في اليوم العالمي للهشاشة.. عندما تتحول العظام الواهنة إلى سجن دائم

في اليوم العالمي للهشاشة.. عندما تتحول العظام الواهنة إلى سجن دائم

المحرر: محمود الغول - مصر
هشاشة العظام مرض جهازي يتميز بانخفاض كتلة العظام وتدهور بنيتها المجهرية

 بمناسبة اليوم العالمي لهشاشة العظام، هيا بنا نستكشف الأسباب الطبية والاجتماعية التي تحول المرض إلى إعاقة دائمة مبكرا، مع تحليل العبء الاقتصادي والنفسي للأزمة في المنطقة العربية.

لطالما كان السؤال عن هشاشة العظام يقتصر على مرحلة الشيخوخة، لكن الواقع الذي نحاول استكشافه يفرض تساؤلا أكثر إلحاحا يتمثل في السؤال التالي هل يعد مرض هشاشة العظام إعاقة، خاصة حين يصيب الأفراد في سن مبكر؟

إن هشاشة العظام أو «ترقق العظام» هو مرض جهازي يتميز بانخفاض كتلة العظام وتدهور بنيتها المجهرية، مما يجعلها قابلة للكسر تحت أقل ضغط، وهذا التدهور الصامت هو ما يجعل المرض لصا خفيا، يسرق قوة الهيكل العظمي من الداخل دون أي أعراض أو آلام، إلى أن تقع الكارثة على شكل كسر، ليتحول المرض من مجرد «حالة» صامتة إلى «إعاقة» مدوية.

وبمناسبة اليوم العالمي لهشاشة العظام الذي يوافق اليوم 20 أكتوبر، يجب كسر جدار الصمت المحيط بهذا الوباء الخفي.

تحول هشاشة العظام إلى إعاقة دائمة

التعريف الطبي لهشاشة العظام هو انخفاض كثافة المعادن في العظام، ولكن بالنسبة للمريض فإن التعريف الحقيقي للمرض يبدأ مع أول كسر، فهذا الحدث هو نقطة اللاعودة التي تحول المرض إلى إعاقة دائمة.

طالع: عظامها تتكسر كالزجاج .. حنين رضيعة من غزة تصارع ضمورًا في الدماغ

تعرف هذه الكسور بـ «كسور الهشاشة» وهي السمة المميزة للمرض المتقدم، وتحدث نتيجة لصدمة بسيطة لا يفترض أن تسبب كسرا في العظم السليم، مثل السقوط من وضع الوقوف أو حتى من حركة بسيطة.

وتتركز أخطر هذه الكسور في كسر الورك، الذي لا يسبب ألما شديدا وعجزا فوريا فحسب، بل يرتبط بمعدلات وفيات مرتفعة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن واحدا من كل خمسة من كبار السن الذين يتعرضون لكسر في الورك قد يتوفون في غضون عام واحد بسبب المضاعفات المترتبة عليه.

كذلك كسور العمود الفقري أو الفقرات التي غالبا ما تكون «صامتة»، تؤدي إلى آلام مزمنة، وفقدان في الطول، وتشوه في شكل العمود الفقري تعرف بحدبة الأرملة.

الإعاقة والعبء الجسدي والنفسي

تعد الإعاقة الناتجة عن هشاشة العظام حالة معقدة ومتعددة الأوجه تدمر نوعية الحياة من كل جانب، حيث تكمن الإعاقة في فقدان الحركة والاستقلالية، حيث تشير الدراسات إلى أن 40% من الناجين من كسر الورك لا يستطيعون المشي بمفردهم مرة أخرى، و60% يحتاجون إلى مساعدة في أنشطة الحياة اليومية الأساسية.

كما تتجلى الإعاقة في الألم المزمن الذي يصبح رفيقا يوميا يحد من الحركة ويسلب المريض طاقته النفسية، وتمتد الإعاقة لتفرض حصارا قاسيا على العقل، حيث يعيش المريض في حالة من القلق الدائم ورهاب الحركة، وهو خوف مرضي من الحركة البدنية يزيد في الواقع من خطر السقوط والتعرض لكسر جديد.

هذه الحلقة المفرغة من «الخوف والتجنب والضعف» هي ما يرسخ حالة الإعاقة ويجعلها دائمة، محولة جسد الإنسان من أداة للعيش إلى سجن دائم.

أسباب الهشاشة المبكرة

الأساس لهشاشة العظام في سن السبعين يبنى في سن العشرين والثلاثين، مما يؤكد أن الوقاية يجب أن تبدأ في مرحلة الشباب، فالعظم هيكل صلب، وكذلك نسيج حي يتجدد باستمرار في عملية تعرف بـ «إعادة التشكيل العظمي»، والهشاشة المبكرة تتأثر بعوامل غير قابلة للتعديل مثل الجنس (النساء أكثر عرضة)، والتاريخ العائلي والوراثة وحجم الهيكل العظمي والعمر (حتى قبل سن الخمسين).

لكن هناك عوامل قابلة للتعديل تلعب دورا حاسما في الظهور المبكر للمرض، أبرزها التغذية ونمط الحياة.

