«هوف للمكفوفين» ماراثون يعيد الإحساس بالحرية للمشاركين في بريطانيا

«هوف للمكفوفين» ماراثون يعيد الإحساس بالحرية للمشاركين في بريطانيا

المحرر: سماح ممدوح حسن-بريطانيا
ماراثون هوف للمكفوفين

وسط مدينة هوف الساحلية بجنوب إنجلترا.  أعاد ماراثون هوف للمكفوفين الحرية للعدائين المشاركين فيه. ومن بينهم العدّاء كيث تيرنر، الذي تحول الجري بالنسبة له إلى مساحة حقيقية لاستعادة الشعور بالاستقلالية والمعنى.

فالرجل البالغ من العمر 58 عامًا، والذي فقد بصره في سن التاسعة عشرة بسبب إصابته بالجلوكوما الخِلقية. وجد في الجري نافذة مفتوحة على الحياة، ووسيلة لمواجهة العزلة، وطريقًا لإعادة بناء علاقته بجسده والعالم من حوله.

ماراثون هوف للمكفوفين يحوّل الخوف لثقة وحرية وطاقة إيجابية

ومنذ أن انضم كيث إلى فعالية  Hove Promenade Parkrun، بدأ مسار حياته يتغير تدريجيًا. فبفضل شبكة متماسكة من العدّائين المرافقين المتطوعين، استطاع أن يحول الخوف إلى ثقة. والتردد إلى اندفاع، والقيود إلى طاقة إيجابية.

ومع اقترابه من المشاركة في سباقه رقم 200 ضمن فعاليات Parkrun الأسبوعية. يؤكد كيث أن الجري يجعله يشعر بأنه «حي»، ويمنحه إحساسًا لا يمكن تعويضه على أجهزة المشي المغلقة. وفي الوقت الذي أحب فيه كيث الجري خلال سنوات دراسته، فإنه ابتعد عنه بعد فقدان بصره، معتقدًا أن هذه المرحلة انتهت إلى الأبد.

غير أن نقطة التحول جاءت عندما طلب منه صديق مقرّب، وهو الطبيب البيطري لكلب الإرشاد الخاص به، أن يشاركه الجري في ماراثون لندن. ومن هنا، عاد الشغف من جديد، واستمر بلا انقطاع لأكثر من 23 عامًا، ليصبح الجري جزءًا أساسيًا من هويته اليومية.

وعلى نحو لافت، لا يكتفي كيث بالمشاركة في السباقات المحلية، بل يخوض تحديات دولية أيضًا. فقد شارك مع العدّاءة المرافقة كاتي إلياس في سباقات عبر جبال الألب النمساوية. كما سجّل إنجازًا استثنائيًا عام 2023 عندما حقق زمنًا قياسيًا في نصف ماراثون Great North Run  . كأسرع عدّاء كفيف دون استخدام رباط توجيه، معتمدًا فقط على السمع والثقة المتبادلة.

وفي هذا السياق، تلعب العدّاءات والعدّاؤون المرافقون دورًا محوريًا في تجربة كيث. فهم يقدّمون له إرشادات لفظية دقيقة، وتنبيهات مستمرة حول طبيعة الطريق والعوائق المحتملة. كما يساعدونه على الحفاظ على الإيقاع الآمن أثناء الجري. ومن هنا، لا يرى كيث الجري فعلًا فرديًا، بل تجربة جماعية تقوم على التعاون والتكافل.

وانطلاقًا من هذه القناعة، أسّس كيث مجموعة على تطبيق واتساب بعد انضمامه إلى نادي Arena 80 لألعاب القوى في برايتون. بهدف تشجيع الآخرين على التدريب ليصبحوا عدّائين مرافقين، وبناء مجتمع داعم يتجاوز حدود الرياضة التقليدية.

توسيع دائرة المشاركة أولوية

وفي الوقت نفسه، تؤكد الأرقام أهمية هذا النموذج المجتمعي. فقد أظهر استطلاع صحي أجرته جامعة شيفيلد هالام عام 2024 أن 23% من المشاركين والمتطوعين في Parkrun . يعانون من حالة صحية أو إعاقة أو مرض مزمن.

ومن ثم، ترى إدارة Parkrun أن توسيع دائرة المشاركة يمثل أولوية أساسية. وتوضح كيرستي وودبريدج، رئيسة قسم الاتصالات. أن ارتفاع متوسط زمن إنهاء السباقات يعكس نجاح الفعالية في جذب فئات لم تجد نفسها سابقًا في الرياضات التنافسية. ورغم بساطة مسار الجري في هوف، فإن التحديات لا تغيب تمامًا. إذ تنتشر الحجارة أحيانًا على الواجهة البحرية بفعل العواصف.

ومع ذلك، يوضح كيث أن وجود العدّائين المرافقين، إلى جانب متطوعي Parkrun الذين يراقبون المسار باستمرار، يجعل التجربة أكثر أمانًا وسلاسة. وفي هذا الإطار، يصف مارك بروكلهيرست، سفير دعم الفعاليات الإقليمي كيث بأنه شخصية محبوبة ومصدر إلهام داخل مجتمع Parkrun . كما يؤكد العدّاء المرافق تيري ويستلي أن التجربة قد تبدو مقلقة في بدايتها، لكنها تصبح أسهل مع التدريب والممارسة.

وفي النهاية، لا يتحدث كيث عن الجري بوصفه إنجازًا رياضيًا فقط، بل يقدّمه كرسالة أمل. فهو يرى أن إمكانية الوصول والدعم المجتمعي والثقة المتبادلة، قادرة على تغيير حياة المكفوفين وضعاف البصر. ولهذا السبب، يوجّه دعوته لكل من يتردد: «عندما تكتشف الجري، لن تتركه أبدًا»

المقالة السابقة
من أجل ابنته الكفيفيفة.. لاعب كرة قدم سابق يدهن مواقف سيارات ذوي الإعاقة بأيرلندا
المقالة التالية
7.2 مليار جنيه.. حصيلة غرامات استخدام سيارات ذوي الهمم فى مصر خلال عام واحد