«كلمة على ورق».. كتاب يوثق معركة غسان جبرا مع الضمور العضلي في لبنان

«كلمة على ورق».. كتاب يوثق معركة غسان جبرا مع الضمور العضلي في لبنان

المحرر:

أصدر الشاب اللبناني من  أصول سورية غسان جبرا كتابه «كلمة على ورق»، موثّقاً رحلته مع الضمور العضلي الذي رافقه منذ الطفولة، ومؤكداً تمسكه بالحياة رغم فقدانه القدرة على الحركة واعتماده على كرسي كهربائي وأجهزة تنفس.

بدأ جبرا مواجهة المرض قبل بلوغه العاشرة، حين سقط مراراً على الأرض وفقد تدريجياً القدرة على المشي. ومع تقدّم المرض تعطلت عضلاته الواحدة تلو الأخرى، ما دفعه للانتقال إلى مؤسسة «سيسوبيل» لرعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

كتاب جبرا «كلمة على ورق»

انتقل جبرا لاحقاً إلى جمعية «أنت أخي» في لبنان بعدما ازدادت حاجاته الطبية والرعائية، وعاش فيها بشكل دائم مع فريق يقدم له الرعاية والدعم والعلاج. واعتبر جبرا الجمعية بيته الثاني ومكاناً استند إليه ليستمر في مواجهة المرض رغم فقدانه السيطرة على معظم أجزاء جسده.

عمل على الكتاب خمس سنوات وأملى فصوله مستخدماً عينيه وشفتيه

عمل جبرا على كتابه «كلمة على ورق» مدة خمس سنوات، وأملى فصوله مستخدماً عينيه وشفتيه فقط بعد تعطل أطرافه، بينما تولّى متطوعون تدوين النصوص وإعادة صياغتها، حتى ظهر الكتاب كعمل يجمع بين السيرة الذاتية والتجربة الروحية، ويفتح نافذة على رحلة ممتدة مع الألم والأمل.

وصف جبرا يوم استلامه النسخة الأولى بأنه يوم استثنائي في حياته، وأكد أن مشاركته في حفل التوقيع بمعرض بيروت الدولي جعلته يشعر بأن الإنجاز ليس فردياً بل مشتركاً مع أقاربه وأصدقائه وزملائه في الجمعية وشخصيات ثقافية وإعلامية حضروا الحدث وشارَكوه فرحته.

أثناء حفل توقيع الكتاب

قدّمت مرحلة الطفولة أول ملامح الضمور العضلي عند جبرا، إذ بدأ يفقد القدرة على الحركة شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح أسير كرسي كهربائي نقّال. وذكر أن المرض لم يؤثر على جسده فقط، بل ألقى بثقله على نفسيته، ما جعله يحتاج إلى دعم مستمر للتكيف مع تدهور قدراته، وفق تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»

وأوضح جبرا أن وجوده داخل جمعية «أنت أخي» سمح له بالتحرر من الخجل المرتبط بظروفه الاجتماعية وأصوله السورية، وجعله أكثر قدرة على الحديث عن طفولته وتجربته، واعتبر أن هذا التحرر ساعده على إعادة بناء رؤيته لذاته بعيداً عن الصور التي فرضتها الإعاقة عليه.

فقد القدرة على مضغ الطعام واضطر لتناوله مطحوناً.

تلقّى جبرا تنشئة روحية وإنسانية داخل الجمعية، وذكر أنه تعلّم التركيز على ما بقي لديه من إمكانيات عوضاً عن النظر إلى ما فقده. ورأى أن طاقة الحب كانت القوة التي حافظت على توازنه، ومنحته رغبة في مواصلة الحياة رغم الألم وتراجع القدرة البدنية.

واجه جبرا صدمة كبيرة بعد وفاة شقيقه «غريب» الذي عانى المرض نفسه ورحل صغيراً، ودخل مرحلة من الإحباط حين فقد القدرة على مضغ الطعام واضطر لتناوله مطحوناً، لكنه أوضح أنه تجاوز تلك الصدمة بفضل علاقة عاطفية داخل المؤسسة منحته دعماً نفسياً كبيراً.

