.png)
بعد سنوات من معاناتها مع آثار حادث مروّع تركها تعاني من الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، وجدت امرأة صينية في الخمسين من عمرها متنفّسًا جديدًا للحياة من خلال بوابة العلم والمعرفة.
السيدة يانج يان، التي قُبلت في يوليو الماضي ضمن برنامج الدراسات العليا في القانون بجامعة ساوث ويست فوريستري في مدينة كونمينج، سلكت طريقًا استثنائيًا نحو تحقيق حلمها. واللافت أنها استخدمت الكتب ذاتها التي كان يدرس منها ابنها، والذي لم ينجح في اجتياز نفس امتحان القبول قبل عامين.
منذ تخرجها في تسعينيات القرن الماضي من جامعة تونج جي المرموقة في شنجهاي، حيث حصلت على بكالوريوس في الكيمياء، ظل حلم الحصول على درجة الماجستير يراود يانج. وفي منعطف مفاجئ عام 2023، بينما كانت تفرز كتب ابنها بعد إخفاقه في دخول كلية القانون، أدركت أن قيمة هذه الكتب تتجاوز بكثيـر قيمتها المادية، فقررت أن تمنح نفسها فرصة جديدة وتخوض هذه التجربة بنفسها.
تعود قصة كفاح يانج إلى عام 2013 عندما تعرضت لحادث عمل مروع أودى بحياتها المهنية وأصابها بحروق بالغة في وجهها وذراعيها. تصف تجربتها قائلة: «ذراعي اليسرى فقدت كل وظيفتها، ولحسن الحظ احتفظت ذراعي اليمنى بنصف وظيفتها، وهو ما أتاح لي القدرة على الاستمرار في الدراسة».
بسبب الندوب البادية على وجهها، اضطرت يانج لارتداء قناع عند الخروج. وتصف الفترة التي أعقبت الحادث بأنها كانت «مؤلمة للغاية»، حيث أصيبت باضطراب ما بعد الصدمة وتناولت مضادات الاكتئاب لمدة عام كامل.
لم تستسلم يانج للتحديات، فخاضت امتحان المحاسبة ونجحت فيه، وبدأت العمل في وظائف محاسبة بسيطة، ورغم أن الدخل لم يكن كبيرًا، إلا أن هذه الخطوة ساعدتها تدريجيًا في تحسين حالتها النفسية. تقول بتحدّ: «لم أستسلم، وحاولت بكل جهدي تجاوز الألم».
في عام 2021، اضطرت يانج لترك عملها بسبب تفاقم حالة الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة. وبعد عام من هذه المحنة، شجعها زوجها وابنها على دراسة القانون، فكانت هذه البداية الجديدة.
«اجتزت الامتحان بينما كان ابني يعتني بي، أنا سعيدة بتبادل الأدوار بيننا»، تقول يانج بفخر. وعندما سُئلت عن سبب اختيارها لتخصص القانون بالذات، أوضحت أنها لم تكن تدرك أن البرنامج سيكون صعبًا إلى هذا الحد، مشيرة إلى أنها عندما تصفحت كتب ابنها رأت أن المحتوى ليس عسيرًا، فاتخذت القرار.
لكن التحدي الحقيقي كان في اللغة الإنجليزية، التي لم تستعملها منذ ما يقارب 30 عامًا، فاضطرت إلى إعادة تعلمها من خلال حفظ الكلمات يوميًا. اعتمدت يانج على نفسها في دراسة جميع المواد، مستعينة بالإنترنت في رحلتها التعليمية.
في ديسمبر 2023، تقدمت يانج لبرنامج الدراسات العليا بدوام كامل في إحدى جامعات مقاطعة شاندونج، لكنها أخفقت بعشر درجات عن الحد المطلوب. ومع ذلك، اعتبرت النتيجة مشجعة، إذ حصلت عليها بعد بضعة أشهر فقط من المذاكرة، مما عزز ثقتها بقدرتها على النجاح في جامعة أخرى أقل صعوبة.
وبالفعل، حين تقدمت لاحقًا لجامعة ساوث ويست فوريستري في كونمينج، لم تكتفِ بالنجاح بل حصلت على المركز الأول في برنامج القانون الجزئي.
في مقابلة مع صحيفة هايباو نيوز، قالت يانج: «لا يفوت الآوان أبدًا لبدء فصل جديد في الحياة، بل الندم الوحيد هو أن لا تبدأ. في الخمسين من عمري اخترت أن أجد صدى للشباب. لماذا أريد دراسة الماجستير في هذا العمر؟ ربما لأعوض ندم شبابي، أو ربما لأكون قدوة لابني، أو ربما فقط لأنني أحب أن أستمر في التعلم».
ونشرت يانج على حسابها الشخصي: «تعرضت لحادث وأصبحت معاقة وفقدت عملي، وأُصبت بالاكتئاب. والآن في الخمسين من عمري، أبدأ رحلة جديدة لتحقيق حلمي بدراسة الماجستير في القانون».
