لارانس الأسترالي النبيل.. يحول الدراجات القديمة إلى كراسي متحركة لذوي الإعاقة

لارانس الأسترالي النبيل.. يحول الدراجات القديمة إلى كراسي متحركة لذوي الإعاقة

المحرر: سماح ممدوح حسن-أستراليا
أسترالي يحول الدراجات القديمة إلى كراسي متحركة لذوي الإعاقة

في مدينة جولد كوست الأسترالية، وبين أصوات المناشير ورائحة المعدن والطلاء، يقف ديس لارانس. البالغ من العمر 84 عامًا، داخل ورشة متواضعة. تحوّلت مع الوقت إلى مصنع ينتج كراسي متحركة مبتكرة لذوي الإعاقة. من الدراجات القديمة فى أستراليا.

هناك، لا يجمع الرجل الدراجات الهوائية الملقاة في الشوارع فحسب، بل يعيد إليها معنى مختلفًا للحياة، بعدما حوّلها إلى كراسٍ متحركة قادرة على السير في أصعب التضاريس، ومنح بها آلاف الأشخاص فرصة جديدة للحركة والكرامة.

كراسي متحركة مبتكرة
من داخل ورشة تصنيع الكراسي المتحركة

الصدفة خلقت كراسي متحركة مبتكرة

ديس لا رانس، صانع الخزائن المتقاعد وعضو نادي الروتاري منذ سنوات طويلة. لم يخطط يومًا ليقود مشروعًا إنسانيًا بهذا الحجم. ومع ذلك، ومنذ ما يقرب من ثلاثة عقود، قرر أن يفعل شيئًا بسيطًا ظاهريًا. لكنه عميق الأثر: وبالصدفة منح الدراجات المهملة القديمة حياة أخرى. وأن يمنح الأشخاص ذوي الإعاقة حرية طال انتظارها.

يقول لا رانس بابتسامة:«لا أعرف أحدًا يصنع كراسي متحركة من الدراجات الهوائية. نعم، هناك من يصنع كراسٍ متحركة، لكن ليس بالطريقة التي نعمل بها هنا»

ومن هذا الإيمان بالفكرة، أسس لا رانس مؤسسة Surfers Sunrise Wheelchair Trust. التي تعمل اليوم داخل ورشة مزدحمة في مدينة جولد كوست، بمساعدة 30 متطوعًا.

تعود جذور هذه القصة إلى عام 1996، عندما سافر لا رانس إلى فيجي. هناك، رأى مشاهد لم تغادر ذاكرته حتى اليوم. أطفال بلا كراسٍ متحركة، يتحركون على الأرض بأيديهم، ويعيشون على هامش المجتمع.

كراسي متحركة مبتكرة
ديس لا رانس مبتكر الكراسي المتحركة من الدراجات القديمة

يستعيد تلك اللحظة قائلًا:«لم أصدق ما كان يمر به الأطفال هناك. فتاة في الرابعة عشرة من عمرها كانت تتحرك على يديها. عندما قدمنا لها كرسيًا متحركًا وسألناها: ماذا ستفعلين الآن؟ أجابت ببساطة: سأذهب إلى المدينة، لم أزر المدينة من قبل». ومن هنا، بدأت الفكرة تتحول إلى مشروع، ثم إلى رسالة إنسانية مستمرة.

كيف تتحول الدراجة إلى كرسي متحرك؟

في ورشة أرونديل بجولد كوست، تستقبل المؤسسة الدراجات الهوائية القديمة والمهملة. وبعد ذلك، يبدأ العمل اليدوي الدقيق. يقطع الفريق الهياكل المعدنية، ويعيد تشكيلها. ثم يمررها عبر خط إنتاج يشمل اللحام، والطلاء، والتشطيب النهائي.

ويشرح لا رانس العملية قائلًا:«نستخدم الجزء الخلفي من الدراجة، ونحتاج إلى إطارين متطابقين لتشكيل الهيكل الأساسي للكرسي. وبعد ذلك، نصممه بحيث يتحمل الطرق الوعرة والطين والحصى»

ولا يواجه الفريق أي نقص في المواد الخام، إذ يتخلص الأستراليون من أكثر من 300 ألف دراجة كل عام. ينتهي معظمها في النفايات، بينما تتحول آلاف منها داخل هذه الورشة إلى أدوات حياة.

على مدار السنوات، أعاد فريق الورشة تدوير نحو 40 ألف دراجة. ومن هذه الدراجات، صنع المتطوعون ما يقرب من 12 ألف كرسي متحرك حتى الآن. ووصلت هذه الكراسٍ إلى 31 دولة حول العالم، شملت دولًا في آسيا وأفريقيا، ووصلت حتى أوكرانيا. إضافة إلى دول المحيط الهادئ مثل ساموا وفيجي.

ويقول لا رانس بفخر واضح:«نواصل إرسال الحاويات واحدة تلو الأخرى. الناس في كل مكان يريدون هذه الكراسٍ، ولن نتمكن أبدًا من تلبية كل الطلبات»

مؤخرًا، أرسلت المؤسسة شحنة تضم أكثر من 120 كرسيًا متحركًا إلى سريلانكا. بعد أن ضربها إعصار ديتواه المدمّر في أواخر نوفمبر، وأودى بحياة 635 شخصًا.

وفي هذا السياق، يعمل فالووفان ثيلايراجاه، وهو طالب طب مقيم في ملبورن. مع مؤسسة Vanni Hope لتقديم الإغاثة هناك. ويؤكد أن الأشخاص ذوي الحركة المحدودة يواجهون أخطر الظروف أثناء الكوارث.

ويقول:«الأشخاص ذوي الإعاقة لا يستطيعون الهروب. الكراسي ذات العجلات العريضة تمنحهم فرصة حقيقية للحركة. خصوصًا في المناطق الجبلية حيث الطرق موحلة وغير ممهدة»

كرسي متحرك يعني العودة للحياة

اليوم، تنتج الورشة نحو 400 كرسي متحرك سنويًا، وتسعى إلى مضاعفة هذا الرقم ليصل إلى 800 خلال العام المقبل. ومع كل كرسي، لا يرى لا رانس مجرد قطعة معدنية، بل يرى تحولًا إنسانيًا كاملًا.

ويختتم حديثه قائلًا:«عندما يحصل طفل على كرسي متحرك، لا يحصل فقط على وسيلة حركة. العائلة كلها تتحرك معه. يعود الطفل إلى المجتمع، ويعود الأمل إلى البيت».

تثبت هذه القصة أن إعادة التدوير لا تنقذ البيئة فقط. بل قادرة أيضًا على إنقاذ البشر، وتحويل أبسط الأشياء المهملة إلى أعظم أشكال الرحمة الإنسانية.

المقالة السابقة
«مجمع كاي تاك» نموذج عالمي لدعم رياضات ذوي الإعاقة في هونغ كونغ
المقالة التالية
تمكين ذوي الإعاقة بالتكنولوجيا في دورة الألعاب الأولمبية الصينية