محامية سنغافورية تخوض معركة الدفاع عن ذوي الإعاقات غير المرئية

محامية سنغافورية تخوض معركة الدفاع عن ذوي الإعاقات غير المرئية

المحرر: سماح ممدوح حسن - سنغافورة

تكرّس المحامية السنغافورية«بيجي يي» حياتها المهنية للدفاع عن الأشخاص ذوي الإعاقات غير المرئية، من اضطرابات الصحة النفسية إلى التوحّد والإعاقات الذهنية.

تسعى بيجي يي منذ أكثر من عقدين إلى بناء مجتمع أكثر وعيًا وإنصافًا لهؤلاء الذين لا تُرى معاناتهم بالعين المجردة.

وبحسب صحيفة ستريتس تايمز، فقد شهدت محاكم الدولة في سنغافورة مارس الماضي حدثًا غير مسبوق، تمثل في انعقاد أول ندوة حول الوصول إلى العدالة، حضرها نحو 400 شخص من العاملين في المجالين القانوني والطبي والخدمات الاجتماعية.

وفيها أعلن وزير الدولة الثاني للقانون آنذاك إدوين تونج، عن تشكيل فريق عمل متعدد الوكالات لدعم الأفراد ذوي الإعاقات غير المرئية داخل منظومة العدالة، بمن فيهم الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو احتياجات خاصة.

وخلف هذا الإنجاز البارز تقف امرأة واحدة كان حلمها يتحقق هذا اليوم: المحامية بيجي يي 61 عامًا، التي تدير مكتبها القانوني الخاص PY Legal، وتعمل في المجال منذ 38 عامًا.

تولت يي رئاسة اللجنة المنظمة للندوة وقضت عامًا كاملًا في إقناع المؤسسات الحكومية، وحشد شبكاتها المهنية لإنجاح المبادرة التي استضافتها منظمة Pro Bono SG  الخيرية للمساعدة القانونية المجانية.

مسؤولية شخصية

تقول يي في حديثها للصحيفة: «حين تدرك أن هناك حاجة حقيقية ولا تجد أحدًا يتحرك، تشعر أن المسؤولية تقع عليك شخصيًا».

كانت تتحدث من مكتبها في منطقة كلارك كواي، حيث تتوسط غرفة المكتب لوحة فنية لأم وطفل رسمها فنان مصاب بالتوحّد، رمزًا للعالم الذي تدافع عنه منذ سنوات.

وفي كلمتها خلال الندوة، قالت يي:«لا أحد يرتدي لافتة تقول إنه يعاني من اضطراب نفسي أو أنه مصاب بالتوحّد فكيف يمكن لهؤلاء الدفاع عن أنفسهم إن كانوا يواجهون صعوبة في معالجة المعلومات أو التعبير عن حقوقهم؟»

محامية القضايا المستحيلة

تتولى بيجي يي العديد من القضايا الجنائية والمدنية بشكل تطوعي، وغالبًا ما تدافع عن أشخاص متهمين في قضايا مثل المطاردة غير القانونية أو السرقة، ممن يواجهون صعوبات ذهنية أو نفسية. تقول بثقة:«التعاطف بلا فعل مجرد عاطفة. لا معنى له ما لم يتحول إلى التزام».

بيجي يي ليست فقط محامية، فهي أيضًا نائبة رئيس مؤسسة كانوسافيل للأطفال والخدمات المجتمعية، وعضو في مجلس إدارة جمعية كاريتاس الكاثوليكية في سنغافورة، وفي عام 2024، كرمتها نقابة المحامين في سنغافورة بمنحها جائزة سفير المساعدة القانونية التطوعية، وهي أعلى وسام تقدمه النقابة تقديرًا لخدمة تطوعية تتجاوز خمس سنوات.

تؤكد يي أن الوعي داخل المنظومة القانونية في سنغافورة تحسن كثيرًا في السنوات الأخيرة، إذ أصبح الشرطة والقضاة والعاملون في السجون أكثر تدريبًا للتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة أثناء التحقيقات والمحاكمات.

