Skip to content

قعيدان بريطانيان يعبران جبال الآلب لتمويل أبحاث الإعاقة

قعيدان بريطانيان يعبران جبال الآلب لتمويل أبحاث الإعاقة

المحرر: سماح ممدوح حسن
قعيدان فى جبال الألب

بريطانيا – جسور

لم تكن رحلة عبور جبال الألب يومًا سهلة، حتى لأكثر الرياضيين لياقة. لكن في صيف 2025 كسرت مغامرة فريدة من نوعها كل القواعد عندما قرر”بن سبنسر وبيتر سمورثيت” أن يعبرا سلسلة الجبال الأوروبية الأشهرعلى كراسيهما المتحركة.

على مدار 18 يومًا ووسط موجة حر شديدة وصلت خلالها درجات الحرارة إلى قرابة 40 درجة مئوية في كل من سويسرا وإيطاليا، شقّ الرياضيان البريطانيان طريقهما من مدينة مونترو السويسرية على ضفاف بحيرة جنيف إلى بحيرة كومو الإيطالية. المسافة الإجمالية التي قطعاها بلغت 422 كيلومترًا، أي ما يعادل10 سباقات ماراثون متتالية. لكن هذا الإنجاز الجبّار لم يكن بلا ثمن.

جُهد فوق طاقة البشر
في أحد الأيام الأولى من الرحلة وجدا نفسيهما أمام منحدر صخري حاد وسط أحد الأخاديد. ومع عدم وجود طريق ممهد أو مخصص للكراسي المتحركة، اضطر بيترالبالغ من العمر 33 عامًا والمصاب بشلل نصفي، إلى النزول من كرسيه ودفع نفسه وجهازه نحو الأعلى لأكثر من كيلومتر. بينما كان بن يتبعه ببضع أمتار زحفا. استغرق تجاوز هذا الجزء وحده ساعتين كاملتين.
وعلق بن سينسر”كان إنجازًا مذهلًا بالصبر والتحمّل” وبرغم المشقّة الجسدية يرى بن أن الألم كان ضريبةً مقبولةً من أجل القضية الكبرى التي حركتهما.

من المعاناة إلى المبادرة
الرحلة كانت جزءًا من حملة بعنوان “Alps 4 Ataxia” والتى تهدف إلى زيادة الوعي وجمع التبرعات لصالح مرضى Ataxia وهو اضطراب عصبي نادر يؤثر على التوازن والتنسيق الحركي والنطق والسمع والسيطرة على المثانة.
يعاني بن سبنسر شخصيًا من هذا الاضطراب فى المخيخ منذ عام 2022 وهو نوع ناتج عن تلف في المخيخ. ومع تطوّر حالته أصبح يستخدم الكرسي المتحرك بشكل شبه دائم ويعاني من مشكلات في المثانة ومن إرهاق شديد يؤثر على قدرته على الكلام. لكنه بالرغم من هذه التحديات لا يزال أحد أكثر الرياضيين نشاطًا.

لا حدود للطموح
هو وبيتر لم يتوقّفا يومًا عند حدود الإعاقة. فهما لاعبان في فريق الرجبي على الكراسي المتحركة وشاركا في مئات سباقات الماراثون ونصف الماراثون، وحتى في سباقات الطويلة. كما اجتازا ممر “أبل كروس” أحد أصعب الطرق في المملكة المتحدة والذي يُعرف بانحداراته الحادة ومنعطفاته الخطيرة.
أما بيتر، فقد سبق له أن قطع مسافة 1,407 كيلومتر من أقصى جنوب إنجلترا إلى شمال اسكتلندا وهو يجر خلفه مقطورة باستخدام كرسي متحرك عادي.
وشارك الاثنان في ماراثون لندن لعامي 2024 و2025، حيث جمع بن تبرعات لصالح مؤسسة Ataxia UK، التي تموّل الأبحاث العلمية وتوفر الدعم والإرشاد للأشخاص المصابين بهذا الاضطراب فى بريطانيا.

تحديات الجغرافيا والجسد
وأجه كلاهما صعوبات مع التضاريس الوعرة بالإضافة إلى الحرارة الشديدة والإجهاد الجسدي. واعتمدا في خط سيرهما على مسارات مخصصة للدراجات تُعرف ب EuroVelo، بالإضافة إلى طرق ريفية هادئة تمرّ عبر سويسرا ووادي الرون. وكان برفقتهما فريق دعم مكوّن من ثلاثة أشخاص اثنان منهم يعانون من نفس الحالة العصبية. وأيضا أجبرتهما موجة الحر على إطالة الرحلة من 12 يومًا إلى 18.

يقول بن”كلانا يعاني من صعوبة في تنظيم حرارة الجسم. ويمكن ان يتعرض بيتر بسبب إصابته في الحبل الشوكي لحالة خطيرة تُعرف بـالخلل المنعكس التلقائي وربما يُغمى عليه فجأة. وفي إحدى المرات كان على وشك الانهيار، واضطررت إلى سكب الماء عليه لإنقاذه”.
يقول بن.: مع ذلك، طغت اللحظات المضيئة على المتاعب. فبلوغ قمة أول ممر جبلي منح بن وبيتر ثقة بأنهما قادران على إتمام المهمة”كانت لحظة فارقة، أردت أن يفهم الناس أن ذوي الإعاقة يمكنهم تحقيق إنجازات استثنائية” .

الكشف عن واقع غير مُهيأ
غير أن الرحلة لم تكن مجرد تحدٍ بدني بل أيضًا جرس إنذار عن نقص إمكانية الوصول في البيئات الطبيعية وحتى السياحية.
فيوضح بن”بعض المخيمات التي سُوّقت كأماكن مهيأة لذوي الإعاقة كانت تفتقر للتجهيزات المناسبة” كما ضمّت بعض مسارات الدراجات أجزاء طويلة من الحصى وعوائق جعلت المرور شبه مستحيل.”إذا أردنا أن نُمكّن مستخدمي الكراسي المتحركة من ممارسة الرياضة في الطبيعة فهناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به”.

رسالة أمل
اليوم، وبعد عبور أصعب تضاريس أوروبا يحمل بن رسالة إلى من يعيشون بأي نوع من الإعاقة: ويقول”مهما كانت حالتك الصحية لا تستسلم أبدًا.”

المقالة السابقة
بسبب” المتخلف”.. إيلون ماسك يسئ لذوي الإعاقة بشات بوت “جروك”
المقالة التالية
8 خطوات وقائية لضمان سلامة ذوي الإعاقة عند نشوب حريق