ذكر جبرا أن ضمور العضلات وصل إلى الرئتين والقلب، ما جعله يعتمد على أجهزة تنفس بشكل دائم، لكنه احتفظ بابتسامته رغم ضعف صوته. وبيّن أن اكتشافه لرسالته في الحياة منحه طاقة للاستمرار، إذ رأى أن دوره يتمثل في مساعدة الآخرين من خلال تجربته.

شارك جبرا في برنامج التنشئة داخل الجمعية، وقدم جلسات ثابتة تحدّث فيها عن رحلته لأشخاص أصحاء وذوي إعاقة. ورأى أن مشاركته شكّلت امتداداً لرسالته في دعم الآخرين، وأن قصته أصبحت مصدر قوة لمن يواجه تحديات صحية أو نفسية مشابهة.

كشف عن حلمه بتأسيس مقهى تراثي يجتمع فيه الزوار للعب النرد

أمضى جبرا معظم وقته مستلقياً على السرير بسبب تعطّل جسده شبه الكامل، معتمداً على مرافق يلازمه طوال اليوم، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن علاقته بالمرافقين تحولت إلى تجربة إنسانية عميقة جعلته أكثر إدراكاً لأهمية التعاون والثقة، وأسهمت في تطوير نظرته للعلاقات الاجتماعية.

جبرا في جمعية «أنت أخي»

احتفظ جبرا بأحلامه رغم قسوة المرض، وأبرزها رغبته في دخول موسوعة «جينيس» باعتباره الشخص الذي عاش أطول فترة مع هذا النوع من الضمور العضلي. واعتبر أن تحقيق هذا الهدف سيحمل رسالة إنسانية تثبت قدرة المصابين على تجاوز الحدود الطبية المعروفة.

أعلن جبرا شغفه بلعبة طاولة الزهر، وكشف عن حلمه بتأسيس مقهى تراثي يجتمع فيه الزوار للعب النرد وسماع تجربته والتفاعل معها. ورأى أن هذا المشروع يجمع بين متعته باللعبة ورغبته في تقديم مساحة للحديث الإنساني وتبادل الخبرات بطريقة بسيطة وقريبة من الناس.

أكد جبرا أن رسالته في الحياة تتمثل في إثبات أن الجمال لا يغيب رغم الألم، وأن التجارب القاسية يمكن أن تحوّل الإنسان إلى مصدر نور لغيره. وذكر أن فرحة الآخرين بسماع قصته كانت أعظم حافز جعله يؤمن بأن حياته تحمل معنى يتجاوز حدود الإعاقة.

المقالة السابقة
الشارقة تطلق حملة لتطعيم كبار المواطنين وذوي الإعاقة ضد الإنفلونزا الموسمية
المقالة التالية
الصحفي عمرو طبش.. عدسة غزاوية وثقت الحق في العلاج لمنع الإعاقة الدائمة

وسوم

الإعاقة (3) الاستدامة (33) التحالف الدولي للإعاقة (34) التربية الخاصة (2) التشريعات الوطنية (33) التعاون العربي (33) التعليم (4) التعليم الدامج (4) التمكين الاقتصادي (3) التنمية الاجتماعية (33) التنمية المستدامة (3) التوظيف الدامج (32) الدمج الاجتماعي (31) الدمج الجامعي (3) العدالة الاجتماعية (3) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (31) الكويت (5) المتحف المصري الكبير (4) المجتمع المدني (31) المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (4) المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة (4) الوقائع الإخباري (2) تكافؤ الفرص (32) تمكين (2) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (31) حقوق الإنسان (3) حقوق ذوي الإعاقة (3) دليل الكويت للإعاقة 2025 (30) ذوو الإعاقة (12) ذوو الاحتياجات الخاصة. (31) ذوي الإعاقة (9) ذوي الهمم (5) ريادة الأعمال (33) سياسات الدمج (33) شركاء لتوظيفهم (34) قمة الدوحة 2025 (35) كود البناء (36) لغة الإشارة (2) مؤتمر الأمم المتحدة (36) مبادرة تمكين (3) مجتمع شامل (36) مدرب لغة الإشارة (37) مصر (12) منظمة الصحة العالمية (37) وزارة الشؤون الاجتماعية (2)