رغم نظرات الشك التي تحاصرها يوميا، وكأنها مريضة تستحق الشفقة، تواصل الكندية كندرا هيبرت، الطالبة في السنة الثالثة بكلية الطب بجامعة دالهوزي الكندية، طريقها بثبات نحو تحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة.
لكن هذا الطريق لم يكن مفروشا بالورود، فقد بدأت كندرا رحلتها بـ كرسي متحرك، وسط بيئة تفتقر إلى التهيئة الكافية ماديًا ونفسيًا لذوي الإعاقة.
كندرا، التي تستخدم عكازات ودعامات للساقين أيضا لم تكن تتخيل يومًا أن تصبح واحدة من أوائل الطلاب ذوي الإعاقة الجسدية في كليتها، وتقول إنها كثيرًا ما يُساء فهمها وتُعامل كمريضة لمجرد اختلاف صورتها عن الصورة النمطية للطبيب.
“لقد سألوني هل أتيتِ لموعد طبي؟”.. بهذه الكلمات وصفت كندرا أول موقف تعرضت فيه للتمييز بسبب إعاقتها في بداية تدريبها، وأضافت أن هذه الحوادث تتكرر بشكل مزعج، لكنها تظل صامتة.
التشخيص المتأخر لم يمنعها من النهوض مرة أخرى
في عمر 21 بدأت حالة كندرا الصحية بالتدهور بشكل سريع دون تفسير إلى أن تلقت تشخيصًا بمرض جيني نادر وغير قابل للشفاء لكنه لا يزيد سوء مع الوقت، هذا التحول المفاجئ دفعها إلى تأجيل حلم دراسة الطب والتوجه أولًا لدراسة الماجستير في علم النفس التجريبي.
لكن بعد استقرار حالتها وبفضل فريق طبي متخصص وأجهزة مساعدة، استعادت جزءًا كبيرًا من استقلالها وقررت التقديم لكلية الطب رغم المخاوف وردود الفعل المشككة.
قصة شقيقتها التوأم وقوة الذكرى
كندرا لم تخض هذا الحلم بمفردها فقد كانت تشاركها فيه شقيقتها التوأم كورتني، التي عانت هي الأخرى من نفس المرض، لكن بتأثيرات داخلية على الأعضاء الحيوية، وفي الوقت الذي كانت كندرا تتعلم كيف تتأقلم مع إعاقتها كانت كورتني تخوض معركتها مع المرض والتي انتهت بوفاتها في نوفمبر الماضي، قبل أشهر قليلة من قبول كندرا في كلية الطب، تتذكرها وتقول : “ذكراها هي دافعي للاستمرار. كل يوم أفكر في سبب وجودي هنا وأجد الجواب فيها.”
بيئة غير مهيأة وعقليات أكثر إعاقة
تتحدث كندرا عن التحديات اليومية التي تواجهها بدءًا من عدم ملاءمة البنية التحتية للمستشفيات ومرورًا بالصعوبات في فتح الأبواب وانتهاءً بالتمييز غير المباشر من بعض الزملاء أو العاملين، ورغم وجود خطط للتيسير ومساندة من بعض الأساتذة، إلا أن كندرا تقول إنها ما زالت تضطر للمطالبة بفرص تعليمية يحصل عليها زملاؤها بشكل تلقائي.
وتؤكد، أستطيع التكيف مع الأماكن غير المهيأة لكن لا يمكنني تغيير العقليات غير المهيأة.
المريضة التي فهمت أخيرًا
وسط كل هذا جاءت لحظة مؤثرة شكّلت علامة فارقة في تجربة كندرا، حين التقت بمريضة خلال تدريبها في قسم الطب الباطني، ورغم أنها لم تجد تفسيرًا لحالتها الطبية فإنها كانت أول من جلس ليستمع إليها حتى النهاية، تحكى كندرا عن هذا اللقاء بقولها، قالت لي: هذه أول مرة أشعر أن أحدًا ينصت لي حقًا، لقد شعرت أنني مفهومة”.