عبر منصته على «تيك توك»..توبي أديسون يواجه التحيز ضد المكفوفين بالفكاهة

تعرف على نجم تيك توك توبي أديسون Blind Tobes، الذي وظف الفكاهة في تحطيم الصور النمطية حول العمى، وكيف حول الشراكات مع علامات تجارية كبرى إلى أداة لتعزيز الوعي بإمكانية الوصول لذوي الإعاقة، وللمكفوفين بشكل خاص.

 في عالم «تيك توك» السريع والمتخم بالمحتوى، يعرف اسم توبي أديسون الملقب «Blind Tobes»، كواحد من أكثر الأصوات تأثيرا في المملكة المتحدة منذ عام 2022، بشخصية جذابة وحس فكاهي لاذع اكتسب توبي ملايين المتابعين لأنه يخوض معركة يومية لتفكيك الصور النمطية الراسخة حول العمى.

من خلال تحويل تجاربه اليومية إلى محتوى تعليمي ومسل، نجح في جذب انتباه علامات تجارية عالمية كبرى مثل «LEGO» و«Samsung، و«Netflix»، مستخدما شراكته معها لتعزيز الوعي بإمكانية الوصول والشمولية.

تحدي التهاب الشبكية الصباغي

خلافا لما قد يعتقده البعض، لم يولد توبي أديسون كفيفا، وتعود جذور قصته إلى طفولته المبكرة ففي عام 2005، حين كان توبي يبلغ من العمر أربع سنوات فقط، شُخص بحالة وراثية نادرة تعرف باسم «التهاب الشبكية الصباغي»، وتوقع الأطباء حينها أن يفقد بصره تدريجيا ليصبح كفيفا تماما في أواخر سن المراهقة.

وبالفعل بدأت رؤيته تتدهور بشكل ملحوظ في سن 11 عاما، وبحلول سن 16، كان قد فقد غالبية بصره، ليصبح كفيفا قانونيا، واليوم لا يمتلك توبي سوى حوالي 4% من بصره، مما يسمح له بإدراك الضوء والتغيرات فيه فقط، لكنه يحتفظ «بذاكرته البصرية» التي تساعده في التنقل وتكوين صوره الذهنية.

شرارة تيك توك وكشف التحيز اليومي

لم تكن شهرة توبي مخططة، لكنها بدأت عندما ظهر في مقطع فيديو على قناة صديق له، والذي انتشر بشكل واسع وجذب سيلا من التعليقات والأسئلة حول العمى، فأدرك توبي حينها حجم الجهل بالعمى، وقرر إنشاء منصته الخاصة.

يتمحور محتوى توبي حول الإجابة على «الأسئلة المحرجة» التي يخشى الناس طرحها مثل «كيف تستخدم هاتفك؟» و«كيف تحلم؟» و«كيف تعرف ما ترتديه؟»، ويقدم إجاباته بصدق وفكاهة، محولا المواقف الصعبة إلى «اسكتشات» كوميدية قصيرة تتماشى مع اتجاهات «تيك توك» الرائجة.

طالع: كفيفات من عدن يشاركن في ملتقى النور الثقافي بسلطنة عُمان

أحد أشهر المقاطع التي لخصت رسالة توبي كانت «حادثة صالة الألعاب الرياضية»، فأثناء تواجده هناك اتهمته امرأة بـ «التحديق» بها بطريقة مريبة، وحين حاول توبي أن يشرح لها أنه كفيف، وأن عصاه البيضاء مطوية بجانبه، رفضت تصديقه واتهمته باستخدام العمى كذريعة، مما استدعى تدخل موظفي الصالة وطلبهم منه المغادرة.

هذه الحادثة التي كانت صادمة ومحبطة لتوبي تحولت إلى أداة تعليمية قوية على منصته، حيث سلطت الضوء على التحيز المسبق والافتراضات الخاطئة التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة يوميا، وشدد على ضرورة تدريب الموظفين في الأماكن العامة على كيفية التعامل مع ذوي الإعاقة.

الرياضة والشراكات في مسيرة توبي

يتجاوز تأثير توبي شاشة الهاتف فهو لاعب كرة قدم شغوف في فريق برايتون لكرة القدم للمكفوفين، وضمن تشكيلة المواهب الصاعدة في منتخب إنجلترا، كما أنه يستخدم منصته للدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة بشكل رسمي، بالتعاون مع «المعهد الملكي الوطني للمكفوفين» ومجموعة LADbible في حملة بعنوان BeforeYouAsk (قبل أن تسأل)، والتي تهدف إلى تشجيع الحوار المفتوح والصادق حول فقدان البصر.

نجاح توبي في التعاون مع علامات تجارية مثل «LEGO»، و«Samsung»، و«Netflix»، ليس مجرد نجاح تجاري، بل هو نجاح استراتيجي في مجال الشمولية.

وهذه الشراكات غالبا ما تتمحور حول ميزات إمكانية الوصول في منتجاتهم مثل تطبيق «Relumino» من سامسونج الذي يعزز الرؤية، أو الكتيبات الصوتية لـ «LEGO» يثبت توبي أديسون، بظهوره المتكرر وتعاوناته مع شخصيات بارزة أخرى في «تيك توك» البريطاني مثل «GK Barry»، أن التعليم يمكن أن يكون جذابا ومسليا، وأن الإعاقة مجرد «طريقة أخرى للعيش».

صوت جيل يرفض الشفقة

يعد توبي أديسون مثالا بارزا على كيف يمكن للجيل الجديد من النشطاء أن يوظفوا المنصات الرقمية سريعة الانتشار لتغيير المفاهيم المجتمعية، فمن خلال إضفاء الطابع الكوميدي على المواقف اليومية، نجح توبي في إزاحة السرد التقليدي الذي يحيط بالإعاقة مثل الشفقة أو الإلهام القسري، ليحل محله الاعتراف بالحقوق وطلب المعاملة على قدم المساواة.

الإرث الذي يبنيه توبي يكمن في تأسيس لغة حوار جديدة تتسم بالشفافية والفكاهة، مما يجعل المشاهد العادي يضحك، ثم يفكر، ثم يغير سلوكه، وهذا النوع من التأثير الناعم يضمن أن رسالة الشمولية لا تقتصر على دوائر النشطاء، بل تخترق الوعي الشعبي والمنزلي في جميع أنحاء العالم.