«شهاب الدين الأفغاني»: قنبلة بترت ساقيه ومصنع للجوارب أنقذه من البطالة

«شهاب الدين الأفغاني»: قنبلة بترت ساقيه ومصنع للجوارب أنقذه من البطالة

المحرر: ماهر أبو رماد - أفغانستان
شهاب الدين بعد أن فقد ساقيه يمارس عمله في ورشة الجوارب

 الشاب شهاب الدين الأفغاني. البالغ من العمر 36 عامًا. أب لأربعة أطفال. فقد ساقيه الاثنتين قبل عشر سنوات. إثر انفجار عبوة ناسفة على جانب الطريق. خلال فترة الصراع الدموي بين الولايات المتحدة وحركة طالبان.

شهاب الدين الأفغاني فقد ساقيه ويصنع الجوارب لأقدام الآخرين

في غرفة صغيرة وسط مدينة هرات. أقصى غرب أفغانستان. يستخدم شهاب الدين الأفغاني يديه لدفع جسده على أرضية المكان. متجهًا نحو كومة من الجوارب المصنعة حديثًا. في انتظار الفرز والتغليف.

قبل الحصول على فرصة العمل في ورشة الجوارب. عانى شهاب الدين من البطالة لسنوات طويلة. وبالتالي اضطر للاعتماد على أقاربه من أجل بقاء أسرته. دون أي مصدر دخل ثابت. أو حتى فرصة حقيقية للعمل.

حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في أفغانستان
حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في أفغانستان

لكن افتتاح ورشة جديدة لإنتاج الجوارب في مدينة هرات. لا يعمل فيها سوى أشخاص من ذوي الإعاقة. غيّر مسار حياته بالكامل.

قال شهاب الدين خلال استراحة قصيرة من عمله. في أوائل ديسمبر. «أصبحت من ذوي الإعاقة بسبب الانفجار. وتم بتر ساقيّ الاثنتين. واليوم – حسب وصفه –  أعمل في مصنع للجوارب. بمعنى آخر أنا سعيد جدًا لأنني حصلت على فرصة عمل».

وأضاف أن هذا العمل أعاد إليه الشعور بالكرامة والاستقلال. بعد سنوات من التهميش القسري. والعجز عن إعالة أسرته.

مبادرة من ناجٍ من شلل الأطفال

تقف خلف هذه الورشة مبادرة إنسانية أطلقها محمد أميري. 35 عامًا. أولا لأنه عامل سابق في متجر بقالة. وثانيا لأنه يعاني بدوره من إعاقة نتيجة إصابته بشلل الأطفال في طفولته.

قرر أميري قبل نحو شهر إنشاء هذا المشروع. بهدف توفير فرص عمل حقيقية للأشخاص ذوي الإعاقة. لا سيما أولئك الذين أصيبوا خلال سنوات الحرب. ومنهم شهاب الدين الأفغاني. أو ولدوا بإعاقات. ولا يملكون أي مصدر دخل.

شهاب الدين بعد أن فقد ساقيه يمارس عمله في ورشة الجوارب
شهاب الدين بعد أن فقد ساقيه يمارس عمله في ورشة الجوارب

وتعاون أميري مع ناجٍ آخر من شلل الأطفال. لتأسيس المصنع. الذي يضم عمالًا من ذوي الإعاقات الناتجة عن إصابات حربية. أو إعاقات خلقية. أو أسباب صحية أخرى. وينتج المصنع أربعة أنواع من الجوارب. طويلة وقصيرة. للصيف والشتاء.

وقال أميري إن المصنع. الذي يموله ويدعمه أشخاص من ذوي الإعاقة أنفسهم. بدأ عملياته الشهر الماضي. ويشغّل حاليًا نحو 50 عاملًا من ذوي الإعاقة. شهاب الدين الأفغاني أصغرهم سنا. وأوضح أن العمال يشاركون في جميع مراحل العمل. من الإنتاج. إلى التغليف. إلى بيع الجوارب داخل المدينة.

واقع الإعاقة في أفغانستان

أسهمت عقود من النزاع المسلح. وضعف النظام الصحي. وتدهور الاقتصاد. في ارتفاع معدلات الإعاقة في أفغانستان.

وتشير بيانات مسح نمذجة الإعاقة لعام 2019. الذي أجرته مؤسسة آسيا غير الربحية. إلى أن نحو 25% من البالغين يعانون من إعاقة خفيفة. بينما يعاني 40% من إعاقة متوسطة. ونحو 14% من إعاقة شديدة.

من جانبها قالت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان. في بيان بمناسبة اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة في 3 ديسمبر. إن هذه الأرقام «تفرض علينا التحرك بإلحاح والتزام أكبر». مؤكدة أن الأشخاص ذوي الإعاقة «يجب ألا يُعاملوا كفئة هامشية. بل يجب دمجهم في جميع مراحل التخطيط وصنع القرار وتقديم الخدمات».

شلل الأطفال ما زال حاضرًا

جدير بالذكر أن أفغانستان واحدة من دولتين فقط في العالم. بالإضافة إلى باكستان، ينتشر فيهما فيروس شلل الأطفال بشكل متوطن.

ويمكن أن يسبب المرض أعراضًا تشبه الإنفلونزا. مع ذلك، قد يؤدي أيضًا إلى الشلل. كما أنه قد يسبب الإعاقة الدائمة. وقد يصل الأمر إلى الوفاة. ومن المثير أن الأقدار شاءت للشاب شهاب الدين الأفغاني أن ينجو من الشلل، إلا أنه أصيب بسبب الحرب.

وتشير بيانات وزارة شؤون الشهداء وذوي الإعاقة الأفغانية إلى تسجيل 189.635 شخصًا من ذوي الإعاقة. ويتلقون دعمًا ماليًا من الحكومة. ورغم النجاح الأولي للمصنع، يواجه المشروع تحديات كبيرة، أبرزها المنافسة مع الواردات الرخيصة من المنسوجات.

وأعرب أميري عن أمله في أن تعمل الحكومة على الحد من الاستيراد ودعم الإنتاج المحلي. كما يأمل أيضًا في الحصول على عقد لتزويد القوات الأمنية الأفغانية بالجوارب. علاوة على ذلك، يطمح إلى توسيع المصنع مستقبلًا ليشمل ما يصل إلى 2.000 عامل من ذوي الإعاقة.

عائدون من اللجوء

شهاب الدين الأفغاني ومن معه من ذوي الإعاقة، ليسوا العمال الوحيدين في مصنع الجوارب. وبالإضافة إلى ذلك، يعمل في المصنع أيضًا لاجئون سابقون عادوا مؤخرًا إلى أفغانستان بعد سنوات طويلة في الخارج، ومن بينهم محمد عارف جعفري، 40 عامًا، وهو خريج اقتصاد وناجي أيضًا من شلل الأطفال، عاش لسنوات في إيران.

وقال جعفري إن العودة إلى أفغانستان كانت صعبة للغاية. وأضاف أنه عانى كثيرًا من البطالة، ولكن الآن ينتج أنواعًا مختلفة من الجوارب. وبالمثل، أشار إلى أنه يشعر بالسعادة لأنه يعمل ويكسب رزقه بكرامة.

المقالة السابقة
حنان العنزي تلتقي محافظ الأحمدي لبحث التعاون في المبادرات المجتمعية
المقالة التالية
ضابط شرطة صيني يتطوع لتأمين فعاليات المبارزة على الكراسي المتحركة