Skip to content

مؤسس جمعية الأقزام:شاركت في كتابة دستور مصر واستلهمت الفكرة من الكويت

مؤسس جمعية الأقزام:شاركت في كتابة دستور مصر واستلهمت الفكرة من الكويت

مصر- جسور- شيماء اليوسف

في معركة الدفاع عن حقوق قصار القامة، يبرز اسم عصام شحاتة، مؤسس ورئيس جمعية الأقزام المصرية، وممثل الأقزام في لجنة الخمسين، التي شاركت في وضع الدستور المصري بعد ثورة  30 يونيو.

عاش عصام شحاتة سنوات من الكفاح القانوني والاجتماعي، من أجل تضمين حقوق قصار القامة، ضمن التشريعات المصرية، وكان شاهدًا وشريكًا، في لحظة فارقة، وهى كتابة دستور مصر.

” جسور ” تحاور عصام شحاتة، لنتعرف على أهم المحطات التي خاضها دفاعًا عن حقوق الأقزام، ونتوقف معه أمام ما تحقق من إنجازات، وما تبقى من تحديات ومطالب، تنتظر الاعتراف والدعم.


–  كيف وُلدت فكرة تأسيس جمعية الأقزام المصرية؟ وما الذي دفعك لتكون أول من يرفع هذا الصوت بشكل جماعي؟

ولدت فكرة الجمعية في ذهني منذ عام 1995، عندما سافرت إلى الكويت وعملت هناك في مطعم يحمل اسم “عالم الأقزام”.قضيت فيه ست سنوات، وكانت تلك التجربة حاسمة في إدراكي لأهمية وجود كيان يمثل الأقزام بشكل رسمي في مصر، ومع مرور الوقت، أصبح هذا الحلم أكثر إلحاحًا، فبدأنا في مخاطبة الدولة بشكل جاد، إلى أن تمكّنا من تأسيس “جمعية الأقزام المصرية” رسميًا في عام 2012، وتوليت رئاستها كأول رئيس لهذا الكيان.

وقتها كان عدد الأقزام في مصر يُقدّر بنحو 40 ألف شخص، واليوم تجاوز عددهم 90 ألفًا، كنا أيضًا قد أنشأنا نقابة للأقزام، وكنتُ رئيسها، لكنها أُلغيت لاحقًا، بعد قرار بإلغاء النقابات الفرعية، رغم ذلك، واصلنا الطريق، وكنت ممثلًا عن الأقزام، في لجنة الخمسين لصياغة الدستور، ونجحت في إدخال مصطلح “الأقزام” لأول مرة في تاريخ الدساتير المصرية عام 2013.

وفي 2015، التقيت بالدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي حينها، وتم ضم الأقزام رسميًا ضمن فئة ذوي الإعاقة، ما أتاح لهم الحق في استخراج شهادات الإعاقة والاستفادة من مزاياها، منذ ذلك الحين، عملت الجمعية على تقديم مساعدات شهرية للأقزام، وتنظيم رحلات ترفيهية مجانية، والمساهمة في تزويج الأقزام وتوفير مستلزمات الزواج لهم.

  • شاركت في لجنة الخمسين التي وضعت الدستور المصري بعد ثورة يونيو.. كيف ناضلت لتضمين حقوق الأقزام ضمن الوثيقة الدستورية؟

عندما بدأت مشاركتي في لجنة الخمسين، لم يكن للأقزام أي وجود حقيقي في ملفات الدولة، فئة ذوي الاحتياجات الخاصة كانت تنحصر في الإعاقات الذهنية، أو المكفوفين، أو الصم والبكم، أو أصحاب متلازمة داون. لكن الأقزام لم يكن يُنظر إليهم كأصحاب حقوق، كان هذا دافعًا قويًا لي لأناضل داخل اللجنة من أجل إدراج “الأقزام” صراحة ضمن الفئات المشمولة بالحماية والرعاية في الدستور. وكان هذا أول انتصار دستوري حقيقي لنا، بعد ذلك، شهدنا تطورًا ملموسًا في قانون رقم 10 لسنة 2018، الذي شكّل نقلة نوعية في حياتنا، حين اعترف لأول مرة بحقوقنا القانونية، وأكّد الرئيس عبد الفتاح السيسي بنفسه على ضرورة تفعيلها.

