سوريا تسعى لتعزيز استجابة الطوارئ لذوي الإعاقة في الكوارث

ناقش وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري، رائد الصالح، مع ممثلين عن منظمات ومبادرات تُعنى بذوي الإعاقة، سبل تطوير الاستجابة لحالات الطوارئ بما يضمن شمول هذه الفئة التي تُعد من الأكثر هشاشة في الأزمات.

اللقاء، الذي عقد في مبنى الوزارة بدمشق، حسب ما بثته وكالة الأنباء السورية (سانا) ركّز على أهمية دمج ذوي الإعاقة في خطط الطوارئ الوطنية، وتعزيز أدوات الاستجابة الشاملة التي تضمن وصول الخدمات المنقذة للحياة إليهم بسرعة وكفاءة.

وقال الوزير الصالح: «من الضروري تطوير أدوات تواصل رقمية تُتيح للأشخاص ذوي الإعاقة طلب المساعدة مباشرة، وقت الكارثة أو الطوارئ»، مضيفاً أن الوزارة تعمل على تدريب فرق الإسعاف والإطفاء وغرف العمليات على آليات متخصصة للتعامل الإنساني والمهني مع هذه الفئة.

وأكد الصالح أن الوزارة ترحّب بانخراط ذوي الكفاءات من الأشخاص ذوي الإعاقة في غرف العمليات والمراكز الميدانية، مشيراً إلى أن المنشآت التابعة للوزارة جاهزة لاستقبالهم وتفعيل دورهم في خدمة المجتمع، في إطار رؤية وطنية تُكرّس مبدأ الشراكة بين المواطن والدولة.

تعاون حكومي – أهلي لضمان استجابة شاملة

وشهد اللقاء مشاركة ممثلين عن جمعيات أهلية ومبادرات مجتمعية فاعلة في دعم حقوق ذوي الإعاقة.

ماهر محمود آغا، المدير التنفيذي لجمعية رعاية الأطفال المصابين والشلل الدماغي، أوضح أن المشاركة تأتي في إطار تعزيز التعاون مع الجهات الحكومية، بما يُسهم في تحسين جودة الخدمات المقدّمة للأطفال ذوي الإعاقة، خاصةً المصابين بالشلل الدماغي.

واعتبر آغا أن اللقاء يمثل منصة مهمة لتبادل الخبرات، مطالباً بإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في خطط الاستجابة الوطنية وتدريب الكوادر المختصة على آليات الدعم في الطوارئ.

تمثيل حقوقي ومشاركة فعلية

شيماء هلال، من مؤسسة «الحراك السوري لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة»، شددت على أهمية إشراك هذه الفئة في رسم السياسات الوطنية، وتفعيل بنود اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاعات الحيوية، لضمان وصولهم العادل إلى الخدمات التعليمية، الصحية، والاجتماعية.

ومن جانبها، أوضحت هدى محمد، مؤسسة جمعية «لغتي إشارتي»، أن مشاركتها تستهدف رفع الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية في حالات الكوارث والطوارئ، مؤكدة ضرورة وجود مترجمين بلغة الإشارة ضمن فرق الاستجابة، وتوفير برامج تدريبية توعوية مخصصة لضمان سلامة الصم وضعاف السمع.

كما اعتبر الناشط المجتمعي حسن عوض، مؤسس مبادرة مجتمعية معنية بقضايا ذوي الإعاقة، أن اللقاء يمثل نقلة في العلاقة بين المجتمع المدني والجهات الرسمية، موضحاً أن مبادرته، المدعومة من مؤسسة نادي الشباب في حلب، تسعى إلى بناء شراكات استراتيجية مع الحكومة والقطاع الخاص، لضمان استدامة العمل وتحقيق أثر ملموس على الأرض.

واقع الإعاقة في سوريا: أرقام مقلقة

تُظهر أحدث الإحصائيات أن نحو 2.6 مليون شخص في سوريا يعيشون مع شكل من أشكال الإعاقة، أي ما يعادل قرابة 17٪ من الأشخاص المحتاجين للمساعدات الإنسانية في البلاد.

ووفقًا لمسح أجري عام 2021، فإن 28٪ من السوريين فوق سن الثانية يعانون من نوع ما من الإعاقة، وفي شمال شرق سوريا، ترتفع النسبة إلى 37٪ من السكان، ما يعكس الحاجة الماسّة لاستجابة مخصصة وشاملة لهذه الفئة.

نحو استجابة دامجة وشاملة

يأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة خطوات تقوم بها الوزارة لتعزيز مبدأ “الشمول في إدارة الأزمات”، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة والتزامات الحكومة السورية تجاه الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

الخطوة المقبلة، كما أعلن الوزير، ستشمل إطلاق أدوات تواصل رقمية جديدة، وجدولة تدريبات ميدانية لفرق الطوارئ بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني، لضمان أن يكون كل فرد، مهما كانت حالته، مشمولاً في جهود الاستجابة وقت الأزمات.