صرخة باحثة صينية من ذوي الإعاقة تدرس بأمريكا.. «نصحوني بالصمت»

صرخة باحثة صينية من ذوي الإعاقة تدرس بأمريكا.. «نصحوني بالصمت»

المحرر: سماح ممدوح حسن- أمريكا

“بصفتك مهاجرة فأنتِ الأقل حقوقًا في هذا البلد، لذا، ابتعدِي عن القضايا المثيرة للجدل والتزمي الصمت ما استطعتِ” هكذا بدأت الدكتورة لوانجياو هو، الباحثة في معهد لوري لسياسات الإعاقة بجامعة براندايس الأمريكية حديثها عن أوضاع ذوي الإعاقة المهاجرين فى أمريكا.

وتقول: هكذا نصحني ذات مرة صديق محامٍ حين كنت أعبر بصوت عالٍ عن آرائي في قضايا راهنة بالولايات المتحدة، كانت تلك تذكرة حزينة بواقعنا الحالي.

مرّ أكثر من عقد على مجيئي إلى الولايات المتحدة. غادرت بلدي الأم واخترت متابعة دراساتي العليا فى أمريكا، بسبب تجربتي غير العادلة كإمرأة معاقة في وطني، على مدى السنوات الثماني الأولى كافحت من أجل إنهاء دراساتي العليا وإجراء أبحاثي وإيجاد شريك حياة، والتأقلم عمومًا مع الحياة في بلد جديد.

وتكمل، خلال تلك السنوات خضعت أيضًا لجراحة كبرى وقضيت وقتًا طويلًا في فترة النقاهة، جلست على كرسي متحرك ثم اعتمدت على العكازات لأكثر من نصف عام، تحوّلت أولوياتي من الحصول على شهاداتي، إلى تأمين إقامة دائمة وتأشيرة عمل ووظيفة مستقرة بعد التخرج، لم أكن أتحكم فى الكثير من الجداول الزمنية المرتبطة بأهدافي، نظرًا لطول طوابير الهجرة الخاصة بالبلدين اللذين أنتمي أنا وشريكي إليهما.

وتروى لوانجياو هو تفاصيل معاناتها، قائلة: لفترة طويلة، أثرت إعاقتي على عملي وأولوياتي، أنا مهتمة بعمق بقضايا الإعاقة حول العالم، لكن كعضو في الشتات الصيني يهمني بشكل خاص تعزيز حقوق ذوي الإعاقة وإدماجهم في الصين العالمية، وكباحثة وناشطة معاقة أفهم أن الإعاقة جزء طبيعي من التجربة الإنسانية، وفي حالتي تصالحت مع إعاقتي منذ زمن، وتقبلت ضعف قدرتي الجسدية الجديدة بعد جراحة أجريتها عام 2016.

وتضيف لوانجياو هو،  الإعاقة قادتني إلى ما أنا عليه اليوم وفتحت أمامي عالمًا جديدًا ومنظورًا مختلفًا أكن له امتنانًا عميقًا، أتعامل مع التحديات التي تأتي مع الإعاقة الجسدية وأستمتع بالحياة كإمرأة معاقة أملك حق الوصول إلى مجتمعات متنوعة لذوي الإعاقة، أستخدم أطرافًا صناعية بشكل ظاهر، وغالبًا لا أهتم كثيرًا بما قد يظنه الآخرون عني، وكإمرأة معاقة وجدت شريكًا وتزوجت وأنشأت أسرة في الولايات المتحدة.

في السنوات الأخيرة، أصبحت هويتي وتجربتي كمهاجرة أكثر حضورًا في حياتي اليومية. ومع طول سنوات إقامتي كمهاجرة في الولايات المتحدة، بدأت أشعر وأفكر بعمق أكبر من منظور المهاجر.

وتقول إن تداخل هوياتي المتعددة كمهاجرة وشخص معاق وامرأة صينية وأم، يؤثر في حياتي بطرق دقيقة وعميقة، للأسف، العديد من تجاربي المرتبطة بالهجرة مليئة بالتحديات والضغوط.

مثلا، كانت فرص عملي بعد التخرج مرتبطة بشكل مباشر بموعد انتهاء تأشيرتي الحالية وبمن سيقوم برعايتي للحصول على تأشيرة عمل لاحقة. قضيت ووقتًا وجهدا ومالًا كبيرًا في التنقل عبر النظام الأمريكي للهجرة، للحفاظ على وضعي القانوني كمهاجرة وللبحث عن عمل بصفتي أجنبية على تأشيرة.