  • هل شعرت بتغيير بعد تلك المشاركة؟ وهل وجدتم تجاوبًا حقيقيًا من الدولة لتطبيق البنود الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة؟

رغم التقدم التشريعي، لا زلنا نواجه تهميشًا كبيرًا في التمثيل السياسي، سواء في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، نحن نُقدّر بـ90 ألف مواطن من قصار القامة، ومن حقنا أن يكون لنا ممثل حقيقي في البرلمان يُعبّر عن قضايا هذه الفئة وينقل صوتنا للرئيس، نحن من ساهمنا في تعديل القانون، ونعرف جيدًا ما يواجهه قصار القامة من تحديات، ليس فقط في مصر، بل في المجتمعات العربية ككل. لذلك، نطالب بتخصيص مقعد في البرلمان يُمثل الأقزام تحديدًا، من داخل جمعيتنا، لأنها أكثر الجهات إلمامًا بواقعنا.


– ما أبرز أشكال المعاناة التي تواجهونها يوميًا؟ هل التنمر المجتمعي، أم في صعوبة التعليم والعمل والزواج؟

لا نعاني كثيرًا من مشكلات في التعليم أو العمل، لكن هناك تفاصيل يومية تحتاج تدخلًا حقيقيًا. على سبيل المثال، يجب أن تكون الفصول التي يُدمج فيها طلاب من قصار القامة في أدوار سفلية، لأن الصعود للأدوار العليا يُعرّضهم لمخاطر كبيرة، كالسقوط والتعرض لكسور أو إصابات جسدية. أيضًا، ورغم مشاركتنا الفعالة في المجتمع، لا نجد دعمًا حقيقيًا لمبادراتنا.

أسّسنا أول مصنع في مصر خاص بالأقزام، ينتج ملابس مخصصة لنا ويعمل فيه عمال من الأقزام فقط، لكنه توقف بسبب غياب التمويل والدعم، مما أدى إلى تلف المعدات وتحول العاملين فيه للعمل بمصانع أخرى.

عبر الجمعية، أنشأنا قنوات تواصل في مختلف المحافظات لتقديم خدماتنا، وأطلقنا مجموعات على مواقع التواصل لحل مشكلات الأقزام وتوفير فرص عمل، سواء داخل مصر أو في العالم العربي. كما تعاونّا مع شركات تهدف إلى دمج ذوي الإعاقة في التنمية، وأبرمنا معها بروتوكولات لتوفير فرص عمل حقيقية للأقزام، بالتنسيق مع وزارة العمل، بحيث يتم تعيينهم بحسب محافظاتهم.

  • هل كانت هناك تجربة شخصية أو موقف في طفولتك شكّل وعيك المبكر بحقوق الأقزام وضرورة تنظيمهم داخل كيان رسمي؟

بكل تأكيد، عندما كنت طالبًا في المدرسة، كنت أتعرض أنا وزملائي من الأقزام لتنمر متكرر، كل ما كنت أتمناه حينها هو أن أجد مكانًا يقبلني دون سخرية أو إهانة، مكان أشعر فيه بالأمان والانتماء، هذه التجارب زرعت في داخلي إصرارًا كبيرًا على تغيير الواقع، ليس فقط لنفسي، بل لكل من يشبهني.

هذا الوعي هو ما دفعني لاحقًا إلى أن أكون على تواصل دائم مع الجهات المسؤولة، فكنت أرسل الفاكسات والتلغرافات بشكل دوري لأوصل صوتنا. وفي إحدى جلسات الحوار الوطني، حضرت مع مجموعة من الأصدقاء من الأقزام، وطرحنا مشكلاتنا بوضوح، وبدأنا نبحث عن حلول تضمن لنا حياة كريمة وحقوقًا متساوية. وكانت مشاركتي في لجنة الخمسين تتويجًا لهذه الجهود، حيث حرصت على أن ينص الدستور لأول مرة على حقوق الأقزام بشكل صريح.

