ألمانيا – جسور- فاطمة الزهراء بدوي
تحل اليوم، 24 يونيو، ذكرى ميلاد لاعبة كرة السلة الألمانية على الكراسي المتحركة، يوهانا فيلين، إحدى أبرز نجمات الرياضة البارالمبية في أوروبا.
وُلدت عام 1984 في بلدة Pajala السويدية، وانتقلت لاحقًا إلى ألمانيا، حيث بدأت رحلتها الاحترافية وتألقت ضمن المنتخب الوطني الألماني. بعد حادث تزلج أدى إلى شلل نصفي، أعادت فيلين تعريف علاقتها بجسدها، واختارت طريق الرياضة بدلًا من العزلة. اختارت السلة لتكون ملعبها الجديد، وانطلقت من نقطة مختلفة، لكنها سرعان ما أصبحت في الصفوف الأولى.
لعبت في البداية ضمن نادٍ سويدي، ثم انتقلت إلى ألمانيا، حيث انضمت إلى نادي USC Munich. هناك، لفتت الأنظار بمهارتها العالية، وانضمت بسرعة إلى المنتخب الوطني الألماني للسيدات في كرة السلة على الكراسي المتحركة. عام 2012، شاركت في دورة الألعاب البارالمبية بلندن، وحققت الميدالية الذهبية، ثم توجت مسيرتها بميدالية فضية في ريو 2016. خلال سنوات قليلة، صعد اسمها ليصبح رمزًا رياضيًا يتكرر في كل بطولة كبرى.
بجانب الرياضة، درست الطب في جامعة ميونيخ، وأكملت سنوات دراسية صعبة بالتوازي مع التدريبات والبطولات. تنقلت بين قاعات الدرس والملاعب، محافظة على تركيز نادر وشغف دائم بالتقدم.
في مقابلة حديثة أجرتها معها مجلة Rollt الألمانية، تحدثت عن مشاركتها الأخيرة في طوكيو 2021. اضطرت حينها لمغادرة البطولة مبكرًا بعد تفاقم إصابة قديمة، وعادت إلى ألمانيا لتلقي العلاج.. رغم ذلك، تابعت مباريات الفريق من المنزل، وعبرت عن دعمها الكامل لزميلاتها، مشيدة بأدائهن في دور المجموعات ونقاط القوة التي أظهرنها.. الخروج من البطولة كان محبطًا، إلا أنها أكدت أن روح الفريق ما تزال حيّة، وأن العودة للمنافسة مسألة وقت.
حالياً، تستعد للعودة إلى نادي RBB München Iguanas بعد الانتهاء من الامتحانات الطبية. تستعد للموسم الجديد ضمن دوري الدرجة الثانية الألماني، حيث تسعى مع فريقها إلى تحقيق نتائج قوية وتوسيع المشاركة.
رحلة يوهانا تلخص في قدرتها على الصمود والتحول، حيث لم تتوقف عند حدود الإصابة أو الضغط الأكاديمي، ولم تتعامل مع الإعاقة كقيد.. تحولت إلى نموذج يحتذى به في الإرادة والانضباط. على الكرسي المتحرك، صنعت مجدًا رياضيًا وإنسانيًا دون أن ترفع صوتها أو تطلب تصفيقًا. من يراها في المباريات يدرك سريعًا أن القوة ليست حكرًا على الأجساد السليمة، ولكنها تسكن كل من يرفض الاستسلام.
في ألمانيا، حصلت على وسام Silver Laurel Leaf، وهو أعلى وسام رياضي في البلاد. سُجل اسمها في “الكتاب الذهبي” لمدينة ميونيخ تكريمًا لمسيرتها وإنجازاتها.. صيتها تجاوز حدود الرياضة، لتصبح مثالًا في التوازن بين الشغف العلمي والمنافسة الدولية، وبين الأمومة والمهنية.
في عيد ميلادها، نُذكر أن ذوي الإعاقة لا ينتظرون الشفقة، ولكنهم يستحقون الاعتراف الكامل بجهدهم وموهبتهم.. يخوضون معاركهم اليومية بصمت، ويصنعون من التحديات دروبًا للإنجاز، وقوتهم الحقيقية تكمن في الإصرار.