حققت الطالبة بسملة صلاح الدين من مدرسة النور للمكفوفين بمدينة بنها في محافظة القليوبية بمصر إنجازًا استثنائيًا، بعد حصولها على المركز الثاني في مسابقة «تحدي القراءة العربي» لفئة ذوي الإعاقة على مستوى الوطن العربي، لتؤكد أن فقدان البصر لم يمنعها من الرؤية بعين البصيرة، وأن الإعاقة لا يمكن أن تكون عائقًا أمام الطموح والنجاح، بل دافعًا لتخطي الحدود وتحقيق التميز.
جاء الإنجاز الكبير برعاية وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور محمد عبداللطيف، ومحافظ القليوبية المهندس أيمن عطية، والدكتورة إيمان محمد حسن رئيس الإدارة المركزية للأنشطة الطلابية بالوزارة، وبتوجيهات من مدير مديرية التربية والتعليم بالقليوبية مصطفى عبده، الذي تابع مشاركة الطالبة منذ بدايتها وحرص على تهيئة كل سبل الدعم لها ولمدرستها حتى تصل إلى هذه النتيجة المشرفة التي رفعت اسم مصر في واحدة من أكبر المسابقات الثقافية في العالم العربي.
وتمكنت بسملة من التفوق على مئات المشاركين من مختلف الدول العربية في المسابقة التي تهدف إلى تعزيز ثقافة القراءة وتنمية مهارات الفهم والوعي لدى الطلاب، حيث اعتمدت في رحلتها على صوتها الداخلي وبصيرتها العميقة في تحليل النصوص وتلخيص الكتب، لتثبت أن الإبداع لا يحتاج إلى نظر بقدر ما يحتاج إلى رؤية داخلية حقيقية. إن مشاركتها لم تكن مجرد منافسة، بل كانت تجربة إنسانية تعكس الإرادة القوية لشابة مصرية استطاعت أن تحوّل فقدان البصر إلى طاقة إيجابية دفعتها نحو منصة التتويج.
وفي تصريحاته، عبّر مدير مديرية التربية والتعليم بالقليوبية مصطفى عبده عن فخره الكبير بهذا الإنجاز، مؤكدًا أن ما حققته بسملة صلاح الدين يمثل ثمرة اهتمام الدولة المصرية برعاية الموهوبين من ذوي الإعاقة ودمجهم في مختلف الأنشطة التعليمية والثقافية، مشيرًا إلى أن الطالبة قدمت نموذجًا يحتذى به في العزيمة والإصرار، ورسالة أمل إلى جميع طلاب مصر بأن التميز لا يعرف حدودًا، وأن الإرادة الصادقة قادرة على تجاوز كل التحديات.
وأضاف عبده أن مدرسة النور للمكفوفين ببنها تُعد من المدارس الرائدة في دعم الطلاب ذوي الإعاقة البصرية، إذ تعمل على تهيئة بيئة تعليمية متكاملة تساعدهم على تنمية قدراتهم الفكرية والثقافية، كما توفر للطلاب التدريب والدعم النفسي والتربوي اللازمين لتطوير مواهبهم، وهو ما أسهم في بروز أسماء متميزة مثل بسملة صلاح الدين التي استطاعت أن تحوّل التعليم إلى رحلة وعي ومعرفة تتجاوز حدود المناهج التقليدية.
أما الطالبة بسملة، فقد عبّرت عن سعادتها الغامرة بالفوز، وقالت إن هذا الإنجاز ليس نجاحًا شخصيًا بل هو انتصار لكل ذوي الإعاقة الذين يواجهون صعوبات الحياة بإصرار لا يلين، مؤكدة أن دعم أسرتها ومعلميها كان الدافع الأكبر وراء ما وصلت إليه، وأنها تهدي هذا التتويج لكل من آمن بقدرتها على تحقيق المستحيل.
وأضافت في رسالة مؤثرة: «هذا الفوز ليس لي وحدي، بل لكل من وقف إلى جانبي وساندني في رحلتي، ولكل من يثبت يومًا بعد يوم أن الإعاقة ليست نهاية الطريق بل بدايته».
ولاقى فوز بسملة صلاح الدين تفاعلًا واسعًا في الأوساط التعليمية والثقافية في مصر، خاصة في محافظة القليوبية، حيث اعتبره المسؤولون إنجازًا يعكس نجاح السياسات التعليمية في تمكين ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع، ويبرز دور المبادرات العربية التي تشجع على القراءة والوعي الثقافي باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لبناء الشخصية المتكاملة.
يُذكر أن مسابقة «تحدي القراءة العربي» تُعد من أضخم المبادرات الثقافية في العالم العربي، إذ تهدف إلى غرس حب القراءة في نفوس الطلاب وتنمية قدراتهم اللغوية والفكرية من خلال قراءة وتلخيص خمسين كتابًا في مجالات متعددة، وهي مبادرة سنوية تجمع ملايين المشاركين من مختلف الدول، وتُخصص فئة خاصة لذوي الإعاقة تقديرًا لقدرتهم على التحدي والإبداع.
ويؤكد هذا الإنجاز أن أبناء مصر من ذوي الإعاقة يمتلكون طاقات هائلة يمكن أن تغيّر الواقع إذا ما أُتيح لهم الدعم والرعاية، وأن أمثال بسملة صلاح الدين يمثلون الوجه المشرق لمستقبل أكثر شمولًا وعدلًا، حيث تتحول التحديات إلى فرص، والإعاقة إلى دافع للإنجاز، والعزيمة إلى عنوان دائم للنجاح.