يعد نقص الكالسيوم وفيتامين «د» مدى الحياة من أهم العوامل التي يمكن التحكم فيها، وبدونهما لا يمكن للجسم بناء كتلة عظمية قوية أو الحفاظ عليها، ومما يثير القلق وجود مفارقة بيئية محيرة في المنطقة العربية، فبالرغم من وفرة أشعة الشمس، فإن نقص فيتامين «د» منتشر على نطاق واسع بسبب قضاء وقت أطول في الأماكن المغلقة وأنماط الملابس.

ويرتبط نمط الحياة الخامل بزيادة خطر الإصابة، كما أن الاستخدام طويل الأمد لبعض الأدوية، وأشهرها الكورتيكوستيرويدات، يمكن أن يسبب فقدانا سريعا للعظام، إضافة الى بعض الحالات الطبية مثل اضطرابات الأكل وجراحات الجهاز الهضمي.

الأساس لهشاشة العظام في سن السبعين يبنى في سن العشرين والثلاثين
الأساس لهشاشة العظام في سن السبعين يبنى في سن العشرين والثلاثين

 

الفاتورة الباهظة لإهمال تفادي هشاشة العظام

تعد هشاشة العظام أزمة صحية عامة صامتة في مصر والشرق الأوسط، حيث يعاني حوالي 30% من المصريين فوق سن الخمسين من المرض، وتكمن خطورة الأزمة في التحول الديموغرافي السريع الذي تشهده المنطقة نحو شيخوخة سكانية متسارعة.

العامل الأكثر إثارة للقلق هو الإهمال المنهجي للمرض على مستوى السياسات الصحية، حيث تظل هشاشة العظام في مرتبة متأخرة على قائمة الأولويات مقارنة بالأمراض الأخرى، وهذا الإهمال يضاعف التكلفة المستقبلية للتعامل مع ملايين الكسور وحالات الإعاقة، وهي فاتورة اقتصادية باهظة تدفع عبر تكاليف علاج الكسور الباهظة، والفاقد في الإنتاجية نتيجة غياب المرضى عن العمل أو تقاعدهم المبكر. إن الاستثمار في الوقاية والكشف المبكر ليس مجرد ضرورة صحية، بل هو ضرورة اقتصادية ملحة.

لقد شهد العقدان الماضيان ثورة في العلاجات المتاحة

 العلاج المتقدم والوقاية من هشاشة العظام

بالنسبة لأولئك الذين تم تشخيصهم بالفعل، لم يعد المرض حكما بالإعاقة الحتمية لقد شهد العقدان الماضيان ثورة في العلاجات المتاحة، التي يمكن أن تقسم إلى الأدوية المضادة للامتصاص مثل البيسفوسفونات ودينوسوماب التي تبطئ عملية هدم العظام، والأدوية البانية للعظم مثل تيريباراتايد وروموسوزوماب وهي مخصصة للحالات الشديدة ل تحفيز بناء نسيج عظمي جديد، لكن التحدي الأكبر يكمن في ضمان وصول هذه العلاجات إلى من يحتاجونها.

وللوقاية يجب أن تشمل الاستراتيجية التعرض المعتدل لأشعة الشمس، وضمان الحصول على كمية كافية من الكالسيوم وفيتامين «د»، وممارسة تمارين تحمل الوزن والمقاومة التي تقوي العضلات وتزيد من التوازن لتقليل خطر السقوط، وهي الأولوية القصوى.

المقالة السابقة
«girls’ society».. حملة كويتية للتوعية بسرطان الثدي عبر تنسيق الزهور
المقالة التالية
مصر.. مبادرة «أسرتي قوتي» تدعم تمكين قصار القامة في السويس

وسوم

أمثال الحويلة (487) إعلان عمان برلين (568) اتفاقية الإعاقة (724) الإعاقة (160) الاستدامة (1222) التحالف الدولي للإعاقة (1194) التشريعات الوطنية (966) التعاون العربي (636) التعليم (97) التعليم الدامج (69) التمكين الاقتصادي (103) التنمية الاجتماعية (1213) التنمية المستدامة. (101) التوظيف (75) التوظيف الدامج (936) الدامج (68) الدمج الاجتماعي (746) الدمج المجتمعي (180) الذكاء الاصطناعي (98) العدالة الاجتماعية (85) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (620) الكويت (107) المجتمع المدني (1189) الولايات المتحدة (71) تكافؤ الفرص (1183) تمكين (102) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (626) حقوق الإنسان (90) حقوق ذوي الإعاقة (105) دليل الكويت للإعاقة 2025 (469) ذوو الإعاقة (176) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1137) ذوي الإعاقة (599) ذوي الهمم (66) ريادة الأعمال (501) سياسات الدمج (1167) شركاء لتوظيفهم (490) قمة الدوحة 2025 (754) كود البناء (554) لغة الإشارة (81) مؤتمر الأمم المتحدة (447) مجتمع شامل (1178) مدرب لغة الإشارة (747) مصر (134) منظمة الصحة العالمية (772)