كاتب أمريكي يصدر رواية عن شقيقه الراحل.. عاش مصابًا بشلل دماغي

كاتب أمريكي يصدر رواية عن شقيقه الراحل.. عاش مصابًا بشلل دماغي

المحرر: سماح ممدوح حسن-أمريكا

تصدر رواية «نطاق الحركة Range of Motion » في الخامس عشر من أكتوبر 2025 الجاري، ومن المتوقع أن تثير الرواية الجديدة اهتمام الأوساط الأدبية والنقدية في الولايات المتحدة.

رواية «نطاق الحركة»، وهي العمل الروائي الأول للكاتب والأكاديمي الأمريكي براين تروب، مدير برنامج دراسات الإعاقة وورش كِد Kidd  للكتابة الإبداعية بجامعة أوريجون تمثّل تجربة إنسانية فريدة.

إذ كتبها تروب بوحي من حياته مع شقيقه التوأم الراحل داني الذي كان مصابًا بالشلل الدماغي، في محاولة لإعادة تقديم صورة الأشخاص ذوي الإعاقات في الأدب من منظور جديد، يتجاوز المأساة والرثاء إلى الحياة والفكاهة والإنسانية.

الكاتب والأكاديمي الأمريكي تروب

تدور الرواية حول توأمين خياليين، مايكل وسال، أحدهما مصاب بالشلل الدماغي، في توازٍ واضح مع حياة الكاتب وشقيقه، تبدأ القصة منذ الطفولة، وتستمر حتى يفترق طريقهما حين يدخل سال دار رعاية طويلة الأمد، بينما يلتحق مايكل بالجامعة.

إلا أن تروب يختار أن تتوقف الرواية عند الحياة لا الموت، رافضًا أن يجعلها نهاية مأساوية كما اعتادت الأعمال التي تتناول الإعاقة، فبينما توفي داني الحقيقي عن عمر 28 عامًا بسبب مضاعفات الالتهاب الرئوي، يترك تروب مصير سال مفتوحًا، مؤكدًا أن اهتمامه منصب على الحياة اليومية وتفاصيلها الصغيرة لا على الفقد.

يقول الكاتب في تصريحات صحفية لموقع Lookout «كنت دائمًا أحاول كتابة هذه الرواية، أردت أن أقدّم شخصًا مثل شقيقي إلى العالم الأدبي، لا بوصفه موضوعًا للشفقة، بل كإنسان متكامل، يتحلي بروح الدعابة والذكاء والقدرة على التأثير».

منذ سنوات، كتب تروب مقالات شخصية عن علاقته بشقيقه، ولاقت إحدى تلك المقالات انتشارًا واسعًا، ما قاده لتوقيع عقد نشر الرواية التي ظلّ يحلم بها طيلة حياته.

الأكاديمي تروب مع شقيقه التوأم الراحل داني

من اللافت في الرواية أنها لا تُقدّم تجربة الإعاقة في قالبٍ درامي ثقيل، بل تمزج بين الفكاهة والعاطفة، فحياة العائلة التي يصورها تروب مليئة بالنكات والمواقف الساخرة التي تكشف التعايش الحقيقي لا البطولي.

يُغني مايكل أغنية طريفة أثناء استحمام شقيقه، ويشارك والدهما في مزاح عائلي ، حيث يسخران من بعضهما، بينما يحضر في الخلفية حبّ حقيقي وقلق دائم من المستقبل.

هذه المفارقات المضحكة والمؤثرة في آنٍ واحد تخلق ما يسميه النقاد «أدب العائلة الحقيقية»، حيث الفكاهة وسيلة للبقاء، لا للهروب.

ويقول تروب إن أحد أهدافه الأساسية كان كسر الصورة النمطية عن الأشخاص ذوي الإعاقة بوصفهم رموزًا للتحدي أو المعاناة فقط.

ويضيف «أردت أن أُدخل شخصية مثل سال إلى الأدب، شخصية مضحكة وذكية وواقعية، نحن لا نرى كثيرًا أشخاصًا ذوي إعاقات فكرية يُقدَّمون كصانعي فكاهة، بينما هذا جزء حقيقي من شخصياتهم».

تروب مع شقيقه التوأم الراحل داني وهما في مرحلة الشباب

بدأ تروب في كتابة الرواية عام 2009 حين كان يعمل مستشارًا في معسكر تشيرفول بمدينة سترونجسفيل بولاية أوهايو، وهو معسكر لذوي الإعاقات.

أراد في البداية كتابة رواية تدور حول المخيم، لكنه وجد نفسه أقرب إلى كتابة حكاية عائلية تضم أصواتًا متعددة، الأم هانا، والأب جيب، عالم الأعصاب ، مثل والده الحقيقي، والابن مايكل الذي يحاول فهم شقيقه سال الذي لا يتحدث كثيرًا.

