

«العمل في الأرض ليس فقط وسيلة للعيش، بل هو إحساس بالكرامة. رغم أن الجسد يتعب، لكن القلب لا يزال قويًا. نزرع ونحن نؤمن أن الله معنا، وأن الخير لا يضيع.»

ويضيف وهو يتحدث عن المصاعب اليومية:«السن كبر، والمصاريف تزداد، والعمل أصبح شاقًا، لكنني أتمسك بما تبقى من قوتي. لا أطلب المستحيل، فقط من يستطيع أن يساعدنا فليفعل. الحياة صعبة، والناس أغلبهم في ضيق، ومع ذلك كل واحد يحاول أن يتعاون مع الآخرين بما يستطيع.»

ضعف الإمكانات وغياب الدعم الرسمي

يعيش سعيد في بيت بسيط، ويقول إنه يحتاج إلى إصلاحه بعدما تدهورت حالته. يشير بصوت متهدج إلى أن كثيرين من ذوي الإعاقة في قريته يعيشون ظروفًا مشابهة، بين ضعف الإمكانات وغياب الدعم الرسمي. ويضيف: «الله وحده يعلم الحال. الناس كلهم يعانون، كلنا فى حال ضيق ونحاول أن نصبر. لكننا لا نطلب سوى لقمة كريمة وبيت يسترنا.»

يؤمن سعيد بأن ما يفعله ليس مجرد عمل زراعي، بل رسالة في الصبر والاعتماد على النفس. يقول: «الزراعة علّمتني أن لكل تعب ثمرة، حتى لو تأخرت. كل بذرة أزرعها تذكرني بأن الأمل ما زال ممكنًا.»

يرفض الشفقة، مؤكدًا أن ما يحتاجه هو التمكين

ورغم أن الإعاقة جعلت بعض المهام اليومية صعبة، إلا أن سعيد يرفض الشفقة، مؤكدًا أن ما يحتاجه هو التمكين لا العطف. «أنا لا أطلب صدقة، بل أطلب أن يُنظر إلينا كعاملين، كناس لديهم قدرات، فقط نحتاج لمن يؤمن بنا ويفتح لنا الأبواب.»

في ختام حديثه، يتوجه سعيد برسالة مؤثرة: «أقول لكل من يسمعني، الله يجزيكم خيرًا، ساعدوا الناس المحتاجين، فالحياة قصيرة، والعمل الصالح هو الذي يبقى. وأنا سأبقى أزرع ما استطعت، لأنني أؤمن أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.»

قصة سعيد بوعشرين ليست حكاية رجل فقير فقط، بل قصة إنسان قرر أن يواجه قسوة الحياة بالعزيمة والإيمان، وأن يجعل من أرضه الصغيرة وطنًا للأمل.

وبرغم الإعاقة والظروف القاسية، فإن صموده يبعث برسالة عميقة: أن الكرامة تُزرع كما تُزرع البذور بالصبر وبالإيمان بأن الغد يمكن أن يكون أجمل.

المقالة السابقة
عاشور: «تمكين» تجسد التزام الدولة المصرية بدمج طلاب ذوي الإعاقة في المجتمع الجامعي
المقالة التالية
ندوة بجامعة الإسكندرية في مصر حول «الدعم النفسي والاجتماعي لطلاب ذوي الإعاقة»

وسوم

أمثال الحويلة (509) إعلان عمان برلين (589) اتفاقية الإعاقة (746) الإعاقة (163) الاستدامة (1245) التحالف الدولي للإعاقة (1216) التشريعات الوطنية (988) التعاون العربي (658) التعليم (101) التعليم الدامج (72) التمكين الاقتصادي (104) التنمية الاجتماعية (1235) التنمية المستدامة. (106) التوظيف (77) التوظيف الدامج (957) الدامج (69) الدمج الاجتماعي (769) الدمج المجتمعي (185) الذكاء الاصطناعي (101) العدالة الاجتماعية (86) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (642) الكويت (109) المجتمع المدني (1211) الولايات المتحدة (72) تكافؤ الفرص (1205) تمكين (105) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (647) حقوق الإنسان (95) حقوق ذوي الإعاقة (106) دليل الكويت للإعاقة 2025 (490) ذوو الإعاقة (180) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1158) ذوي الإعاقة (623) ذوي الهمم (69) ريادة الأعمال (525) سياسات الدمج (1189) شركاء لتوظيفهم (512) قمة الدوحة 2025 (775) كود البناء (575) لغة الإشارة (87) مؤتمر الأمم المتحدة (469) مجتمع شامل (1200) مدرب لغة الإشارة (769) مصر (146) منظمة الصحة العالمية (794)