القاهرة – جسور – سماح ممدوح حسن
أكد محمد سعيد عمارة، المنسق العام ،ومؤسس حملة 15 مليون معاق فرسان الإرادة، أن قانون ذوي الإعاقة المصري ليس ديكورا، وأن التنفيذ هو المعيار الحقيقي لاحترام ذوي الإعاقة.
وأضاف في تصريح خاص لـ”جسور”، “علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا قبل أي جهة أخرى… القانون رقم 10 لسنة 2018 هو واحد من أقوى القوانين التي تم إصدارها على الورق، لدعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة. لكن السؤال الحقيقي ليس: هل القانون جيد أم لا؟ بل، أين التنفيذ؟ وأين الإرادة؟”
وأشار عمارة إلى بعض الإنجازات الملموسة، خصوصا إصدار بطاقة الخدمات المتكاملة،وهي خطوة بالغة الأهمية، كونها تتيح لأصحابها الحصول على العديد من الحقوق مثل الدمج في التأمين الصحي، الجمع بين معاشين، الإعفاء الجمركي، ووجود تخفيضات حقيقية في بعض وسائل النقل والمواصلات، إضافة إلى مشاركة محدودة من بعض الوزارات في إدماج ذوي الإعاقة بالأنشطة، خاصة في مجالات الشباب والرياضة.
ونوه عمارة إلى ما لم يُنفذ بعد، أو يُنفذ بشكل “صوري” ويقول”نسبة الـ5% في التوظيف ليست مفعّلة بشكل حقيقي، والقطاع الخاص يتم التحايل عليها، وغالبية المدارس والجامعات غير مؤهلة للدمج الفعلي، سواء على مستوى البنية التحتية أو تدريب المعلمين. والمرافق الحكومية والخدمية تفتقر إلى التهيئة اللازمة لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة. ولا توجد آلية رقابية فعالة لمتابعة التنفيذ، ولا محاسبة للجهات المخالفة أو المتقاعسة.”
ويستكمل، عمارة الحديث عن أبرز التحديات والعقبات التى تواجه ذوي الإعاقة فى مصر للإستفادة من القانون، وأهمها:
- غياب الإرادة الحقيقية لدى بعض المسؤولين.
- ضعف الرقابة وغياب الشفافية.
- عدم تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من متابعة تنفيذ القانون بأنفسهم.
- الحاجة إلى تعديل بعض مواد القانون لجعلها أكثر إلزامية وأقل مرونة في التفسير.
وأكد عمارة في تصريحاته “نطالب بتفعيل آلية رقابة حقيقية ومعلنة لمتابعة التنفيذ ومحاسبة المقصرين، وإشراك ذوي الإعاقة أنفسهم في لجان المتابعة.
ونحتاج إلى تدريب وتأهيل موظفي الدولة على التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، وسرعة توفير البنية التحتية اللازمة للدمج في التعليم والنقل والمرافق، والأهم، تفعيل العقوبات ضد الجهات المُقصرة فى تنفذ القانون.”
وأضاف: “حقوقنا ليست منّة من أحد، بل هي حقوقنا الدستورية والقانونية، ولن نقبل بتأجيلها أو التهرب منها. رسالتنا واضحة: نوجّه دعوة عاجلة إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، صاحب مبادرات “قادرون باختلاف”، وإلى الحكومة ومجلس النواب: تنفيذ القانون ليس رفاهية، بل هو أمل ملايين الأسر، ومقياس لاحترام الدولة لدستورها وحقوق مواطنيها.
كل يوم تأخير في التنفيذ، هو يوم جديد من المعاناة والإقصاء… ونحن لن نقبل بذلك.”
يذكر أن القانون رقم 10 لسنة 2018 ، الخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وصف بأنه علامة فارقة في مسار العدالة الاجتماعية في مصر، حيث أرسى منظومة متكاملة من الحقوق، التي تهدف إلى تمكين ذوي الإعاقة، من حياة كريمة، وضمان اندماجهم الكامل في المجتمع، لا سيما في مجالات التعليم والعمل والتأهيل.
حقوق موسعة في التعليم والعمل والمعاشات
ينصّ القانون على مجموعة من المزايا الجوهرية، منها السماح للأشخاص ذوي الإعاقة بالجمع بين معاشين أو بين المعاش والدخل من العمل دون حد أقصى، مع تحمل الخزانة العامة للدولة الفارق المالي. كما أقرّ تخفيض ساعات العمل للعاملين من ذوي الإعاقة أو من يرعونهم من أقاربهم حتى الدرجة الثانية، مع إتاحة أنظمة عمل مرنة تراعي ظروفهم الصحية والاجتماعية.
وفي التعليم، ألزم القانون مؤسسات التعليم والتدريب بتوفير فرص متكافئة، وتقديم شهادات التأهيل المهني مجانًا، وتضمين المناهج مواد توعوية عن الإعاقة وحقوق ذوي الإعاقة، لترسيخ مفاهيم الدمج والتقبل منذ المراحل الأولى. كما دعم التأهيل المهني من خلال برامج تدريبية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، مع توفير الأدوات المساعدة والخدمات التأهيلية مجانًا أو بأسعار رمزية لتخفيف الأعباء المالية.
تساؤلات مشروعة حول التنفيذ
ورغم أن القانون يشكّل إطارًا تشريعيًا قويًا، إلا أن عددًا من ذوي الإعاقة وأسرهم يطرحون تساؤلات مشروعة حول آليات التنفيذ ومدى التزام المؤسسات المختلفة بما نص عليه القانون، لاسيما فيما يتعلق بتوفير بيئة عمل آمنة، وتطبيق نظم العمل المرنة، وتوفير كوادر مؤهلة لدعم عملية الدمج الحقيقي داخل المجتمع.
وفي هذا السياق، دعا العديد من المهتمين بحقوق ذوي الإعاقة، إلى ضرورة وضع خطة تنفيذية واضحة المعالم، تتضمن جدولًا زمنيًا محددًا، ومؤشرات دقيقة لقياس الأداء، وآليات فعالة للرقابة والمساءلة، لضمان عدم الاكتفاء بالنصوص النظرية دون تفعيل على أرض الواقع.