بنجلادش – جسور – سماح ممدوح حسن
في طابور طويل، استمر لأكثر من ساعتين ونصف، وقفت سانجيدا أختار، وهي سيدة تبلغ من العمر 33 عامًا، وتعاني من إعاقة حركية، في انتظار دورها، للعلاج في جامعة بنجلاديش الطبية، رغم معاناتها من آلام شديدة في الساقين.
أدركت سانجيدا أن الحصول على الرعاية الصحية ليس بالأمر السهل، للأشخاص الذين يعيشون ظروفا مثلها، سانجيدا، التي تعمل في إحدى المنظمات غير الحكومية، تقول إنها تحتاج دائمًا إلى مَن يرافقها عند زيارة المستشفى، فالمنشآت تفتقر لأبسط معايير الوصول؛ لا توجد منحدرات للكراسي المتحركة، ولا يمكنها حتى رؤية مكتب الاستقبال نظرًا لقِصر قامتها.
كما لا توجد إشارات واضحة أو وسائل إرشاد للأشخاص ضعاف البصر، ومن يعانون من إعاقات في النطق أو السمع، بالكاد يستطيعون التواصل مع الأطباء.
تقول سانجيدا لصحيفة The Business Standard“ستكون معجرة لو حصلت على العلاج يومًا دون معاناة”.حتى في المستشفيات التي لديها نوافذ للخدمة المخصصة لكبار السن، وذوي الإعاقة، مثل المعهد الوطني لطب العيون، غالبًا ما تكون هذه النوافذ مغلقة “لم أرَ هذا النوافذ مفتوحة يومًا”.
من الاستشارات الطبية إلى الفحوصات واستخراج الأدوية، من قسم الخدمات الاجتماعية، كل شيء يتطلب الوقوف في طوابير طويلة، وتحمل ضغط نفسي كبير.
العديد من الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية، أو العصبية، لا يحصلون حتى على فرصة لمقابلة طبيب.
شاهريار سليم، والد الطفلة جَنَّة (14 عامًا) من كيشاببور، جيسور، والتي تعاني من إعاقات جسدية وعصبية، يقول إن ابنته ما زالت تتناول نفس الأدوية التي وصفها لها طبيب من داكا قبل أربع سنوات.
يقول الأب: “من شبه المستحيل علاج طفل من ذوي الإعاقة خارج داكا، لا يوجد أطباء أعصاب للأطفال ولا حتى الأدوية الضرورية على مستوى الأقاليم”.
الوصول إلى المستشفيات هو العائق الأكبر، ففي داكا، تقدم المستشفيات الحكومية خدمات محدودة جدًا ملائمة لذوي الإعاقة، بينما الوضع في المناطق الريفية أسوأ بكثير.
معظم المستشفيات لم تُصمم لتلبية احتياجات هذه الفئة، فمثلا، المرضى ضعاف السمع يعانون، لأن الموظفين لا يفهمون لغة الإشارة، ولا يستطيع المرضى التعبير عن أعراضهم بشكل فعال.
ويضيف شاهريار”عادةً ما يحتاج الشخص ذو الإعاقة إلى شخصين على الأقل لمرافقته إلى المستشفى، والكثير من المباني لا تحتوي على مصاعد أو منحدرات للكراسي المتحركة”.
مؤخرا تنازعت”أوجالا بونيك” وهي سيدة من الأشخاص ضعاف البصر، والأمينة العامة لمنظمة تطوير ذوي الإعاقة في ساتاركول، مع موظفي أحد المستشفيات الخاصة، في داكا، أثناء انتظارها الطويل لتلقي علاج للسكري.
وتقول عما حدث”معظم موظفي المستشفيات لا يعلمون حتى أن الأشخاص ذوي الإعاقة من المفترض أن يحصلوا على أولوية في الخدمة، يجب مراقبة المستشفيات للتأكد من التزامها بحقوق ذوي الإعاقة.”
