كوريا الجنوبية- جسور- فاطمة الزهراء بدوي
خطت كوريا الجنوبية وتايلاند خطوات واسعة في تسخير التكنولوجيا الرقمية لخدمة الفئات المهمشة، بإطلاق تطبيقات للهوية الرقمية تهدف إلى تحسين فرص ذوي الإعاقة في الحصول على الخدمات المالية والاجتماعية بسهولة وأمان.
في كوريا الجنوبية، أسندت مؤسسة سك العملة والطباعة الأمنية والتشغيل الإلكتروني لبطاقات الهوية (KOMSCO) عقد تطوير بطاقة تسجيل ذوي الإعاقة الرقمية إلى شركة “راونسيكيور” المتخصصة في حلول الأمن السيبراني والهوية الرقمية. ويهدف هذا المشروع إلى استبدال بطاقة التسجيل البلاستيكية الحالية التي تُستخدم للحصول على الخدمات الاجتماعية، بمنصة رقمية آمنة قائمة على تكنولوجيا البلوكشين.
صرح الرئيس التنفيذي لشركة راونسيكيور، لي سون-هيونغ، أن المشروع يمثل نموذجًا تطبيقيًا يُظهر كيف يمكن للهوية الرقمية القائمة على البلوكشين أن تساهم مباشرةً في تحسين جودة حياة الفئات الضعيفة اجتماعيًا، من خلال إزالة الحواجز الإدارية وتسهيل إثبات الهوية عن بُعد في أي وقت، دون الحاجة لحمل البطاقة الورقية.
تستند المنظومة إلى منصة OmniOne Enterprise، وهي تقنية أثبتت فعاليتها سابقًا في إصدار بطاقات الهوية الوطنية الرقمية ورخص القيادة الرقمية في كوريا الجنوبية. ومن خلال دمج هذه التقنية في بطاقة تسجيل ذوي الإعاقة، سيتم الحد من التزوير والاحتيال، وهي مشكلات أُبلغ عنها بشكل متكرر في النظام التقليدي المعتمد على البطاقات البلاستيكية.
المستخدمون سيستفيدون من إمكانيات التحقق الفوري من الهوية باستخدام هواتفهم الذكية، مما يقلل من الإجراءات المعقدة ويحمي حقوقهم في الوصول إلى الخدمات الاجتماعية. المشروع يُتوقع أن يكون نموذجًا يمكن الاستفادة منه على نطاق أوسع في بقية الدول التي تسعى إلى رقمنة نظمها الاجتماعية.
أما في تايلاند، فقد أطلقت وزارة التنمية الاجتماعية والأمن الإنساني تطبيقًا جديدًا تحت اسم “DepFund”، بهدف تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة اقتصاديًا من خلال الحصول على قروض مالية ميسّرة دون فوائد. ويتيح التطبيق تقديم طلبات القروض، متابعة حالتها، الاطلاع على الأرصدة، وسداد المدفوعات إلكترونيًا، ضمن منظومة متكاملة تربط بين بيانات المستخدمين ونظام الهوية الرقمية الرسمي في البلاد.
تم تطوير التطبيق من قبل إدارة تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة (DEP)، وهو متاح على منصتي iOS وأندرويد. ووفقًا لتقارير صحفية محلية، فقد استفاد أكثر من 300 ألف شخص من القروض حتى منتصف مايو الماضي، بإجمالي تمويل تجاوز 1.1 مليار بات تايلاندي، أي ما يعادل نحو 33.6 مليون دولار أمريكي.
القروض موجهة بشكل أساسي لدعم المشروعات الصغيرة في مجالات الزراعة والتجارة بالتجزئة، حيث يحصل الفرد على مبلغ يتراوح بين 60 ألف و120 ألف بات (نحو 1,835 إلى 3,670 دولارًا)، بينما يمكن أن تحصل المجموعات على تمويل يصل إلى مليون بات (نحو 30,600 دولار)، بفترة سداد تصل إلى خمس سنوات دون فوائد.
تُعد تايلاند من الدول الآسيوية الرائدة في استخدام التطبيقات الرقمية لتعزيز التمكين الاقتصادي للفئات المستضعفة، حيث يبلغ عدد المسجلين من ذوي الإعاقة في البلاد حوالي 2.2 مليون شخص، أي أكثر من 3% من إجمالي السكان وفق بيانات أبريل 2025.
تشير هذه الخطوات إلى تحولات جوهرية في فلسفة الرعاية الاجتماعية، حيث يُنظر الآن إلى التكنولوجيا كوسيلة فعالة للدمج والتيسير، بدلًا من الاعتماد على الحلول التقليدية التي غالبًا ما تزيد من التهميش. وتبرز تجارب كوريا الجنوبية وتايلاند كنماذج يمكن الاحتذاء بها في بقية دول العالم، خاصة تلك التي تسعى لتحقيق العدالة الرقمية وتوفير فرص متكافئة لذوي الإعاقة.