لم تكن الإعاقة السمعية التي ولد بها حمدان جمعان نهاية الحلم، بل كانت بدايته، فاختار أن يكون دليلا لغيره، ويحقق حلمه، من خلال عمله مرشدا سياحيا بلغة الإشارة.
التحق بكلية الآداب، قسم الإرشاد السياحي بجامعة الشارقة، بعد تفوقه في الثانوية العامة، وتخرج منها حاملًا شهادة لم تكن مجرد ورقة، بل كانت مفتاحًا لحلمه المؤجل.
يروي حمدان حكايته لـ”جسور” قائلًا:”لم يكن الطريق سهلًا على الإطلاق، عانيت كثيرًا، ليس فقط لأُريهم أن حلمي ممكن، بل لأُقنعهم أن الحلم من حقي تمامًا مثلهم، حين تخرجت بدأت أتخذ خطوات فعلية للبحث عن عمل، كنت أمتلك من الثقافة ما يؤهلني للمهنة التي أحلم بها، ومن الدراسة ما يجعلني مناسبًا لها، ولكنهم كانوا لا يرون سوى إعاقتي، حاولت إقناعهم بأن مجتمع الصم ليس بقليل، وأن هناك العديد من السياح المصابين بالإعاقة السمعية يحتاجون لمرشدين يجيدون لغة الإشارة، وفي الوقت نفسه يحفظون تاريخ بلادهم ويمتلكون القدرة على التأثير وتوصيل المعلومة، طرقت العديد من أبواب الشركات السياحية، سعيت وراء الفرص، لكن طلبي كان دائمًا ما يُقابل بالرفض، لا لضعف كفاءتي، بل لأنهم لم يسمعوني كما ينبغي”.
يقول حمدان:”ولأن الاستسلام ليس من طبعي، استكملت تطوير نفسي وتعلّمت لغات الإشارة المختلفة حتى أتقنت لغة الإشارة العربية والأمريكية، بعدها قررت أن أخلق فرصتي بيدي، أطلقت موقعًا إلكترونيًا، روّجت فيه لنفسي كمرشد سياحي بلغة الإشارة، شيئًا فشيئًا بدأ الموقع في الانتشار، وبدأ الزوار يتواصلون معي، وكونت سمعة طيبة بين مجتمع الصم على مستوى العالم في مجال السفر، وبدأت رحلاتي تنطلق من خلف الشاشات إلى أرض الواقع”.
ويضيف حمدان: بفضل الله ثم إصراري المستمر واحترافيتي وسمعتي الجيدة، وافقت هيئة الإنماء السياحي بالشارقة على منحي رخصة معتمدة لمزاولة مهنة الإرشاد السياحي رسميًا، وأصبحت أول مرشد سياحي أصم يعمل بلغة الإشارة ويقود رحلات للسائحين من كل أنحاء العالم.
حققت حلمي الذي طالما بتّ أراه كلما أغلقت عيوني، وأصبحت أُصِف تاريخ بلدي الحبيب بطريقتي الخاصة للسائحين، وكلي فخر وعزة أنني لم أتخلَّ عن حلمي، ولم أُفرّط في شغفي، ولم يضِيع حقي في أن أكون جزءًا من هذا التاريخ، الذي لم يتحقق إلا بجهود المخلصين.