لكنها تشير إلى أن خيارات العقوبات ما زالت محدودة، فالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية قابلة للعلاج قد يحصلون على أمر علاج إلزامي  بدلًا من السجن.

تقول:«لكن المصابين بإعاقات ذهنية أو بالتوحّد لا يُعتبرون مؤهلين لذلك، لأن حالتهم تُعد طبيًا غير قابلة للعلاج» وتضيف أن إثبات العلاقة بين الإعاقة والجريمة يتطلب تقارير طبية منفصلة من الادعاء والدفاع وهي عملية معقدة ومكلفة، وتأمل أن تُبسّط هذه الإجراءات مستقبلًا.

وتختم بعبارة تلخص فلسفتها: «لا تكن جزءًا من المشكلة فقط، كن جزءًا من الحل»

حين واجهت مرض السرطان

لم تكن معركة بيجي يي القانونية الوحيدة في حياتها، ففي عام 2021، اكتشفت صدفةً أثناء فحص روتيني أنها مصابة بسرطان الثدي من المرحلة الثانية ب، وهو خبر صادم لم يمنعها من مواصلة عملها، بل أجّلت عمليتها الجراحية لتتمكن من حضور جلسة النطق بالحكم في قضية أحد موكليها، رجل مصاب بانفصام الشخصية اتُهم بالسرقة، حيث نجحت في الحصول له على أمر علاج إلزامي بدلًا من السجن.

تقول بابتسامة لا تخلو من التحدي: «لديّ السرطان بداخلي، لكنني ما زلت قادرة على التحدث، أليس كذلك؟»

وبعد علاج استمر عامًا ونصف، أعلنت الأطباء شفاءها الكامل، لتبدأ ما تسميه «المرحلة الثانية من حياتها»

تقول: «يجب أن أجعلها ذات قيمة، لا مكان في حياتي للجلوس في المقاهي أو شرب الشاي ».

ثمرة نضال طويل

اليوم، تكرّس بيجي يي وقتها لعائلتها ولمكتبها القانوني ولجهودها في نشر الوعي حول ذوي الإعاقات غير المرئية في المجتمع السنغافوري، وعندما استمعت إلى كلمة الوزير تونج خلال الندوة الأخيرة، شعرت بأن رحلتها الطويلة بدأت تؤتي ثمارها أخيرًا.

وتؤكد: «حين ترى مؤسسات الدولة تتحدث عن القضية التي كرست لها حياتك، تدرك أن كل هذا العناء لم يذهب سدى».

المقالة السابقة
مصر تُلزم المديريات بعدم نقل معلمي التربية الخاصة حمايةً لاستقرار طلاب ذوي الإعاقة
المقالة التالية
جامعات مصرية ومنح داعمة لذوي الإعاقة على أساس الجدارة.. تعرف عليها

وسوم

أمثال الحويلة (432) إعلان عمان برلين (508) اتفاقية الإعاقة (652) الإعاقة (148) الاستدامة (1151) التحالف الدولي للإعاقة (1123) التشريعات الوطنية (895) التعاون العربي (565) التعليم (87) التعليم الدامج (66) التمكين الاقتصادي (95) التنمية الاجتماعية (1145) التنمية المستدامة. (94) التوظيف (69) التوظيف الدامج (875) الدامج (60) الدمج الاجتماعي (680) الدمج المجتمعي (169) الذكاء الاصطناعي (90) العدالة الاجتماعية (79) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (556) الكويت (97) المجتمع المدني (1126) الولايات المتحدة (66) تكافؤ الفرص (1117) تمكين (95) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (564) حقوق الإنسان (83) حقوق ذوي الإعاقة (99) دليل الكويت للإعاقة 2025 (408) ذوو الإعاقة (163) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1079) ذوي الإعاقة (560) ذوي الهمم (61) ريادة الأعمال (435) سياسات الدمج (1103) شركاء لتوظيفهم (425) قمة الدوحة 2025 (693) كود البناء (493) لغة الإشارة (76) مؤتمر الأمم المتحدة (382) مجتمع شامل (1113) مدرب لغة الإشارة (682) مصر (106) منظمة الصحة العالمية (706)