  • هل ترى أن الأقزام بحاجة إلى تشريع خاص يُنصفهم؟ أم أن تطبيق القوانين القائمة بعدالة كافٍ لتحقيق المساواة؟

رغم أننا نجحنا في إدراج الأقزام ضمن المادة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة في الدستور، إلا أنني كنت أتمنى وجود مادة قانونية مستقلة تُعنى تحديدًا بقضايا الأقزام وتفاصيل احتياجاتهم، فعلى سبيل المثال، لا يستطيع كثير من قصار القامة الحصول على السيارات المخصصة لذوي الإعاقة بسبب اشتراط وجود مرافق، بحجة أن من يقل طولهم عن 140 سم لا يستطيعون القيادة بمفردهم. وهذا افتراض يمكن تجاوزه بسهولة. فأنا شخصيًا، بصفتي من قصار القامة، أقود سيارتي بكفاءة بعد إجراء تعديلات بسيطة على المقعد والدواسات، وهناك الكثيرون مثلي ممن تمكنوا من امتلاك سيارات ولكن لم يُسمح لهم بالحصول على رخصة قيادة، فقط لأنهم يفتقرون إلى “مرافق” لذا، نحن لا نطلب استثناءً، بل نطمح لتطبيق مرن ومنصف للقوانين، أو إصدار تشريع يُراعي طبيعة احتياجاتنا الخاصة.

  • كيف تنشط جمعية الأقزام المصرية في مدينة الإسكندرية؟ وهل تجدون دعمًا كافيًا من الجهات الرسمية هناك؟

في الإسكندرية، كما في بقية المحافظات، نحاول تقديم الدعم قدر استطاعتنا. منذ ولادة الطفل، يمكن بسهولة معرفة أنه من قصار القامة، بل ويمكن اكتشاف ذلك أحيانًا خلال الحمل. لذلك، نطالب وزارة التضامن الاجتماعي بأن يُمنح هؤلاء الأطفال ما يثبت إعاقتهم بشكل مبكر، كي يتمكنوا من الحصول على دعم “تكافل وكرامة”، الذي يُعد عونًا كبيرًا في بداية حياتهم.

كذلك، هناك إشكاليات تتعلق بالتعليم؛ فرغم أن الدولة أقرّت بإعفاء ذوي الإعاقة من المصروفات الدراسية، إلا أن أطفال قصار القامة ما زالوا يُطالَبون بها، بسبب تأخر حصولهم على “كارنيه الإعاقة” إلى ما بعد سن 18 عامًا. حتى في الجوانب الصحية، كعمليات التطويل التي تُكسب الشخص ما بين 10 إلى 15 سم، لا يوجد حتى الآن بروتوكول تعاون بين وزارة الصحة والجمعية لتغطية تكلفتها، ما يضطر الأهالي لتحمّل نفقات باهظة تصل إلى 200 ألف جنيه. كل هذه التفاصيل تُظهر الحاجة إلى دعم مؤسسي حقيقي، يبدأ من الاعتراف المبكر، ويمتد إلى التعليم والرعاية الصحية.

  • ما نوع الخدمات التي تقدمونها للأقزام؟ وهل تشمل دعمًا نفسيًا، طبيًا، قانونيًا، أم أنها تركز فقط على التوعية والمناصرة؟

نحن نسعى لتقديم خدمات متكاملة قدر المستطاع، ونعمل على أن تكون الجمعية مظلة حقيقية لدعم قصار القامة في مختلف الجوانب، على مستوى الأطفال، أسّسنا فرقًا رياضية في كرة القدم والسباحة، وكذلك فرقة للفنون الشعبية، لتوفير مساحة للتعبير والاندماج المجتمعي.

كما نجحنا في توفير كارنيه الإعاقة، وخدمات المواصلات المجانية، وفتح فرص حقيقية للعمل، وكل هذا بالتعاون مع الدولة والجهات المعنية. لقد لمسنا اهتمامًا رسميًا بالرعاية لم يكن موجودًا في السابق، والقانون بالفعل بدأ يُنصفنا ويمنحنا مساحة من العدالة والكرامة، ونحن نواصل العمل من أجل تعزيز هذه المكتسبات وتوسيعها لتصل إلى كل من يحتاجها.

المقالة السابقة
خالد الحربي لـ”جسور”: شغفي بالإعلام منذ الطفولة والكفاءة لا تُقاس بالبصر
المقالة التالية
مدير ملتقى”طيبة”بالسعودية: نركز على تأهيل الأطفال بمشاركة أولياء الأمور