تعتمد الرواية على تعدد وجهات النظر لتفكيك العلاقة بين أفراد الأسرة وكيف يحاول كلٌّ منهم فهم سال، أو إسقاط مشاعره وتصوراته عليه، فبينما يرى الأب أن على الجميع احترام استقلالية سال، تميل الأم إلى الحماية الزائدة، أما مايكل فيحاول ترجمة ما لا يُقال. وهكذا تتحول الرواية إلى تأمل عميق في اللغة والتواصل والاختلاف.

مقاطع من الرواية التى تصر الأم على تظليلها

ورغم أن الرواية مستوحاة من الواقع، إلا أن تروب يؤكد أنه لم يكتب سيرة ذاتية مباشرة، بل خيالًا ممزوجًا بالصدق الإنساني.

يقول ضاحكًا «حذفت شقيقيّ الآخرين من الرواية، ووالدتي تخطط لتظليل المقاطع الحقيقية بالقلم الأصفر عندما تقرأها».

وفي الرواية، يستخدم سال كرسيًا كهربائيًا متحركًا يصدم به الناس في الممرات، بينما لم يكن داني يمتلك مثل هذا الكرسي، لكن الكاتب يعلق مبتسمًا: «ظننت أنه كان سيحب فعل ذلك لو أُتيح له».

يرى تروب أن حياته كلها امتدادًا لرسالة شقيقه، فقد كان أمام خيارين منذ صغره، أن يصبح طبيبًا يعتني بالأشخاص ذوي الإعاقة، أو كاتبًا يكتب عنهم، وفي النهاية جمع بين المجالين، إذ يرأس اليوم برنامج دراسات الإعاقة بجامعة أوريجون، وهو تخصص أكاديمي يتناول تاريخ وثقافة وتجارب الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب تدريسه للكتابة الإبداعية.

ويعمل حاليًا على مذكراته الشخصية التي سيتناول فيها ذكرياته مع داني، وتجربته في معسكر تشيرفول، وتأثير كونه «أخًا داعمًا» على حياته الخاصة، بما في ذلك طلاقه بعد وفاة شقيقه.

لكنه يؤكد أن روايته الأولى كانت رسالة مختلفة «أردت أن أكتب عن الحياة، لا عن الموت، عن الضحك لا البكاء، عن الحب لا الشفقة».

فعاليات توقيع الرواية

يستعد براين تروب لإطلاق «نطاق الحركة» في عدد من الفعاليات بولاية أوريجون، منها قراءة عامة في مكتبة نايت بجامعة أوريجون يوم 29 أكتوبر الجاري، وجلسة حوارية مع الكاتبة ميليسا هارت يوم 13 نوفمبر في مكتبة تسونامي بوكس، بمدينة يوجين، حيث سيتحدثان عن تجاربهما في النشأة داخل عائلات من ذوي الإعاقة.

بروايته الأولى، يفتح براين تروب بابًا جديدًا في الأدب الأمريكي، إذ يكتب عن الإعاقة من الداخل لا من الخارج، ويقدّم للعالم صورة مختلفة عن الأخوّة، والكرامة، والضحك الذي يعلّمنا كيف نعيش الحياة كما هي بكل ضعفها وجمالها في آن واحد.

المقالة السابقة
مصر.. شبكة «تأهيل» تختتم جلساتها حول التوظيف الدامج لذوي الإعاقة
المقالة التالية
الهلال الأحمر الإماراتي يقدّم مساعدات غذائية لمراكز ذوي الإعاقة في شبوة اليمنية

وسوم

أمثال الحويلة (438) إعلان عمان برلين (515) اتفاقية الإعاقة (662) الإعاقة (149) الاستدامة (1160) التحالف الدولي للإعاقة (1132) التشريعات الوطنية (904) التعاون العربي (574) التعليم (89) التعليم الدامج (66) التمكين الاقتصادي (96) التنمية الاجتماعية (1154) التنمية المستدامة. (95) التوظيف (70) التوظيف الدامج (883) الدامج (61) الدمج الاجتماعي (689) الدمج المجتمعي (171) الذكاء الاصطناعي (91) العدالة الاجتماعية (81) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (565) الكويت (98) المجتمع المدني (1134) الولايات المتحدة (67) تكافؤ الفرص (1126) تمكين (95) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (572) حقوق الإنسان (85) حقوق ذوي الإعاقة (100) دليل الكويت للإعاقة 2025 (417) ذوو الإعاقة (164) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1086) ذوي الإعاقة (568) ذوي الهمم (62) ريادة الأعمال (444) سياسات الدمج (1112) شركاء لتوظيفهم (435) قمة الدوحة 2025 (702) كود البناء (502) لغة الإشارة (78) مؤتمر الأمم المتحدة (392) مجتمع شامل (1123) مدرب لغة الإشارة (692) مصر (112) منظمة الصحة العالمية (716)