ووفقًا لوزارة الرعاية الاجتماعية، يوجد في بنجلاديش 3,632,652 شخصًا من ذوي الإعاقات المختلفة، سواء الجسدية أو الذهنية أو البصرية أو السمعية أو النطقية، بالإضافة إلى الشلل الدماغي والتوحد ومتلازمة داون، من بينهم 1,435,943 امرأة.
ووفقًا للإحصاء الوطني للأشخاص ذوي الإعاقة (NSPD 2021) الصادر عن مكتب الإحصاء البنجلاديشي (BBS)، فإن 26.73% فقط من الأشخاص ذوي الإعاقة حصلوا على رعاية صحية من المرافق الحكومية، مقارنة ب 22.81% من عموم السكان.
وأشار المكتب إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة، غالبًا ما تكون لديهم احتياجات صحية أكثر تعقيدًا، سواء من حيث الرعاية العامة أو المرتبطة بالإعاقة، وبالتالي يعانون بشكل أكبر عند غياب الخدمات أو صعوبة الوصول إليها.
منظمة الصحة العالمية (WHO) أكدت هذا التوجه، مشيرة إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون حواجز نظامية في النظام الصحي، تشمل المواقف التمييزية من العاملين في الرعاية الصحية، والبنية التحتية غير الملائمة، ونقص البيانات المتعلقة بالإعاقة، وضعف أنظمة التواصل.
لجنة إصلاح قضايا النساء أوصت بضمان إتاحة الخدمات الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة، وخلق فرص تأهيلية لهم.
وفي حديثها لصحيفة The Business Standard، قالت الدكتورة هاليدا هانم، خبيرة صحة المرأة وعضو لجنة إصلاح قضايا النساء:
“الفئات المهمشة، خاصة النساء ذوات الإعاقة، يواجهن تحديات فريدة في الوصول إلى خدمات الصحة والصحة الإنجابية بسبب حواجز متعددة تشمل الوصمة الاجتماعية، والعقبات في التواصل والحصول على المعلومات، والعقبات السلوكية، وصعوبات التنقل، والبنية التحتية غير المناسبة.”
وأضافت:”هذه الحواجز تتضاعف بشكل خاص بالنسبة للنساء والشباب ذوي الإعاقة الذين يعانون من أشكال متداخلة من التمييز القائم على النوع الاجتماعي، أو الوضع الاقتصادي، أو العرق، أو الدين، أو الموقع الجغرافي.”
وأشارت إلى أن مقدمي الخدمات الصحية ليست لديهم القدرة أو الكفاءة اللازمة لتقديم رعاية جيدة للنساء والفتيات ذوات الإعاقة. فالنساء الحوامل من ذوات الإعاقة لا يحصلن على مخصصات الأمومة لو تلقين مخصصات الإعاقة.
“مخصص الإعاقة ضروري لتغطية التكاليف الإضافية التي يتحملها الأشخاص ذوو الإعاقة للحصول على الخدمات، ولا تكفي لتغطية نفقات الأمومة أو الرعاية قبل الولادة.”
وتابعت:”هذا النظام يعتبر تميز ضد النساء الحوامل ذوات الإعاقة، حيث يجب توفير مخصصات الأمومة لجميع النساء لضمان أفضل النتائج الصحية للأمهات والأطفال. فمثلا، عدم تلقي هذا الدعم يجعل من الصعب على النساء ذوات الإعاقة الحصول على تغذية سليمة، أو متابعة رعاية ما قبل الولادة بشكل مناسب.”
وعند سؤاله عن جهود الحكومة، قال الدكتور محمد معين إحسان، مدير المستشفيات والعيادات في المديرية العامة للخدمات الصحية:
“نقدم العلاج المجاني للأشخاص ذوي الإعاقة في المستشفيات الحكومية، وفي أقسام النساء والأطفال، يوجد سريران مخصصان لهم، ورغم عدم وجود التزام قانوني بذلك، إلا أن العديد من المستشفيات تعطي الأولوية للمرضى من ذوي الإعاقة بدافع إنساني، ونعمل حاليًا على إضافة منحدرات وتوفير دورات مياه ملائمة لذوي الإعاقة.”