Skip to content

عالم نفس شهير يعيد تعريف التوحد: طريقة تفكير وليس عجزاً

عالم نفس شهير يعيد تعريف التوحد: طريقة تفكير وليس عجزاً

المحرر: فاطمة الزهراء بدوي - بريطانيا

التوحد ليس عجزا أو نقصا يعيق صاحبه عن الاندماخ مع غير من الأشخاص في العمل أو في الحياة بشكل عام، ولكنه طريقة تفكير مختلفة يستخدمها صاحبها في التواصل مع الآخرين والتعبير عن احتياجاته، يبدو هكذا التعريف صادما لنوع من الإعاقة الذهنية التى جرت العادة على التعامل مع أصحابها باعتبارهم غير كاملين من الناحية الذهنية.

لكن عالم النفس الشهير السير سايمون بارون كوهين، أستاذ الطب النفسي ومدير مركز أبحاث التوحد بجامعة كامبريدج،  قال في حوار عُقد بمدينة كامبريدج البريطانية،  في نقاش أدارته الصحفية هانا جال، تعليقا على الإرتفاع اللافت في معدلات تشخيص التوحد، والتحولات العميقة في فهم المجتمع للتنوع العصبي.

استند اللقاء إلى خبرة تمتد لأكثر من أربعين عامًا، قدّم خلالها كوهين رؤى علمية واجتماعية تعيد تعريف التوحد بوصفه نمطًا مختلفًا من التفكير لا يعني بالضرورة نقصًا أو عجزًا.

أوضح كوهين أن معدلات التشخيص شهدت قفزة ضخمة، من 4 حالات في كل 10 آلاف شخص، إلى حالة واحدة بين كل 31 فردًا اليوم، وأرجع هذا التحول إلى توسع تعريف التوحد، حيث لم يعد يقتصر على من لديهم إعاقات ذهنية، ولكنه يشمل أيضًا من يمتلكون قدرات معرفية مرتفعة ويُظهرون أنماطًا عصبية مختلفة، كانت تُعرف سابقًا باسم “متلازمة أسبرجر”.

وأكد أن عوامل أخرى أسهمت في هذا الارتفاع، أبرزها زيادة الوعي المجتمعي، وانتشار وسائل الإعلام والبرامج التي تتناول موضوع التوحد، مما دفع كثيرين للتساؤل عن ذواتهم أو أطفالهم، كما أصبح الحصول على التشخيص أكثر سهولة بفضل توفر العيادات العامة والخاصة.

ورغم هذه الإيجابيات، أقر بوجود مخاوف مشروعة حول المبالغة في التشخيص، محذرًا من خطر “طبيعة” السلوكيات العادية لدى الأطفال، مشدداً على أن الغالبية العظمى من الساعين للتشخيص يعانون من صعوبات حقيقية، ويبحثون عن دعم تربوي أو وظيفي.

ويرى أن التشخيص ينبغي أن يُمنح فقط لمن يحتاجون إلى دعم ملموس، لأنه يعد مدخلًا لتسهيلات في التعليم والعمل والنظام القضائي والحياة الاجتماعية.

ورفض وصف التوحد بـ”الوباء”، منتقدًا تصريح السياسي الأمريكي روبرت كينيدي الابن الذي وصف انتشار التوحد بذلك، موضحاً أن مصطلح “الوباء” يحمل دلالة سلبية تُستخدم في سياق الأمراض الخطيرة، بينما التوحد لا يُصنّف كمرض، ولكن كاختلاف في طريقة عمل الدماغ، ويجب تقبله لا محاربته.

وأضاف أن بعض خصائص التوحد تُعد مزايا، مثل الانتباه الفائق للتفاصيل، والقدرة على التعرف على الأنماط، والتركيز العميق لفترات طويلة، وبيّن أن هذه السمات قد تؤدي إلى مواهب حقيقية، داعيًا إلى احترام مفهوم التنوع العصبي باعتباره ضرورة اجتماعية وليست مجرد قضية طبية.

اختتم اللقاء بتأكيد أن العالم بحاجة إلى تغيير نظرة المجتمع تجاه الأشخاص ذوي الاختلافات العصبية، فالدعم والتفهم والاندماج أفضل من محاولة “إصلاحهم”، داعياً إلى استثمار مواهبهم بدلًا من إقصائهم، باعتبار أن العالم يتطور بفضل من يفكرون بطريقة مختلفة.

المقالة السابقة
الإمارات تطلق برنامجًا رياضيًا صيفيًا شاملاً لذوي الإعاقة في أبوظبي
المقالة التالية
ولدت بذراع واحدة.. جلوريا أول فتاة نيجيرية تقود سيارة إسعاف