وترى لوانجياو أن الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة يخططون حياتهم بناءً على إعاقتهم، أما أنا كمهاجرة معاقة، فأخطط حياتي أيضًا وفقًا لوضعي القانوني للهجرة، العملية الطويلة والمرهقة المتمثلة في استشارة المحامين والتحضير للإجراءات الإدارية والانتظار الطويل للموافقات والوثائق، كانت واقعي لسنوات.

تعاملت مع محامين غير أكفاء وأهمَلوا شؤوني فأفسدوا طلبات تأشيرات عملي وانتهى بي الأمر بخسارة عدة فرص وظيفية. وبحلول الوقت الذي حصلت فيه على تصريح العمل كانت التخفيضات الفيدرالية الواسعة وعدم اليقين في مجال الإعاقة قد تسببت في تجميد التوظيف وسحب عرض عمل من منظمة معنية بسياسات الإعاقة. فجأة أصبحت بلا عمل واضطررت للبحث المحموم عن وظيفتي التالية.

ومع تحملي لدور الأمومة الإضافي وبغياب دعم كافٍ لرعاية الأطفال من عائلتي في الخارج، بات وقتي وطاقتي محدودين لموازنة مسؤولياتي الأخرى كمنظمة معنية بحقوق الإعاقة وكمحترفة عاملة وكـمهاجرة.

ومع الإدارة الجديدة تتوالى الأخبار حول السياسات وأولويات الحكومة وتأثيرها على حياة المهاجرين، تلك الأخبار تستنزفني ومن الصعب تجاهل أثرها عليّ كمهاجرة.

أعرف أنني قطعت شوطًا طويلًا منذ بداياتي المتواضعة. لكنني شعرت أيضًا بفقدان القوة أمام بعض تجاربي وتحدياتي كامرأة معاقة ومهاجرة وأم في هذا البلد، لقد أثرت الأحداث المرتبطة بوضع الهجرة والإعاقة في مسيرتي المهنية وصحتي النفسية، جزء من هويتي كناشطة قد تراجع بينما أجد نفسي مضطرة للموازنة بين حياتي الشخصية والمهنية في الولايات المتحدة.

غالبًا ما أعود بتفكيري إلى نصيحة صديقي “ابتعدي” و”اصمتي” ولوقت طويل تساءلت متى أو كيف سأستعيد شجاعتي لكسر هذا الصمت، كتابة هذه المقالة هي خطوة أولى إلى الأمام.

المقالة السابقة
تعاون مصري ياباني لتمكين ذوي الإعاقة في مجال التعليم
المقالة التالية
الكويت تتجه لإلغاء تقاعد رعاية المعاقين بسبب مخالفات قانونية

وسوم

أصحاب الهمم (44) أمثال الحويلة (389) إعلان عمان برلين (392) اتفاقية الإعاقة (530) الإعاقة (79) الاستدامة (758) التحالف الدولي للإعاقة (753) التشريعات الوطنية (553) التعاون العربي (408) التعليم (41) التعليم الدامج (38) التمكين الاقتصادي (55) التنمية الاجتماعية (755) التنمية المستدامة. (51) التوظيف (37) التوظيف الدامج (698) الدمج الاجتماعي (607) الدمج المجتمعي (112) الذكاء الاصطناعي (60) العدالة الاجتماعية (53) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (399) الكويت (58) المجتمع المدني (750) الولايات المتحدة (47) تكافؤ الفرص (748) تمكين (43) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (499) حقوق الإنسان (58) حقوق ذوي الإعاقة (70) دليل الكويت للإعاقة 2025 (367) ذوو الإعاقة (95) ذوو الاحتياجات الخاصة. (723) ذوي الإعاقة (286) ذوي الهمم (41) ريادة الأعمال (380) سياسات الدمج (737) شركاء لتوظيفهم (375) قمة الدوحة 2025 (385) كود البناء (369) لغة الإشارة (40) مؤتمر الأمم المتحدة (329) مجتمع شامل (744) مدرب لغة الإشارة (578) مصر (33) منظمة الصحة العالمية (597)