Skip to content

طبيب أصابها بالشلل.. سمية بهاء بطلة مصر في الرمح والقرص

طبيب أصابها بالشلل.. سمية بهاء بطلة مصر في الرمح والقرص

سمية بهاء

مصر – جسور – سحر محمد

ببراءة الطفولة عانت كثيرًا وهي تحاول تفسير عدم إحساسها المفاجئ بجزء من جسدها، وكانت تزداد المعاناة كلما حاولت الانخراط مع أقرانها الصغار ومشاركتهم في ألعابهم، ولكن سرعان ما تكيفت الطفلة النجيبة مع وضع قد لا يألفه الكبار، واعتبرت أن الجهاز التعويضي جزءًا منها، وبديلًا لساقها التي فقدت التحكم فيها أو الإحساس بها، كانت ترفض منذ صغرها الإحساس بالعجز أو نظرات الشفقة والإحسان.

سمية بهاء إحدى بطلات مصر الرياضيات والحاصلة على الميدالية الذهبية لبطولة جمهورية مصر العربية في الرمح والقرص لعام ٢٠٢٥، تروي حكايتها قائلة: “أصبت بشلل في ساقي اليمنى نتيجة لحقنة خاطئة أعطاها لي طبيب مهمل، بعد مرضي الشديد بالحُمّى وكنت طفلة لم أتجاوز الثلاث سنوات، ومنذ ذلك الحين وكانت أمي تمارس دورًا بطوليًا في حياتي، تحاول دائمًا أن تشعرني بأنني تمامًا مثل إخوتي الأصحاء، لا ينقصني عنهم شيء، أفعل ما يفعلونه، أرتدي ما يرتدونه، أمارس كل طقوسهم، حتى الألعاب التي نلعبها سويًا، تقصد دون أن تشعرني باختيار الألعاب التي تناسب حركتي كي لا يتسلل لي شعور العجز”.

ولكن بدأت معاناتي الحقيقية حين خرجت من قلعة أمي الحصينة التي كانت تحكم إغلاقها عليّ، وحمايتي فيها حتى من النظرات التي كان من الممكن أن تؤذيني، حين بدأت عامي الدراسي الأول، كان كل من حولي يشعرني أنني أنقص شيئًا ما أنا لا أعرفه، يحاولون حرماني من كل ما تحب طفلة في عمري أن تفعله، لا يُوجَّه لي سوى: لا تفعلين هذا، اجلسي هنا، انتبهي للسقوط، هذا لا يناسبك.

تقول سمية: كان أصعب وقت يمرّ عليّ هو وقت الطابور الصباحي وأنا أجلس بمفردي بالفصل أشاهد زملائي من النافذة يمارسون التمارين الصباحية، وأتساءل: لماذا أنا هنا وليس بجانبهم؟ كانت هي اللحظات الأولى التي شعرت فيها بالإعاقة، حيث لا يملك العالم الخارجي قلب أمي، لن يرتبوا الطابور الصباحي لما يناسب حركتي كما كانت تفعل في اختيار الألعاب، ولن يُجبَر التلاميذ على الجلوس معي كما كانت تفعل هي مع إخوتي.

كنت كثيرًا ما أبكي بكاء الأطفال المتمردين، وبداخلي يقين ما أنني أستطيع أن أفعل ما يفعلونه، يقينًا تمنيت لو كانوا يرونه بدلًا من إعاقتي.

وتكمل سمية حديثها، كانت نظرة الاختلاف التي أراها في عيونهم قاتلة، وبالفعل قررت أن أكون مختلفة عنهم، ولكن الاختلاف الذي يتمناه الأصحاء، لا الاختلاف الذي يثير الشفقة.

اجتزت فترة تعليمي بتفوق فاجأ الجميع، وبدأت بالعمل فور تخرجي، وبحثت عن منظمات المجتمع المدني، فوجدت نفسي في العمل التطوعي، وأحببت كثيرًا أن أقوم أنا بمساعدة المحتاجين لا أن أنتظر من يساعدني.

وتستطرد البطلة المصرية: بعد عدة شهور من العمل التطوعي والتفاعل مع منظمات المجتمع المدني شاركت في مؤتمر عالمي تم اختياري فيه أن أمثل مصر في سويسرا، وحصلت حينها على المركز الثاني في مسابقة الفتاة المثالية، وكان هذا المؤتمر نقطة الانطلاق.

وتضيف: تعرفت منه على العديد من الشخصيات المقاتلين من أجل قضية ذوي الإعاقة، وعلمت أن هناك حياة جميلة كان من الممكن ألا أراها لو استسلمت للإحباط ونظرات الشفقة.

وتُكمل سمية حكايتها: “مع مرور الوقت بدأت قضية ذوي الإعاقة تأخذ قسطًا من الاهتمام الحكومي، ولمست ذلك في كثير من جوانب حياتي، بل وبدأت أشعر بتيسيرات لم تكن مسبوقة في حقوق لنا كانت منسية تمامًا، وربما أول هذه الحقوق كانت دخول المجال الرياضي، هذا الحلم الذي كنت أشاهده من نافذة الأمل تمامًا مثلما كنت أشاهد طابور الصباح في طفولتي، ولكنني هذه المرة اتخذت الخطوة بشجاعة، وانضممت لفريق كرة السلة سيدات، وبتوفيق الله وكرمه حصلت على كأس أفضل جناح في بطولة الدوري العام لكرة سلة الكراسي المتحركة، ثم بعد ذلك حصلت على بطولة الجمهورية لألعاب القوى، وتوالت سلسلة التفوق الرياضي حتى تحقق حلمي الذي طالما شاهدته طويلًا من النافذة، وحصلت على الميدالية الذهبية لبطولة الجمهورية للمرة الثانية في الرمح والقرص في إبريل ٢٠٢٥”.

المقالة السابقة
“جسور” تطلق مسابقة جديدة تقدم جوائز مالية لمحبي الألغاز والمحتوى الإبداعي
المقالة التالية
تعاون بين “مؤسسة الملك عبدالله” وجمعية كفيف لدعم المكفوفين بالسعودية